مع قدوم عيد الاضحي المبارك ينشغل معظم المسلمين عن خطوات الذبح الشرعي لأضحية العيد والتي اتّفق علماء الفقه عليها من الشافعيّة، والحنفيّة، والمالكيّة على القول بأنّ الأُضحية لا تصحّ إلّا إن كانت من بهيمة الأنعام؛ أي من الإِبل، أو الغنم، أو البقر؛ استدلالاً بقول الله -تعالى-: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ)، كما استدلّوا أيضاً بفِعل الرسول -عليه الصلاة والسلام-؛ إذ لم يرد أنّه قدّم الأُضحية بغير بهيمة الأنعام، ونقلَ الإمام النوويّ -رحمه الله- إجماع العلماء على ذلك، فقال: "وكلّ هذا مجمعٌ عليه".
كيفية الذبح
وعن كيفيّة ذَبْح الأُضحية من الغنم والبقر يقول الداعية مظهر شاهين تُوجَّه الأُضحية باتِّجاه القِبلة عند إرادة ذَبْحها؛ فالقبلة أشرف وأعظم الجِهات، كما أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، كان يُوجّه أُضحيته إلى القبلة، وكذلك ورد عن الصحابة -رضي الله عنهم-، ثمّ تُضجَع على جانبها الأيسر؛ إن كان الذابح يستعمل يده اليُمنى، أمّا إن كان أعسر، فيجوز له أن يُضجع الأُضحية على جانبها الأيمن مع الكراهة، واستحباب استنابة غيره، مع الحرص على رَفْع رأس الأضحية بعد الاضجاع، ثمّ تُؤخَذ السكّين، وتُمرَّر على حَلْق الأُضحية وصولاً إلى عظام الرَّقبة، وتُترَك القدم اليُمنى للأُضحية بعد الذَبْح؛ لتستريح بتحريكها، مع الإشارة إلى قَطْع الوَدَجين، ومحاولة الإسراع في ذلك، ويُكرَه قَطع البعض دون الآخر، كما لا بُدّ من الحرص على إحداد الشفرة، أو السكّين قبل ذبح الأضحية، وألّا يكون ذلك أمامها، وألّا تُذبَح أمام غيرها، مع الإحسان إليها، وعدم ضَربها، أو جرّها؛ امتثالاً لِما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من قَوْل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ).
كيفيّة ذَبْح الأُضحية من الإبل تُذبَح الإبل نَحْراً، إلّا أنّ العلماء اختلفوا في بيان حقيقة النَّحْر؛ فقال الجمهور من الشافعيّة، والحنفيّة، والحنابلة بأنّ النَّحر يكون بقَطْع الأوداج، وذلك حين القدرة على الحيوان، أمّا المالكيّة فقالوا بأنّه الطَعْن موتاً لحيوان مقدورٍ عليه وإن لم يُؤدِّ الطعن إلى قَطع الأوداج؛ ويكون نَحْر الإبل بتوجيهها إلى القِبلة، ويتمّ والإبل قائمةٌ مع رَبط الرُّكبة اليُسرى لها؛ استدلالاً بقول الله -تعالى-: (فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ)، ورُوي أنّ ابن عبّاس -رضي الله عنهما- قال في تفسير الآية: "أي قياماً على ثلاث"، وفصَّل المالكيّة؛ فقالوا بأنّ الذابح يقف إلى القدم اليُمنى للإبل بعد رَبط اليُسرى، وينحر الإبل طَعناً باليد اليُمنى، مع الإشارة إلى أنّه لا بُدّ من الحرص على إحداد السكّين قبل النَّحر، وبعيداً عن نَظْر الإبل، وألّا تُنحَر أمام غيرها، مع الإحسان في التعامُل معها قبل النَّحْر؛ بعدم الضرب، أو الإهانة.
شروط ذَبْح الأُضحية
- قبل الذبح يُفضل تصويم الحيوان لمدة 12 ساعة، وذلك لتحسين نوعية اللحم، وتقديم الماء للشرب للحيوان لتسهيل عملية السلخ.
- تجهيز السكين الخاص بالذبح وذلك بأن يكون نصلها حادًا ويدها مثبته جيدًا. - يجب عدم إجهاد الخروف قبل الذبح، وعدم جر الحيوان على الأرض إلى مكان الذبح، ولا يتم شحذ السكين أمام الحيوان، ويتم الذبح بمجرد السيطرة عليه
- عند ذبح الحيوان يُوضع الخروف على الجانب الأيسر متجهًا نحو القبلة مع عدم تقييد الخروف أثناء وبعد الذبح، ثم المرور بالسكين على الرقبة أسفل الرأس أفقيًا وقطع الأوردة (الحلقوم والمرئ والوجدين)، وذلك مع التسمية فذكر "اسم الله" عند الذبح تكسب الذابح والمذبوح سكينة وطمأنينة.
-التسمية: وقد اختلف العلماء في اعتبارها شرطاً،: القول الأوّل: قال جمهور العلماء من الحنفيّة، والمالكيّة، والحنابلة بوجوب التسمية، وسقوطها حال النسيان. القول الثاني: قال الشافعيّة بأنّ التسمية سُنّةُ مُؤكَّدةٌ.
- يترك الدم ينزف ولا يتم فصل الرأس وقطع الأعصاب، إلا بعد أن يُنزف تمامًا وتُخرج روحه كليةً، ثم يبدأ السلخ بعد الذبح مباشرة، وذلك اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف "إنّ الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته".