ليلة القَدْر أنعم الله -تعالى- على عباده بليلةٍ مُباركةٍ؛ وقد وُصفت بأنّها مباركةٌ؛ لِما فيها من خيرٍ، وبركةٍ، وفَضْلٍ، وهي ليلة القَدْر، وسُميّت بذلك لقَدْرها العظيم، فقد حازت أعظم شرفٍ وأجرٍ، يقول الدكتور عمرو خالد الداعية الإسلامي: يجدر بالمسلم الحرص على الدُّعاء، والصلاة في تلك الليلة، والاجتهاد بالعبادات على اختلافها، لتميّز ليلة القَدْر عن غيرها من ليالي الدَّهر، وقد اتّفق العلماء على أنّ إحياء ليلة القَدْر مندوبٌ، استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه، عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا دَخَلَ العَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ).
كيفية صلاة ليلة القدر
سنّ أداء قيام رمضان ومنه ليلة القدر إحدى عشرة ركعةً، ويجوز القيام ثلاث عشرة ركعةً، مع التسليم بعد أداء كلّ ركعتَين، كما يجوز أحياناً أداء كلّ أربع ركعاتٍ بسلامٍ، وقد سُئلت عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- عن كيفيّة صلاة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في رمضان، فقالت: (ما كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَزِيدُ في رَمَضَانَ، وَلَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعًا، فلا تَسْأَلْ عن حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فلا تَسْأَلْ عن حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا)، ويُستحسن اختصاص آخر رمضان؛ أي العشر الأواخر منه بإطالة الصلاة؛ من قيامٍ، وركوعٍ، وسجودٍ؛ اقتداءً بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-،وقد بيّن العلماء كيفيّة أداء صلاة التراويح، وعدد ركعاتها، وبيان ما ذهبوا إليه آتياً: الحنفيّة: قالوا إنّ عدد ركعاتها عشرون ركعةً، بعَشْر تسليماتٍ، ويُكره وَصْل كلّ الرّكعات مع بعضها، والجلوس بين كل ركعَتين، والجلوس الواحد بين الرّكعات يجعلها ركعَتين، ويُستحبّ الجلوس والاستراحة بعد كلّ أربع ركعات؛ للتسبيح والدُّعاء. تحرّي ليلة القَدْر للاجتهاد بالقيام ليلة القَدْر ما زالت باقيةً في شهر رمضان، ولم تُرفع، أو تُنسخ، ولم يرد نصٌّ ثابتٌ صريحٌ عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يدلّ على أنّ ليلة القَدْر ليلةٌ محدّدةٌ في كلّ سنةٍ، وما ورد من الأحاديث التي تحدّدها بليلةٍ معيّنةٍ؛ يُقصد بها أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أخبر عنها في تلك السنة، وحثّ المسلمين على قيامها بذاتها، طَمْعاً في نَيْل الأجر الذي أعدّه الله -سُبحانه- لمَن قام ليلة القَدْر، كما ثبت في صحيح الإمام البخاريّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).
فضائل ليلة القَدْر:
تخصيص ليلة القَدْر بنزول القرآن؛ وفي ذلك بيانٌ لشرفها، وتنبيهٌ على فَضْلها؛ إذ أنزل الله فيها أشرف الكتب السماويّة، والذِّكْر العظيم، ولذلك فإنّ قراءة القرآن في ليلة القَدْر من أعظم أسباب الهُدى، وتحقيق التقوى في القلوب. إحياء ليلة القَدْر أفضل من ألف شهرٍ، قال -تعالى-: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، فمن المُستحبّ إحياء ليلة القَدْر بالعبادات؛ إذ ثبت في الصحيح عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)، ويُستحسن الإكثار من الدُّعاء فيها بما ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، إذ ورد عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (قلْتُ: يا رسولَ اللهِ، أرأَيْتَ إنْ علِمْتُ أيَّ ليلةٍ ليلةَ القدرِ ما أقولُ فيها؟ قال: قولي: اللَّهمَّ إنَّك عفُوٌّ تُحِبُّ العفْوَ، فاعْفُ عنِّي). نزول الملائكة وجبريل -عليهم السلام- في ليلة القَدْر بإذن الله -تعالى-، في كلّ أمرٍ اقتضاه الله -تعالى- في السَّنة، قال قتادة: "يقضي فيها ما يكون في السَّنة إلى مثلها". ليلةُ القَدْر ليلةٌ مباركةٌ، إذ قال -تعالى-: (إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ).