مخاوفك لها منبع قد لا تراه، إما لأنها مندثرة تحت حجر ذكرى، وإما هي أمامك لكنك لا تريد مواجهتها.
في لحظة معينة تنهال عليك كالفيضان..
يتسارع فيها النبض ويضيق التنفس لمجرد تزاحم فكرة بعينها!
مُلّحة كطفل لَحوح لا يتركك حتى يأخذ منك ما يريد!
إن (فار التنور) وشعرت بها قادمة، جُرها من تلابيب عنقها وتتبع منبعها، اردمها أو استخدم معها أسلوب الإزاحة (طوق النجاة) وقبل أن ترسو، حمّل من كل ذكرى طيبة اثنين اثنين،
واستبدل المؤلم بالجميل.
أكثر الأمور التي تخيفني، تلك التي تأتي من النقيض وتأتي من حيث لا نتوقع.
المخاوف لا تأتي بالضرورة من شر يتربص بنا ويجب التصرف حياله. بعض المخاوف يكفي رفضها لتختفي وبعضها يجب تقبُلها والطبطبة عليها.
وكل ما يخالف الفطرة هو مُربك ومخيف؛ كأن ترى أفعالاً مشينة من طفل وهو مصدر للبراءة، أنانية أم وهي أساس العطاء، وقسوة أب وهو باب الأمان ...
مخيفة الفكرة ذاتها، أن ينتفي مصدر الشيء بنقيضه! وكأن ناموس الحياة هنا تبدّل.
فلن تتقبل عدائية مُهّرج لا تأتي منه إلا الضحكة، ولا تصابي كهلٍ عجوز تنتظر منه حكمة ووقاراً.
الحياة الصافية إن تعّكر صفوها اعلم بأن دخيلاً دخل على تكوينها! عنصر غير مرغوب به، تلفظه الفطرة وتأبـى الامتزاج به.
عليك غربلتها من شوائبها وتقويمها فتعود لأصلها.. مصفاتك بيدك دائماً، لا تتركها!
وحين تُقّوم الأشياء لا تكسرها، فتخسر مرتين.
ليتنا لا نعبث بالأصول وسننها، وندع أحباب الله على فطرتهم بعيداً عن التصنع وكذب الحياة..
ليت مصادر الفرح لا يلحقها تغيير يُبدل ملامحها ويأتي بنقائضها.
لتبقى الأعياد بثوبها الأبيض، و(المراجيح) تغني ذهاباً وإياباً، وصناديق الموسيقى الخشبية تدور على نغم السعادة بلا نشاز.
اعطوا الأشياء مسمياتها، وأنزلوا الناس منازلهم..
مخيفة هي الأيام حين تختلط علينا. ونصبح فيها بلا أرشيف ولا هوية! فنضطر استيرادها من الخارج بلا جودة!
مخاوف أحدهم
لا تعبثوا بالقلوب؛ فوالله هناك من يرتاب من ذكر أسماء بعينها أمامه، وهناك من يخشى المرور من
مكان ما لذكرى أنهكته، تلاحقه كلعنة، وهناك من يجافي الماضي بأكمله، فلا يرى صوراً قديمة ولا يراجع ذكرياته مع أحبابه رفضاً لواقع كان.