يُعد عصيان الأوامر من أبرز المشكلات التي يعاني منها الآباء مع أبنائهم خلال مرحلة الطفولة ويمثل تحدياً يحتاج كثير من الصبر لتجاوزه والسيطرة عليه، ولكن هل برمجة الطفل على الطاعة وقبول الأوامر أمراً إيجابياً في جميع الحالات، أم أن الرفض والنقاش يمكن أن يكون مقبولاً في بعض الحالات، بيّنت المستشارة الأسرية نجلاء ساعاتي بأن الخبرات تتكون عند الأطفال دون سن البلوغ مما يرونه من حولهم من الآباء والمربين والمجتمع، ويؤثر ذلك في احتياجاتهم وزرع القيم في سلوكياتهم، فالأطفال المطيعين الطاعة العمياء يصنفهم علماء التربية بأنهم أطفال غير طبيعيين، لأن الطفل الطبيعي يجب أن يكون شغوفاً باللعب والاكتشاف ويُظهر ما بداخله من تساؤلات، تقول: "من الضروري أن نفهم بأن رفض الطفل للأوامر يُسمى (السلوك التوكيدي)، وهو يدل على أن شخصية الطفل سليمة لأنه يحاول الانفصال بشخصيته ويرفض التبعية، وذلك جانباً إيجابيًا لأن الأطفال الذين تعودوا التبعية والانقياد غالباً ما يقعون في المشاكل وهم أكثر الأطفال عرضة للتنمر والتحرش.
ما هو السلوك التوكيدي:
يُعرف السلوك التوكيدي بأنه قدرة الطفل على التعبير الملائم "لفظا وسلوكا" عن مشاعره وأفكاره وآرائه ومواقفه تجاه الأشخاص والأحداث والمطالبة بحقوقه دون ظلم أو عدوان.
ويعد تعزيز السلوك التوكيدي لدى الأطفال مهم جداً، لأنه من أهم المهارات التي تستخدم لحماية الطفل وتحذيره من أن يقع في المشاكل والتي ينتج عنها حدوث اضطراب نفسي أو ضعف في التفاعل مع المجتمع، كما ويتميز الطفل المؤكد لنفسه بدرجة عالية من الفاعلية في العلاقات مع من حوله، وأيضاً برضا وقدرة أكثر على تحقيق الأهداف والإحساس بالراحة والأمان".
قوانين لتعزيز السلوك التوكيدي لدى الطفل:
• تشجيع الطفل على التعبير عن رأيه بالرفض في بعض الأحيان، لأن ذلك شيء إيجابي ستجني الأسرة ثماره حينما يصل الطفل لمرحلة المراهقة، ولكن يجب التوضيح للطفل بأن التعبير لابد وأن يكون ضمن ضوابط الحوار الهادف والبناء.
• وضع مدّرّج للسلوك التوكيدي المراد تطبيقه على واقع الطفل يتضمن احتياجاته وما يظهر عليه من سلوك، بحيث يبدأ بالأهون ثم الأشد منه وليس العكس، كأن يرفض الطفل نوعاً معيناً من الطعام بعد أن حضرته والدته ويقوم برميه على الأرض مع تعزيز رفضه بالصراخ والبكاء، هنا يجب التدرج مع الطفل بتفهم شعوره، ثم محاورته وصولاً إلى سلوك رمي الطبق
• ممارسة أسلوب التكرار والإعادة "تطبيق عملي بمثابرة" وذلك بإعادة السلوك والتدرب عليه مراراً حتى إتقانه، ومثاله أن يقوم الطفل بفتح الثلاجة وتناول الطعام منها في أي ساعة دون الالتزام بمواعيد معينة، هنا يتعين على الأم تدريبه على تسخين الطعام وعدم تناوله بارداً، إغلاق باب الثلاجة، تكرار مواعيد الطعام الثابتة على مسامع الطفل مرات عديدة.
• استخدام أسلوب الاستجابة الفعالة، والتي تُعرف بأنها النشاط أو السلوك الذي يقوم به الفرد عقب حدوث المثير، كأن يرفض الطفل الخروج من متجر الألعاب ويصرخ ويصر على شراء لعبة معينة، هنا على الأم أن تتفق معه بأنه إذا توقف عن الصراخ ستفعل له أمر يحبه، موافقة الطفل هي استجابته الفاعلة.