«مونتينيغرو» أو (الجبل الأسود) ليست الخيار السياحي الأوّل ربّما، للراغبين في قضاء إجازة الصيف في أوروبا أو حتّى في دول البلقان المجاورة لحدودها، لكن يجمع كثيرون ممّن زاروا الوجهة أنّها تعجّ بالأماكن التي يمكن الانغماس فيها، مع ميزة تتمثّل في سهولة اكتشاف تضاريسها المنوّعة خلال أيّام معدودة، لضآلة مساحة البلاد (أقلّ من 14 ألف كيلومتر مربّع يسكنها نحو 612 ألف نسمة).
تتعدّد نقاط الجذب في البلاد بين المدن والقرى التاريخيّة ومياه البحر الأدرياتيكي الأخّاذة وخضرة الجبال؛ علماً أن «الأزرق الكبير» هو غاية المسافرين في الصيف.
في الآتي، لمحة عن بعض نقاط الجذب على ساحل البحر الأدرياتيكي الذي يمتدّ على مساحة 295 كيلومتراً مربّعاً، مع 72 كيلومتراً من الشواطئ، والمدن القديمة:
• «بودفا»: تضمّ مباني قديمة تتزيّن باللبلاب، وتصحو على هدير موج البحر اللازوردي؛ لا تعوز المدينة أي صفة حتّى تفتن زائرها بمنتجعاتها وحياتها الليليّة الناشطة. هناك، لا يفوّت السائح المرور بـ «سفيتي ستيفان» الفخمة التي تجذب المشاهير إليها وبـ«بيتروفاك» حيث الشواطئ محاطة ببساتين الزيتون.
تابعوا المزيد: المناطق السياحية في لوكسمبورغ
• «سفيتي سيفان»: قد يصعب التصديق أن هذه الجزيرة الفخمة كانت عبارة عن قرية صيد في زمن غابر؛ تضمّ «سفيتي سيفان» أماكن الإقامة المفضّلة في «ساحل بودفا»، والشواطئ ذات الرمال زهريّة اللون وكلّ ما يجعل من الاسترخاء على البحر مستحقّاً بعد شهور عصيبة عاشها العالم جرّاء جائحة «كورونا» التي لم تنتهي فصولها بعد، من دون الإغفال عن اكتشاف المخلوقات المائيّة خلال الغوص!
• «بتروفاك»: على طرف «بودفا ريفييرا»، تقع هذه المدينة التي تتمتّع بصفات مدن المتوسّط، لناحية الطعام اللذيذ وفرص السباحة وألفة الناس وحضور القلعة.
• «بيراست»: لن يكفّ السائح عن التقاط الصور في هذه القرية الرومانسيّة التي تتوسّط خليج «كوتور» المعروف أيضاً بـ«بوكا»، وتلفت بقصورها التي استُثمرت في مشاريع عبارة عن فنادق ومطاعم، وبإطلالاتها على مضيق «فيريج»، وبصروحها. قبالة ساحل «بيراست»، تقبع جزيرتان صغيرتان، هما «سيّدة الصخور»، و«سفيتي جوراج».
• «تيفات»: لا يفوّت مشهد غروب الشمس في البلدة الواقعة في خليج «كوتور»، والمعروفة بالشواطئ المظلّلة بالنخيل، وبالميناء (مارينا بورتو مونتينيغرو) الذي يعجّ بيخوت الأثرياء، وبوعودها لزائريها بإتاحة فرص ممارسة الرياضات البحريّة.
• «هرسك نوفي»: تحرس المدينة «خليج كوتور» إذ هي بمثابة بوّابة له، وذلك في الطرف الشمالي لساحل الجبل الأسود. وتستقطب بخاصّة المسافرين الذين يرغبون في الاختلاط بالمحليين، لا سيّما في ساحة «بيلافيستا» في «البلدة القديمة» العامرة السهرات فيها حتّى ساعة متأخّرة من الليل. وعلى الكورنيش الساحلي الذي يبلغ طوله سبعة كيلومترات، يحلو التنزّه، أمّا في بحر «إيغالو» فالعوم رائع. تحتوي المدينة على قلعة (فورتي ماري) التي بناها الملك البوسني، وبرج الساعة النمسوي من القرن التاسع عشر ، وبرج كانلي الذي يحمل بصمات الأتراك.
• «أولسيني»: تقع على الحدود الجنوبيّة للجبل الأسود، وتقرب من ألبانيا، وتغوص في التاريخ. تحضن شاطئ «لونج بيتش» الشهير في الجبل الأسود. تسكنها غالبيّة مسلمة.
عماني في الجبل الأسود
سافر الرحّالة هيثم سعيد علي البلوشي إلى الجبل الأسود في مايو (أيّار) سنة 2018، الوجهة التي يقول إنّها من الممكن أن تدرج في رحلة تضمّ إليها كوسوفو وألبانيا، حيث تتقارب الدول المذكورة، جغرافيّاً، من بعضها البعض، مع كثرة وسائل النقل المتاحة للتنقّل بينها.يعدّد الشاب العُماني ثلاث محطّات في هذه الدولة الأوروبيّة، أولاها «بودفا» مصيف المشاهير والأثرياء والمفضّل للإقامة حسبه لحيويّة المكان، وتعدّد الأنشطة السياحيّة التي من الممكن القيام بها هناك، والموقع الاستراتيجي المطلّ على البحر الأدرياتيكي وتفاصيل المباني القديمة والمرسى الرائع. ويشبّه ساحل «بودفا» بالـ «ريفييرا الفرنسيّة»، مع فارق بأن تكاليف السفر إلى الأوّل متهاودة. ويقول إن «الحياة الليليّة مزدهرة في المدينة التي يصفها بـ «قلب الجبل الأسود»، فهي تضمّ المطاعم أوروبيّة الطابع والمعروفة بتقديم الأطباق البحريّة، ومحال بيع التذكارات والبيوت الأثريّة». ولا يفوّت الرحّال الذي قضت الجائحة على خطط أسفاره الكثيرة، ذكر «المدينة القديمة» المسوّرة».
