إن تعلق الطفل بأحد والديه، أو بشخص من العائلة، جزء مهم من التطور والنمو، لكنه قد يكون بطريقة صحية، وأحياناً لا يكون كذلك، في هذا الموضوع يحدد لنا... كيفية حدوث التعلق الآمن، وفوائده. حيث يكون تعلق الطفل مع شخص مفضل آمناً، عندما تكون العلاقة متوازنة، والعواطف فيها متبادلة، بحيث يعي الشخص المفضل حساسية الطفل واحتياجاته ويشعر بالأمان، على هذا الأساس يبدأ الطفل في استكشاف ما حوله، اعتماداً على حماية هذا الشخص وطريقة تفكيره.
وبحلول الأشهر الأخيرة من العام الأول، يصبح ارتباط الطفل بهذا الشخص "آمنًا"، مما يعني أن الطفل يصبح واثقاً من أن مقدم الرعاية سيكون دائمًا متاحًا للمساعدة.
وقد يكون لهذا التعلق -إذا كان صحياً- أثرٌ بالغٌ ومحسوسٌ طوال حياتنا. الدكتور أمل بن جرش، اختصاصية اجتماعية ونفسية، توضح لنا هذه المشكلة التي تعطينا الاسم العلمي لها وهو "تعلق الأطفال الانفعالي بالأشخاص"
فوائد التعلّق الصحي والسليم
ينمي الدماغ
ينمو دماغ الطفل بسرعة خلال السنوات الثلاث الأولى من الحياة، ويكون معتمداً على التجارب، عندما يتم تحفيزها بطرق إيجابية، من الطرف الآخر، على سبيل المثال، يساعد التحدث والغناء والقراءة للأطفال في تكوين قدرات دماغية مرتبطة باللغة.
يشعر الطفل بالأمان
يؤثر التعلق على نمو الدماغ حيث يمكن للدماغ أن يستخدم طاقته لتطوير مسارات حاسمة لمستوى أعلى من التفكير. ويرتبط التعلق الآمن بشكل خاص بتطور القشرة الأمامية، المسؤولة عن اتخاذ القرارات والحكم والاستدلال.
يمكن الطفل من الاستكشاف
حيث يوفر له هذا التعلق "قاعدة منزلية" تمكنه من استكشاف العالم بأمان، ما يتيح له المرور بتجارب أكثر تنوعًا، وبالتالي بناء المزيد من الروابط في الدماغ.
يساعد في تنميته الاجتماعية
إن تعلق الطفل بمن يرعاه، هو أساس جميع العلاقات المستقبلية. فعندما يكون هناك ارتباط آمن يعلمه هذا كيف يثق في الآخرين، وكيف يستجيب عاطفياً، وكيف سيفسر هو استجابة الآخرين له.
ينمي عواطفه
إذا رأى الطفل نفسه على أنه يستحق الاهتمام والرعاية، يمكنه أيضًا رؤية الآخرين بهذه الطريقة. فكما سيتم تلبية احتياجاته الأساسية الخاصة، يمكنه هو أيضاً تلبية احتياجات الآخرين. مثلاً تبدأ الطفلة باحترام وتقدير أمها التي تقوم على رعايتها ومع مرور الوقت تمتد عواطفها لتشمل الأشقاء والأصدقاء وزملاء الدراسة وأفراد المجتمع، ومع استمرار تطورها الأخلاقي تتعلم احترام حتى الأشخاص الذين لم تلتق بهم من قبل.
يعزز التنظيم الذاتي
عندما يقدم الأب أو الأم رعايتهما ويهذبَان من طباع الطفل يعلمه هذا كيفية إدارة مشاعره وسلوكه. فالطفل عندما يغضب وتزداد عصبيته، يطلق عادة هرمونات التوتر في الدماغ. لكن تهدئة سلوكه من قبل الآخر تساعده على التقليل من أثر هذه الهرمونات، ومع مرور الوقت، يطور الدماغ مسارات تسمح لهذا السلوك المهدئ بالبدء خلال فترات التوتر. في النهاية يكون الطفل قادرًا على تهدئة نفسه عندما يكون غاضبًا أو محبطًا.
مساوئ التعلق غير السليم
1 – يعرّض الطفل للصدمة، خصوصاً إذا تلقى إساءة من أحد ما، في هذه الحالة سيلوم داخلياً من يرعاه، لأنه كان من المفترض أن يشدد في حمايته أكثر.
2 – يعرضه هذا إلى تأخير في النمو، وصعوبة تنظيم عواطفه، وضعف العلاقات الاجتماعية.
3 - يصبح عدوانياً، ويعاني من تدني احترام الذات، والاكتئاب.
4 – يضعف انتباهه للقراءة وقدرته على الاستجابة للإشارات.
نصائح لوقاية الأطفال التعلق الانفعالي بالأشخاص
يحتاج الأطفال وصغار السن إلى بيئة مستقرة للعناية بهم، وتلبية احتياجاتهم النفسية والجسدية، وقد تساعد بعض الاقتراحات الأبوية الآتية، حيث يحتاجها الآباء أكثر من الأمهات:
1 - خذ دروسًا للعناية بالأطفال إذا كنت تفتقر إلى الخبرة أو المهارة للتعامل مع الرضّع أو الأطفال. سيساعدك هذا في تعلم كيفية التفاعل بطريقة تفيد التنشئة.
2 - تفاعل مع طفلك بنشاط عن طريق الكثير من اللعب والحديث معه أو معها والتواصل البصري والابتسام.
3 - تعلم تفسير إشارات طفلك، مثل أنواع البكاء المختلفة، لتلبية احتياجاته أو احتياجاتها بسرعة وكفاءة.
4 - وفّر التفاعل الدافئ لتربية طفلك، كما في أثناء تناول الطعام أو الاستحمام أو تغيير الحفاضات.
5 - قم بأداء استجابات لفظية أو غير لفظية تعبر عن مشاعر الطفل من خلال اللمس أو تعابير الوجه أو نبرة الصوت.