يُعدُّ "اليوم العالمي للتطوع"، الموافق 5 ديسمبر من كل عام، مناسبةً لعرض سير أشخاصٍ، قدموا الكثير لمجتمعاتهم بغرض الارتقاء بها من خلال مساعدة أبنائها، ووضعهم على الطريق الصحيح لبناء وطنهم عبر توفير كل ما يحتاجون إليه للتقدم والتطور..وفي السعودية، التي تحثُّ أبناءها على التطوع من خلال "رؤية 2030"، وتسعى إلى نشر هذه الثقافة في المجتمع، وغرسها في نفوس الجميع، برزت أسماء كثيرة، وضعت بصمات تطوعية لا تنسى.
"سيدتي" التقت عدداً من المتطوعين والمتطوعات السعوديين، وسألتهم عن أهدافهم التطوعية، والعراقيل التي يواجهونها في المجال، وكيفية التغلب عليها.
تطوير الذات
بدايةً، كشفت فاطمة عبدالرحمن الملا، ناشطة اجتماعية وعضو في عديدٍ من الجهات التطوعية بالسعودية وحاصلة على الرخصة الدولية في العمل التطوعي، عن أهدافها التطوعية، قائلةً: "تكمن أهدافي التطوعية في تطوير الذات، واكتساب الخبرات، لا سيما في كيفية التعامل مع الجمهور، إضافة إلى سد الاحتياج المجتمعي لعدد من الخدمات".
مضيفةً "بفضل الله، استطعت تنفيذ أكثر من 60 برنامجاً تدريبياً تطوعياً دون مقابل، إلى جانب تقديم استشارات إدارية تدريبية مجانية".
وعن العراقيل التي يعاني منها المتطوعون في السعودية، أوضحت فاطمة: في عملنا التطوعي جهلُ المجتمع بأهمية التطوع والجهود التي يقدمها المتطوع
إلى جانب إشراك متطوعين لا يمتلكون أي خبرةٍ في الأعمال التطوعية، مثلاً هناك شخصياتٌ تلتحق بالعمل التطوعي بوصفه واجهةً اجتماعية فقط دون أدنى وعي بأهمية التطوع
إضافة إلى شخصياتٍ بارزة في مجال تخصصها، لكن لديها كثيرٌ من الانشغالات، لذا يكون عطاؤها منخفضاً، مع عدم الاحتفاظ بالممتلكات الخاصة للجهات التطوعية".
شبابنا معطاءٌ
وتحدث عبدالله منصور الرديني، الملقَّب بـ "سفير العمل التطوعي في السعودية" والحاصل على الرخصة الدولية للعمل التطوعي والرخصة الدولية للمسؤولية المجتمعية، عن رحلته التطوعية التي بدأت قبل عشرة أعوام، وحصد خلالها أكثر من 100 شهادة تدريبية بالقول: "بدأت رحلتي في العطاء الإنساني عام 2009، فور تخرُّجي في المرحلة الثانوية
: قررتُ أن أصنع من نفسي نموذجاً لأبناء وطني المعطاء، فالتحقت فوراً بدورات تطوعية، ما زاد من شغفي بالتطوع وتعلُّقي به، وبعد فترةٍ بادرتُ بالمشاركة في تنظيم بعض الملتقيات، وجعلت عملي أكثر تنظيماً بالالتحاق بجهات تطوعية
تابع : واجهت تحديات كثيرة، تعلَّمت منها الإصرار على تحقيق النجاح من أجل تقديم أثرٍ جميلٍ في هذه الحياة، منها ضعف ثقافة التطوع في المجتمع
: وتخطيت ذلك بإقامة دوراتٍ تثقيفية، احتويت فيها الشباب، وعلَّمتهم الأسس التي تحكم هذا المجال، إضافة إلى ضعف اكتشاف المواهب الشابة، وواجهت هذا الأمر بمنح الشباب الفرصة للمشاركة برأيهم، والعمل مع الجهات والمؤسسات التي تنشط في مجال العمل التطوعي، وتقديم أفكارٍ تطوعية مبتكرة".
وأردف بالحديث عن أهمية اليوم العالمي للتطوع قائلاً: "علاقتي بالتطوع مثل الماء للسمك، والهواء للحياة. التطوع مدرسةٌ، تزخر بالخبرات والتحديات، وتكمن لذته في المبادرات والخدمات التي نخدم بها الوطن والمواطن وذكرى اليوم العالمي للتطوع مناسبةٌ يُحتفى فيها بالشباب المتطوع والمتميز بعطائه وإبداعه، ومن أجل تسليط الضوء على إسهاماته وما يبذله من جهود جبارة
: ومن وجهة نظري هذا اليوم مهم جداً لتوعية المجتمع بفوائد التطوع، وزيادة ثقافته التطوعية وتحفيزه لا سيما مع الرؤية السعودية الطموحة والملهمة، التي تعمل على رفع عدد المتطوعين في البلاد إلى مليون متطوع".
وحول طريقته في قضاء هذا اليوم، كشف: "أحتفل بهذا اليوم عبر نشر صورٍ وكلمات عن التطوع، وإبراز دور الشباب فيه من خلال منصتَي تويتر وسناب شات"
العطاء سعادتي
أشواق صليح السفياني، طالبة جامعية في تخصُّص التسويق ومتطوعة في فرقٍ تطوعية عدة ومحاربةٌ لمرض الفشل الكلوي، أنها تعشق العمل التطوعي، وقد كوَّنت من خلاله علاقاتٍ كثيرة بعد دخولها المجال والعمل مع عددٍ من الفرق التطوعية، مبينةً أنها اكتسبت خبراتٍ كبيرة
: "استطعت خلال ممارستي العمل التطوعي اكتساب عديدٍ من الخبرات والمهارات، وتعرَّفت على ما أحبُّ أن أعمله في الحياة، وتمكَّنت من إيجاد نفسي فيه، لذا أعدُّ التطوع جزءاً مني وعالمي الثاني، وأسعى من خلاله إلى إسعاد مرضى الفشل الكلوي خاصةً، ومَن حولي بشكل عام، وأتبع في مسيرتي التطوعية مقولة غازي القصيبي، رحمه الله: عندما نعيش لنسعد الآخرين، يرزقنا الله بآخرين ليسعدونا".
موضحةً أنها تبحث عن العطاء لا الأخذ "فكلما أعطيت، أخذت دون أن أطلب".
وحول الصعوبات التي تواجهها لأداء عملها التطوعي، قالت أشواق:
"أكثر ما يقف في طريقي أثناء ممارستي عملي في المجال التطوعي حالتي الصحية، وحينما أكون مشاركةً في عمل تطوعي، ولدي في الوقت نفسه جلسة غسيل كلى، أحرص على إنهائه بعد الخروج من المستشفى بسبب حبي للعمل التطوعي، وسعادتي بأدائه"، متمنيةً أن تنتشر ثقافة التطوع في كل مكانٍ، لا سيما في الجامعات والمدارس والروضات
حتى نعيش في مجتمع يقوم على العطاء ومساعدة المحتاجين، مشددةً على أنها ستكمل المشوار على الرغم من ظروفها الصحية، لأن التطوع بات جزءاً لا يتجزأ من حياتها.