في شهر رمضان المبارك يجتهد المسلمون بالعبادة، ويغتنمون ساعات الشهر بالدعاء والصلاة وقراءة القرآن.
صلاة التهجد:
أوضح الشيخ ابن باز _رحمه الله_ في العشر الأخيرة من رمضان يحرص المسلمون على أداء صلاة التهجد، وهي نوع من أنواع صلاة النفل المخصوص في الليل، ومعنى (تهجد) من الهجود وهو ترك النوم، بمعنى الصلاة في الليل بعد نوم. وصلاة نافلة الليل تبدأ من بعد فعل صلاة فرض العشاء، وما كان منها قبل نوم يسمى: صلاة قيام الليل، وما كان بعد نوم فهو صلاة التهجد.
وقت أدائها:
يبدأ وقت صلاة التهجد بعد انتهاء صلاة العشاء، ويستمر حتى آخر الليل وتحديدًا حتى أذان الفجر، وأفضل وقت لأدائها هو آخر الليل أو ما قارب الفجر أي الثلث الأخير من الفجر، كما يجوز أداء صلاة التهجد في أول الليل لمن خشي أن ينام فيفوته فضلها، لقوله _صلى الله عليه وسلم_: (من خاف أن لا يقومَ من آخرِ اللَّيلِ فلْيوتِرْ أوّلَه، ومن طمِع أن يقومَ آخرَه فلْيوتِرْ آخرَ الليلِ، فإنَّ صلاةَ آخرِ الليلِ مَشهودة، وذلك أفضلُ".
وقال _صلى الله عليه وسلم_:( ينزلُ ربُّنا تباركَ وتعالى كلَّ ليلةٍ، حينَ يبقى ثلثُ الليلِ الآخِرُ إلى السَّماءِ الدنيا، فيقولُ: من يدعُوني فأستجيبَ لهُ؟ من يَسْتَغْفِرُنِي فأغفر لهُ؟ مَنْ يسألُني فأُعطيَهُ؟).
حكم صلاة التهجد:
قد يظن بعض المسلمين أنّ صلاة التهجد صلاة واجبة، إلا أنّ رسولنا الكريم _صلى الله عليه وسلم_ أوضح حكمها قائلًا:" أحبُّ الصيام إلى اللهِ صيام داود، كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، وأَحَبُّ الصلاةِ إلى اللهِ صلاة داود، كان ينام نصف الليل ويقومُ ثلثه، وينامُ سدسه". إذًا فحكم صلاة التهجد سنة.
فضل صلاة التهجد:
أي عبادة يُرجى بها وجه الله _عز وجل_، ويطمع فيها المسلم بالأجر والثواب فلها الفضل العظيم، والجزاء الكبير، وصلاة التهجد لها فضائل عديدة، فقد جاء عنه _صلى الله عليه وسلم_:" عليكم بقيام اللَّيل، فإنَّه دَأْب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى ومنهاة عن الإثم وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد".
طريقة أداء صلاة التهجد:
للتهجد طرق عدة، وقد أوضحها الشيخ ابن باز _رحمه الله_ كما وردت عن السنة النبوية، فينام من أراد أداء صلاة التهجد ولو نومة يسيرة، ثم يقوم في منتصف الليل فيصلي ركعتين خفيفتين، ثم يصلي بعد ذلك ما شاء من ركعات.
ويجب أن تكون صلاته ركعتين ركعتين؛ فيسلم بعد كل ركعتين، وبعد أن يُتم ما أراد من صلاة التهجد يوتر بركعة واحدة كما كان يفعل عليه الصلاة والسلام، ويجوز له كذلك أن يوتر بثلاث ركعات، أو بخمس.
وجاء عن عائشة _رضي الله عنها_ أن النبي _صلى الله عليه وسلم_: كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة؛ يوتر من ذلك بخمس لا يجلس إلا في آخرهنَّ.
وقالت _رضي اللَّه عنها_ أيضًا أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكر اللَّه ويحمده ويدعوه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي التاسعة، ثم يقعد فيذكر اللَّه ويحمده ويدعوه، ثم يسلم تسليمًا يسمِعُناهُ، ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم وهو قاعد، فتلك إحدى عشرة ركعة، فلمَّا أسنّ رسولُ اللَّه وأخذه اللَّحم أوتر بسبع ركعات لم يجلس إلَّا في السَّادسةِ والسَّابعةِ، ولم يُسلِّمْ إلَّا في السَّابعةِ، وفي لفظٍ: صلَّى سبعَ ركعاتٍ، لا يقعدُ إلَّا في آخرهنَّ".
أما من حيث الجهر والإسرار بصلاة التهجد فذلك متروك لتقدير المصلي، فإن رأى الأفضل في رفع صوته والجهر بالصلاة جهر بها شرط ألّا يؤدي رفع صوته إلى إلحاق الأذى بغيره من الناس، فلا يجوز له أن يشوّش على النائمين، أو يؤذي من يصلي حوله من المصلين، وإن رأى الإسرار بها وخفض صوته في القراءة أفضل له.
أما إذا كان يصلي في المسجد فيرفع صوته إن شاء، وإن كان إمامًا رفع صوته حتى ينتفع الناس بقراءته.