يعتبر الحمل واحداً من أهم الفترات في حياة المرأة، وإن الحفاظ على حمل سليم خال من الاختلاطات والعقبات أساسي جداً من الناحية البيولوجية، العقلية والنفسية في صحة المرأة الحامل ومستقبل المولود القادم. تواجه المرأة المصابة بالصرع العديد من التحديات والقلق حول إمكانيّة الحمل واستمراره وسلامة الجنين وخلوّه من التشوهات الجنينية والولادة السليمة. بعض هذه التحديّات قد تكون حقيقيّة وواقعيّة، ولكن للأسف أغلبها يطغى عليها الاعتقادات الخاطئة والجهل بالموضوع، والمخاوف المتوارثة عبر الأجيال والتاريخ والتي لا مبرّر لها في عصرنا الحالي، الّذي سمح بتسليط الضوء على العديد من أسباب المرض، آليّته، والوقاية من حدوث النوب وكيفيّة علاجها.
د. قيصر زحكا، استشاري الأمراض العصبية، يعطي إجابات لأكثر التساؤلات إفادة للحوامل المصابات بالصرع. يعطينا بعض النصائح العمليّة تجاه هذا الموضوع.
1- ما قبل الزواج: الاطمئنان على الوضع الصحي العام
قبل البدء بقرار الزواج، من الضروري جداً للأنثى المصابة بالصرع أن تزور طبيبها أو الطبيب المختص، من أجل معرفة وضعها الصحّي العام، هل يحدث نوبات أم لا، مدى انتظام الدورة الطمثيّة، هل هناك تأثير من الدواء على الدورة الطمثيّة، أو أيّة اختلاطات أخرى قابلة للتغيير، هل الدواء الموصوف هو الدواء الأنسب لهذه الحالة ولفترة الحمل فيما بعد؟
2 - بعد الزواج وقبل الحمل: متابعة التغيرات الهرمونية
يفضّل أن تتمّ زيارة الطبيب بعد الزواج لمعرفة فيما إذا حدثت أيّة تغيّرات بعد الزواج بشأن الدورة الطمثيّة، بشأن تكرّر النوبات، الاستجابة للدواء، أو أيّ تساؤلات أخرى. علينا ألا ننسى أن الزواج يترافق بالعديد من التغيّرات العاطفيّة والحياتيّة والهرمونيّة الّتي قد تؤثّر على الوضع السابق. من الضروري طبعاً تناول حمض الفوليك مع الأدوية المضادة للصرع، وعلينا ألا ننسى أن النوم الصحيح والغذاء الصحيح وبعض التمارين الرياضيّة وتجنّب التوتّر الزائد والحالات الانفعاليّة الشديدة هي من أهمّ أسس الوقاية.
3 - اختيار الأدوية المناسبة المضادة للحمل
هنا يجب التنظيم بين الطبيب الاختصاصي بالأمراض العصبيّة وبين الطبيب الاختصاصي بالأمراض النسائيّة والحمل؛ من أجل اختيار الطريقة الأفضل لمنع الحمل. علينا ألا ننسى أنّ للهرمونات النسائيّة دوراً بالغاً في حدوث النوبات، فالأستروجين قد يزيد من احتمال وقوعها، والبروجسترون قد يقلّل من حدوث النوبات وبالتالي، يكون اختيار الوسائل والأدوية المناسبة لكلّ حالة بحدّ ذاتها.
كيف تتصرف الحامل المصابة بالصرع؟
4- خلال الحمل: مراقبة التشوهات الجنينية
تلعب هنا المراقبة الدوريّة أهميّة بالغة. يجب على الأنثى الحامل المصابة بالصرع المتابعة مع الطبيب الأخصائي بالأمراض النسائيّة والحمل بشكل شهري؛ للتاكّد من سلامة الحمل والخلوّ من التشوّهات الجنينيّة.
إن نسبة التشوهات الجنينية 1-2% في المرأة غير المصابة بالصرع، وترتفع إلى 2- 3% في المرأة المصابة بالصرع التي لا تتناول أي دواء. تختلف الأدوية بشكل كبير في إحداثها للتشوهات الجنينية "فالبروات الصوديوم" Sodium Valproate مثلاً يحدث تشوهات بنسبة 10,3%، بينما تكون بنسبة 5,5% في الكاربامازبين Carbamazepine و6,4% في الفينتوئين Phenytoin ، و6,4% في الفنوباربتال، ونسبة 3,9% في التوبيرمات Topiramate ، ونسبة 2.9% في اللاموترجين Lamotrigine و2,8% في الليفيتيراستام levetiracetam. يتم اختيار الدواء حسب نوع الصرع وتواتره والقصة المرضية للشخص واعتبارات شخصية أخرى.
فكما نرى من الأرقام السابقة أنّ أكثر من 92% من الحمول، لا يحدث فيها أيّة تشوّهات جنينيّة على عكس المعلومات الخاطئة المتداولة، وإنّ اتّباع الطرق الصحيّة وتناول الفيتامينات والمعادن وحمض الفوليك خلال الحمل هو الحلّ الأمثل لتجنّب مثل هذه الاختلاطات.
5 – العمل على إيقاف أي نوبة
بالإضافة للمتابعة مع الطبيب المختصّ بالأمراض النسائيّة بشكل شهري، يفضّل المتابعة مع الطبيب الأخصّائي بالأمراض العصبيّة كل 3 أشهر، أو في حال حدوث أيّة نوبات أو اختلاط. إنّ نسبة تواجد الأدوية بالدم وبالتالي منع النوباب، تختلف أثناء الحمل بنسب مختلفة بسبب زيادة الوزن، التغيّرات الهرمونيّة، وبالتالي كمية الدواء في الدم، وهنا يأتي دور الطبيب الأخصّائي بالأمراض العصبيّة من أجل تحديد الجرعات المناسبة.
6 - خلال الولادة وبعدها.. الرضاعة الطبيعية هي الأفضل
يفضّل الاستمرار بتناول الأدوية الموصوفة خلال الولادة وبعدها. تتمّ عملية تخفيض الدواء المضاد للصرع تدريجيّاً بعد الولادة للوضع السابق قبل الحمل وحسب درجة السيطرة على المرض. يتمّ إعطاء النصائح بشأن الإرضاع وتواجد الأدوية بالحليب. لقد أثبتت الدراسات المختلفة أن الرضاعة الطبيعية تحتوي على الأدوية المضادة للصرع أكثر فائدة من عدم الإرضاع الطبيعي؛ ظنّا بأنّ هذه الأدوية قد تضرّ الوليد. يحتوي الحليب الطبيعي على العديد من المواد التي تحافظ على مناعة وصحّة ممتازة عند الوليد، هذا عدا عن التأثيرات النفسيّة عند الوليد والأمّ على السواء.
7 – الراحة وأخذ ساعات كافية من النوم
لا شكّ أن الاستيقاظ المتكرّر خلال الليل بعد الولادة قد يشكّل عبئاً كبيراً على المرأة، ويزداد احتمال النوب، بسبب الأهميّة البالغة للنوم عند مريض الصرع، وهنا يأتي دور المساعدة من الزوج والأقرباء، وانتباه المرأة لتعويض بعض النقص خلال النهار، ومحاولة الاسترخاء وعدم التوتّر، ويجب على أفراد العائلة فهم هذا، وإحداث بعض التغيّرات المطلوبة؛ للحفاظ على جوّ عائلي سليم.
* ملاحظة من «سيدتي نت»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص