لم تعرف السينما المصرية نجماً مثل رشدي أباظة. فشخصية الفتى الأول التي جسدها على الشاشة لسنوات طويلة بأسلوب لم يستطع أحد منافسته فيه تداخلت إلى حد كبير مع شخصية الدنجوان التي سيطرت إلى أقصى حد على حياته الخاصة، وقد شهدت حياة رشدي أباظة خمس زيجات تابع جمهوره أحداثها بنفس الشغف الذي تابعوا به أفلامه.
تزوج رشدي أباظة من تحية كاريوكا والأميركية باربرا والدة وحيدته قسمت، ثم تزوج من سامية جمال ثم صباح وأخيراً نبيلة أباظة. «سيدتي» نجحت أن تخرج أدهم دياب عن صمته ليتحدث للمرة الأولى للصحافة عن الذكريات الخاصة بجدّه، والتي حكتها له والدته الراحلة قسمت رشدي أباظة.
جسد رشدي أباظة عدداً كبيراً من الأدوار المختلفة والمتنوعة والتي تعدّ من أهم أفلام السينما المصرية مثل: «صراع في النيل»، «الرجل الثاني»، «امرأة على الطريق»، «لا وقت للحب»، «عروس النيل»، «غروب وشروق»، «شيء في صدري»، «في بيتنا رجل» وغيرها من العلامات الفنية.
ورغم مرور 40 عاماً على رحيل رشدي أباظة حيث رحل عن دنيانا في 27 يوليو عام 1980، إلا أنه ما زال حالة فريدة تستحق التأمل وما زال الدنجوان وفتى الأحلام لكل الأجيال وحتى وقتنا هذا.
العام الماضي، رحلت قسمت، ابنته الوحيدة وحبه الحقيقي، وكان رشدي أباظة حاضراً في حياة قسمت التي كانت تحكي عنه لابنها الوحيد أدهم دياب، الذي يعيش في إنجلترا مع زوجته وابنته ويعمل في مجال الاتصالات.
هل تتذكر ما قالته لك والدتك قسمت رشدي أباظة عن والدها؟
مازلت أتذكر كل كلمة قالتها لي عنه ورغم أنني فقدتها العام الماضي، وسببت لي أكبر وجع في حياتي إلا أنها تركت لي ذكرياتها مع جدي «إمبراطور السينما المصرية». فقد كانت تقول لي «أنت أخذت من أبي يا أدهم طيبة القلب والجدعنة والكرم والتسرع في التصرف في بعض المواقف مع الشبه في الشكل إلى حد كبير».
هل رفضت والدتك في حياتها أن ينتج مسلسل عن حياة جدك؟
أمي، رحمة الله عليها، عرض عليها أكثر من مرة مشروع مسلسل يتناول قصة حياة جدي، ولكنها لم تقبل أن يكون المسلسل دون المستوى خاصة من ناحية الإنتاج؛ لأن هناك مسلسلات شاهدتها لم تنجح أنتجت عن حياة نجوم كبار في تاريخ الفن والتمثيل والغناء بسبب ضعف الإنتاج والمستوى العام.
أنا أفكر الآن بأن أقدم حياة جدي في عمل ضخم قوي عالمي يليق باسم رشدي أباظة، وأن تنتجه إحدى المنصات الكبرى العالمية وأن يترجم إلى جميع اللغات الأجنبية ويقوم ببطولته نجم ذو مواصفات عالمية.
هل حكيت لابنتك عن جدك رشدي أباظة؟
ابنتي تحب رشدي أباظة جداً، فقد كانت أمي تحكي لها عنه وتطلعها على ألبومات الصور الخاصة به، وكانتا دائماً تشاهدان معاً فيلم «صغيرة على الحب».
هل أحببت التمثيل مثل جدك؟
أحب مشاهدة الأفلام والمسلسلات فقط لكن لم أحب أبداً أن أكون ممثلاً مثل جدي، ولم يستهوني التمثيل رغم تشجيع أمي وأبي الفنان الراحل أحمد دياب، وأنا الآن أعمل في مجالات الاتصالات بلندن ومعي زوجتي وابنتي.
أصعب أيام عاشتها أمي
كيف كان رشدي أباظة الأب حاضراً دائماً في حياة قسمت؟
كان دائماً حاضراً في حياة أمي ليس فقط من خلال صوره المعلقة على الجدران والألبومات التي تملأ مكتبة البيت، ولكن كان هناك إحساس غريب تشعر به أمي. فعندما كانت تشاهد أفلامه تتجه بسرعة إلى التليفون وتوشك أن تدير القرص بأرقام شقته القديمة في شارع عرابي قبل أن تفيق على حقيقة أنه لم يعد موجوداً.
أمي كانت تحب جدي بجنون لدرجة أنها وافقت على الزواج من أبي الفنان الراحل أحمد دياب؛ لأنه كان يشبه جدي إلى حد كبير.
أصعب أيام عاشتها أمي عندما أصيب جدي بمرض السرطان وظل في مستشفى العجوزة مدة طويلة حتى رحيله عام 1980.
كيف تعرّف على جدتك باربرا الأميركية؟
حكت لي أمي أن حبهما بدأ عام 1955 سرعان ما تحوّل إلى زواج استمر ثلاث سنوات من عام 1956 حتى 1959. وكانت جدتي باربرا تقيم بالقاهرة مع زوجها بوب عزام الذي اشتهر في تلك الفترة بأغنية «يا مصطفى يا مصطفى»، التي كان يقدمها في فندق شبرد. وهناك بالتحديد شاهدها للمرة الأولى وتطورت العلاقة بينهما سريعاً إلى حب انتهى بطلاقها من بوب عزام وزواجها من جدي. ولكنها لم تستطع الاستمرار طويلاً فقد ضاقت بانشغال رشدي الدائم عنها بعمله، وأيضاً ضاقت بصداقاته الكثيرة وخصوصاً مع الفنانات، فانفصلا بعد أن أنجبت أمي التي كان عمرها وقت الانفصال عامان فقط. وقتها لم تدرك أمي شيئاً مما يدور حولها. كل ما كانت تعرفه أنها انتقلت فجأة للإقامة مع جدتي في فيلا خلف قصر البارون، وظلتا هناك أربع سنوات ثم انتقلتا مرة أخرى للإقامة في شقة بالزمالك لمدة عام واحد حتى تزوجت جدتي من الممثل جمال فارس، وسافرت معه إلى بيروت.
كان زوجاً مثالياً
متى انتقلت والدتك للإقامة مع رشدي أباظة وسامية جمال؟
عندما بلغت سن السابعة انتقلت للإقامة مع جدي في شقة الزمالك في عمارة ليبون عندما كان متزوجاً من سامية جمال في تلك الفترة، وحكت لي أمي أن سامية كانت تعاملها برقة بالغة، وكانت كل طلباتها مجابة وتعتني بها لدرجة أنها تصمم على توصيلها للمدرسة كل يوم، وتظل بجوارها في المساء حتى يغلب أمي النوم، ووقتها كانت أمي تسافر لزيارة جدتي بربارا مرة كل ثلاثة أشهر. وعندما بلغت أمي سن الحادية عشرة انتقلت للإقامة مع جدتي في لندن، ولكنها لم تطق الحياة مع زوجها. فعادت مرة أخرى إلى مصر بعد عام واحد وفوجئت بتغير كامل في طريقة معاملة سامية جمال لها، لقد كانت تمنعها من الخروج مع أصدقائها والكلام في التليفون، وشعرت أمي بكبت وعدم أمان وقررت أن تصارح جدي فانتظرت عودته في ليلة وانفجرت باكية وقالت له إنها لن تستطيع أن تعيش معها، فوافق على انتقال أمي للإقامة مع والده سعيد أباظة في العجوزة، وكان هذا الحادث سبباً في مشاجرة كبيرة بين جدي وبين سامية جمال انتهت بتركه البيت والإقامة في فندق لمدة شهر.
عندما كانت والدتك في سن المراهقة كيف كانت تنظر لرشدي أباظة الأب ودنجوان وفتى أحلام الفتيات في ذلك الوقت؟
كانت في تلك الفترة تحب جدي بجنون لكنها لم تكن تجده بجانبها، فقد كانت تعيش مع جدتها وتراه قليلاً، ولهذا حاولت أن تلفت انتباهه بأي شكل لدرجة أنها فكرت في إجراء عملية جراحية لتتحوّل إلى رجل حتى تكون عندها حرية الخروج معه في سهراته ورحلاته، فذهبت إلى أطباء كثيرين ولكنهم كانوا يسخرون منها ويتهمونها بالجنون، وفي المقابل كانت نظرتها له كنجم سينمائي مختلفة تماماً. فقد كانت تراه على الشاشة وكأنها لا تعرفه لدرجة أنها ذهبت مع جدتها لمشاهدة فيلم «أريد حلاً»، وكان عمرها حوالي 17 عاماً وكرهت أمي الشخصية التي أداها جدي ذلك الزوج المتسلط، وفي أحد المشاهد لم تستطع أمي أن تتمالك نفسها فصرخت وسط القاعة وقالت «حرام عليك أنت مفتري» وارتفعت همهمات الاستنكار والدهشة من الجمهور فقالت جدتها «اعذروها إنها ابنته».
تزوج رشدي أباظة خمس زيجات من هن؟
تزوج جدي خمس مرات، الأولى تحية كاريوكا من 1950 إلى 1952، والثانيه باربرا الأميركية جدتي من 1956 إلى 1959 والثالثة الفنانة سامية جمال من عام 1962 إلى عام 1977 والرابعة صباح التي تزوجها أثناء ارتباطه بسامية جمال عام 1967 ولمدة شهرين فقط، والخامسة ابنة عمه نبيلة أباظة التي تزوجها في نفس عام رحيله عام 1980 وتم الطلاق بينهما بعد 20 يوماً فقط.
في نظرك ما أسباب فشل زيجاته؟
كان يفتقد الحنان الذي لم تستطع واحدة من زوجاته أن تمنحه إياه، فهو في تصوره لم يجد من تفهمه وأنه كان يحتاج لزوجة مثل سهير ترك زوجة فريد شوقي، والتي تفرغت تماماً لتوفير حياة مستقرة وهادئة له.
وكانت أمي ترى أن فشل العلاقة الزوجية لم يكن يبرر له فقط تعدد علاقاته النسائية، فكل زوجة تزوجها جدي كانت تعلم عنه هذا العيب. وبالرغم من ذلك كان زوجاً مثالياً على حد تعبير أمي مع سامية جمال. وكانت ترى بنفسها وهو عائد من أي رحلة له بالخارج ومعه حقائب مليئة بالملابس الجديدة لها.
كما كان يحرص على تغيير ديكورات شقة سامية جمال في الزمالك كل عام، والتي كانا يقيمان فيها معاً. فكانت دائماً تقول لي أمي إن جدي كان يحلم لآخر يوم في حياته بالاستقرار الأسري.
أطول فترة زواج
ولماذا دام زواجه من سامية جمال أطول فترة؟
استمر زواجه بسامية جمال خمسة عشر عاماً. العلاقة بينهما بدأت رومانسية جداً لدرجة أن سامية جمال الزوجة نجحت في أن تجذب رشدي الذي لا يعرف القيود ولا يطيقها إلى البيت، فأصبحت كل سهراته معها. وطوال سنوات زواجهما كانت تخاطبه بالورود. وحسبما قال هو في مذكراته إنها كانت تضع خمس وردات في غرفة مكتبه إذا كانت النفوس صافية؛ لأن كل وردة تساوي عبارة «سامية تحب رشدي كثيراً جداً»، فإذا غضبت تضع ثلاث وردات تقول بها «سامية تحب رشدي» فقط، ورغم أن سامية جمال لعبت أيضاً دور السكرتيرة في حياة رشدي أباظة ونظمت له ما لم يكن ممكناً من قبل، إلا أن هذا لم يمنع العواصف من أن تهب على حياتهما، وكانت أول عاصفة تلك التي صاحبت تصوير فيلم «بدوية في باريس» الذي صوّره جدي في بيروت وشاركته البطولة المغنية سميرة توفيق.
هناك حدث إعجاب متبادل بين جدي وسميرة توفيق، ولكنه لم يتطور على حد قوله في مذكراته إلى أكثر من ذلك ولكن الصحافة نسجت حولهما قصة غرام وصلت أخبارها إلى سامية التي طلبت الطلاق ولكن حب ابنته قسمت لها وتمسكها بها جعل العاصفة تمر، ولكن عاصفة أخرى لم تمر بهذه السهولة؛ لأن الطرف الآخر هذه المرة كان صباح التي تعشق مثل رشدي الحياة والحرية. وعلاقتهما بدأت برقصة طويلة في أحد الكافيهات في بيروت، وسرعان ما تحولت الرقصة إلى مشروع زواج تم بسرعة وبتكتم شديد؛ حتى لا تعلم به سامية جمال، بعد أسبوعين طارت صباح إلى المغرب وعاد رشدي إلى القاهرة وفوجئ بسامية تعرف كل شيء ورغم ذلك فقد تعاملت مع الموقف بصمت تام، فلم تتحدث في أي شيء حتى بعد أن نشرت الصحافة خبر الزواج الجديد ولكن جدي فوجئ بعد شهرين بخطاب من صباح تطلب فيه الطلاق، واعتبر الأمر يمسّ كرامته فتمّ الطلاق وتحوّلت العلاقة بينهما إلى علاقة صداقة فقط، ورغم أن سامية جمال تجاوزت الموضوع بعقل شديد إلا أن هذا لم يمنع حدوث مشاكل كثيرة بينهما وصلت إلى درجة أنها طلبت الطلاق. ففي مذكرات جدي قال: «على عتبة المأذون قلت لسامية لو حدث ذلك سأضرب نفسي بالرصاص». وتدخل أبوه في هذا الموقف وتراجعت سامية عن الطلاق، ولكن المشاكل لم تتوقف وكان لابد أن يقع بينهما في يوم ما وهو ما حدث في عام 1977.
ما أكثر الصفات في تحية كاريوكا التي جعلتها الزيجة الأولى لرشدي؟
كانت أمي تقول لي إن شخصية تحية كاريوكا كانت تشبه شخصية جدي كثيراً فهي سريعة الغضب، بمجرد أن فاتحها برغبته في الزواج منها قالت له «أتزوجك طبعاً ماذا ينقصك ابن ناس جدع».
ولأنهما كانا متشابهين في سرعة الغضب لم تستمر الزيجة أكثر من عامين، وقد أسعد البعض انفصالهما وبالتحديد والدة جدي التي لم تكن تحب تحية كاريوكا. وبعد الطلاق أصبحا صديقين لدرجة أنه عندما تزوج من سامية جمال استمرت علاقة الصداقة بين رشدي وسامية وبين كاريوكا.
هل هناك سر كشفته لك والدتك في حياة جدك؟
كان يحمل عاطفة حقيقية للفنانة ماجدة الصباحي التي عرفها عن قرب أثناء تصويره لفيلم «المراهقات»، وتمنى أن يتزوجها ولكن فوجئ بأن إيهاب نافع تقدم لخطبتها.
وحكت لي أمي أن جدتها لأبيها كانت تتمنى أن يتزوج رشدي من ماجدة الصباحي لكي تكون حياته مستقرة هادئة. وكشفت لي أمي سراً آخر أنها وجدت في مقتنيات جدي بعد رحيله دبلة مكتوباً عليها ماجدة.
ما أكثر أفلامه التي كان يحبها ويكرهها؟
كان يعشق "صغيرة على الحب" ،"آه من حواء"، "الزوجة 13". وكان يكره دوره في "أريد حلاً" كزوج متسلط، والجنرال الفرنسي بيجار من قوات الاحتلال الفرنسي في "جميلة بوحريد" الذي كان يعذب جميلة أشد العذاب.
ما أسباب قبوله للظهور كضيف شرف في فيلم "كلمة شرف"؟
لم يكن يهتم بمساحة الدور بقدر اهتمامه بما يقدمه الدور من رسالة وأهمية في الأحداث الدرامية. كان يحب هذا الدور ويعتز به جداً.
من كان أقرب أصدقائه؟
أحمد رمزي وفريد شوقي، وكانت أمي بعد رحيل جدي تشعر عندما تقابل فريد شوقي وترتمي في أحضانه كما لو أنها ارتمت في أحضان جدي، فقد كانت تشعر بأن هناك شبهاً كبيراً بين حنان وطيبة قلب جدي وفريد شوقي.
وما علاقته بنجوم سينما السبعينيات محمود ياسين ونور الشريف وحسين فهمي؟
كان صديقاً لهم بالرغم من فارق العمر إلا أنه كان يعتبرهم أصدقاء له ودائماً ما ينصحهم ويعطيهم خلاصة تجاربه.
هل مازلت تحتفظ بألبومات جدك ومذكراته التي كانت تحتفظ بها والدتك؟
أحتفظ بكل البومات جدي ومذكراته التي كتبها لإحدى المجلات في السبعينيات؛ لأنها وصية أمي لي "حافظ على تراث جدك".
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا أنستغرام سيدتي