هذا عالمي

هذا الوجود الذي تُقدّمه وسائل الإعلام السريعة أو البطيئة، ليس عالمي.

فهو عالم تعبق فيه رائحة الكراهية والعدوان.

وتقوم فيه دولةٌ ضدّ دولة، ويُعلن حزبٌ عداءه للحزب الآخر. وتتحكّم فيه الغرائز السلبية من عنف وجشع أو غيرة.

وتعلن فئةٌ عداءها للفئة المقابلة.

>>> 

ولكن، أين هو عالمك أيتها المرأة البسيطة؟

وهل تُقيمين في الواقع أم في الخيال؟

>>> 

على هذا التساؤل أجيب: إن عالمي هو ذاك المدى غير المحدود في الطبيعة العذراء، حيث لم تُعثْ يد الإنسان فساداً.

وهو مع الطيور التي لا تزال تحتفظ بألحانها الأصيلة، تطلقها في السَحَر والعشايا.

وفي المدّ الأزرق، من بحارٍ صابرة على الضيق، حتى إذا ازداد عليها ثقل الأحمال، أرسلت أمواجها إنذاراً وتنبيهاً إلى سوء الحال.

وعالمي في مدى غير محدود من القبّة الزرقاء.

في ثُغاء حمل لطيف يركض خلف أمه في المروج: هناك أجد راحتي.

في إطلالة الفجر وغروب شمس يوم آخر من دورة الحياة.

وأعتبر أني محظوظة كي أظفرَ بتلك الهبات.

وعالمي في صدى صرخات أطفال، يجرون ويلعبون في الساحات. كما في ضحكهم، وهم، ببراءتهم يُغدقون علينا دروساً لا يُدركها الفلاسفة والعلماء.

>>> 

وعندما ترفُّ الطيور، في مسار هجرتها والإياب، تنبِّهني إلى التواصل القائم بين جهات الوجود؛ وتعلِّمني دروساً لا تُحصى، في المثابرة والأمل.

حتى إذا نقلت بصري لأتأمّل الأرض التي تحملني، وبكل الصبر والثبات، تطلُّ عليّ بواكير الأزهار في قيامة تجدّد تتكرّر مع كل فصل.

وعالمي هناك، عند ينابيع تتفجّر بماء الحياة، أو أنهر تُحدّد مجاريها، ولا تسخر من الجداول الصغرى، بل تفتح لها صدرها، وتغمرها مثلما تغمر الجدّة طفلاً يلجأ إلى حضنها.

>>> 

هذه هي الدنيا التي إليها أفيءُ من صقيع العالم، وقسوة أهله، فأجدُ عندها كل الراحة والاطمئنان.