ثاني المحطّات في «مونتينيغرو» هي «كوتور» أو «النسخة المصغّرة من بودفا»، حسبه، المدينة أقلّ ازدحاماً بالمقارنة، وتعرف بخليجها الرائع ذي المناظر الخلّابة وبضمّ جزء قديم لا بد من قضاء بعض الوقت في شرب فنجان من القهوة في أحد مقاهيه، الوقت الذي يحفر في الذاكرة، لأن حديث الأصدقاء في أماكن مماثلة يولّد لحظات ثمينة لا تنسى حسب تعبيره.
الإطلالة على خليج «كوتور» من أعلى قلعة سان جيوفاني التاريخيّة «استثنائيّة» حسب رواية الرحّالة، الذي يدعو الراغبين في قصد المكان بعدم تفويت الجولات السياحيّة بوساطة القوارب حول «الخليج»، مع تخصيص يوم لمدينة «كوتور» فيه، المدينة التي تقرب من «بودفا» 22 كيلومتراً.
تابعوا المزيد: السياحة في أوباتيا في كرواتيا
المحطّة الثالثة هي الشلّال في العاصمة «بودغوريتسا»، وذلك على بعد 7 كيلومترات من مركز المدينة، الشلّال الذي يسمّى «نياجرا» نسبة إلى التشابه بينه وشلالات «نياجرا» الأصليّة بين الولايات المتحدة وكندا، لافتاً إلى أن الموقع محاط بمطعم ومقهى ومنطقة ألعاب للصغار.
سؤال البلوشي عن الشواطئ الجديرة بالارتياد في الجبل الأسود، يجيب عنه قائلاً إنّها «عديدة»، ولكنّه يخصّ بالذكر «لونج بيتش» الذي يمتدّ على أكثر من 10 كيلومترات، وذلك في مدينة «أولسيني» في أقصى جنوبي الجمهوريّة.
4 مواقع على لائحة اليونسكو
جذور «مونتينيغرو» ضاربة في التاريخ، وطبيعتها البكر تتكشّف عن روائع جديرة بالاكتشاف.. كانت أربعة مواقع منها أُدرجت على لائحة اليونسكو لمواقع التراث العالمي، في تواريخ مختلفة، هي:
• «كوتور» على «اللائحة» منذ سنة 1979 لغناها بالعمارات ذات الرمزيّة التاريخيّة من الحقبة الفينيسيّة، ولطبيعتها ذات المشاهد الخضر والزرق، ولو أن «الفورة السياحيّة»، وما يترتّب عنها من ارتفاع الخرسانة لضمّ مشاريع الفنادق والمنتجعات يؤثّران سلباً في هذا الإطار.
• «متنزّه دورميتور الوطني» في شمالي «مونتينيغرو»، مع كل ما يكتنفه من ألق، ترفده البحيرات والأحراج والجبال، وأكثرها ارتفاعاً «بوبوتوف» (2525 متراً فوق مستوى سطح البحر)، والوديان البارز منها وادي «تارا» بعمق يتجاوز 1300 متر، وهو الثاني الأكبر في العالم بعد «غراند كانيون». إشارة إلى أن «دورميتور» حجز موقعاً على «اللائحة» في سنة 1980، عندما كانت دولة الجبل الأسود لا تزال جزءاً من يوغوسلافيا، ثمّ غُيرت حدود الموقع بعد ذلك في سنة 2005. تشتمل النشاطات في المكان على المشي لمسافات طويلة والتخييم وركوب الدرّاجة والسباحة والقفز بالحبال ومراقبة الطيور.
• المقابر من العصور الوسطى، والموزّعة بين البوسنة والهرسك وغربي صربيا وغربي «مونتينيغرو» ووسط كرواتيا وجنوبها؛ أضرحة الـ «ستيكي» في «مونتينيغرو» مشيّدة من الحجارة الجيريّة المنحوتة، والمزخرفة، وهي شاهدة على استمراريّة الأسلوب التصويري في أوروبا في القرون الوسطى، بالإضافة إلى أقدم التقاليد المحليّة. كانت أدرجت على اللائحة في سنة 2016، مع جذب هواة التاريخ إليها، بخاصّة.
• حصون البُندقيّة التي أُنشئت بين القرنين السادس عشر والسابع عشر والتي صُنفت موقع تُراثٍ عالمي سنة 2017، وذلك بالاشتراك مع كرواتيا وإيطاليا.
أحوال «كوفيد _19» في البلاد
نالت الجائحة من الجبل الأسود في جنوب شرقي أوروبا، على غرار وجهات سياحيّة أخرى تعتاش من السياحة، علماً أن القطاع المذكور يسهم في ربع إجمالي الناتج المحلّي حسب معلومات صحافيّة، ويوظف نحو 20 في المئة من اليد العاملة في «مونتينغرو». راهناً، موانئ البلاد مفتوحة لكل زائر يظهر نتيجة سلبيّة لاختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل PCR الذي خضع له قبل 48 ساعة من دخول البلاد أو شهادة بأخذ جرعتي التلقيح قبل 7 أيّام، مع استثناء من الفحص الآتين من ألبانيا والبوسنة والهرسك وكرواتيا وكوسوفو وصربيا. إشارة إلى أن «مونتينيغرو» ألغت الحظر الوقائي، وأن معظم الأماكن السياحية فيها مفتوحة وأن الإصابات فيها حتّى كتابة هذه السطور نحو 100 إصابة في اليوم فأكثر.