قالوا في الأمثال الشعبية.. عن حب الأجداد لأحفادهم "أعز من الولد ولد الولد"؛ لتوضيح مدى مَعزّة ومحبة الأجداد التي يحملونها تجاه أحفادهم، وإن كانت بصورة مبالغة؛ لأن الجدة تحب حفيدها؛ لأنه جزء أو قطعة من ولدها أو ابنتها، وأمام هذه المشاعر الطيبة الجميلة؛ على الآباء الاهتمام وتعزيز حب الأطفال تجاه أجدادهم.. في كل الأوقات.. وليس في الأعياد والمناسبات الخاصة فقط؛ لما لها من أثر صحي ونفسي واجتماعي على الطفل حالياً ومستقبلاً. اللقاء مع أستاذ الشريعة، الدكتور محمد البليدي، وخبيرة التربية الدكتورة فؤادة هدية أستاذة علم نفس الطفل بعين شمس؛ للشرح والتوضيح.
1- أهمية وجود الأجداد في حياة الأحفاد
- أهميتهم في حياة كل طفل ترجع إلى كونهم المنبع الكبير للحبّ والمودّة والاحتواء، والمصدر الرئيسي لكل طاقة إيجابية تزرع الفرحة والابتسامة على وجوه الأطفال.
- من خلالهم يكتسب الطفل الخبرات والاهتمام؛ من خلال معرفة تاريخ الأسرة والاطلاع على تفاصيلها بشكل عام، كما أنهم الجذور الأساسية لتلك الأسرة الصغيرة ولذلك الطفل.
- الطفل الذي يتمتّع بعلاقة جيدة ومباشرة وعاطفية مع أجداده، هو طفل يستمتع بفوائد متنوعة مهمة جداً في حياته وفي تربيته، فهو طفل لديه مهارات اجتماعية قوية حصل عليها من أجداده داخل المنزل، نجده يتعامل مع الناس بلطف وكرم وبكل احترام وحبّ.
- الطفل الذي يحظى بوجود أجداده في سنين عمره الأولى، بشكل خاصّ، هو طفل غير عصبي، ولا يتوتر عند المواقف، ولا يشعر بالكآبة وخيبة الأمل عندما لا يحصل على ما يعجبه؛ لأنه اعتاد على أن هنالك حلاً لكلّ شيء؛ بناءً على خبرات أجداده.
- وهذه العلاقة الهادئة المستقرة بين الجد أو الجدة والطفل، تقوي أداء الطفل في المدرسة وفي التعامل مع الآخرين، ويعزز ثقته في نفسه، وكيفية التحكّم بمشاعره مع الأصدقاء دون أن يتسبّب له ذلك بأي ضرر.
2- صلة الرحم من الإيمان
- عن أبي هريرة "رضي الله عنه"، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت". رواه البخاري.
- أمور ثلاثة تحقق التعاون والمحبة بين الناس، وهي: إكرام الضيف وصلة الرحم والكلمة الطيبة، وقد ربط الرسول (صلى الله عليه وسلم) هذه الأمور بالإيمان، فالذي يؤمن بالله واليوم الآخر لا يقطع رحمه، وصلة الرحم علامة على الإيمان.
- صلة الرحم علامةُ كمالِ الإيمان وحسنِ الإسلام، صلة الرحم تدفع للسعة في الأرزاق والبركة في الأعمار، والفوزُ بها يرضي الخالق، ثمّ محبّةِ الخلق، كما أنها تعمل على تقوية أواصر العلاقات الاجتماعيّة بين أفراد الأسرة الواحدة.
- من يصل رحمه يؤيده الله، فللأرحام حق الزيارة والوصل من دون ارتباط بزمن بالمواسم فقط، بل إن صلة الرحم تكون واجبة لا تؤجل؛ عندما تحُلُّ مصيبة الموت أو المرض، أو الدّيون، فيجب المبادرة بتقديم المساعدة.
- وكذلك إن حلَّت بديارهم الأفراح والسعادة، فلا بد من مشاركتهم في ذلك؛ كأن يحدث عندهم أعراسٌ أو قدومُ غائب، أو شفاءُ مريض، أو رُزِقوا بمولود جديد ونحو ذلك، مما يدل على السرورِ والفرحِ في القلوب.
تعرّفي إلى المزيد: تأثير مشاهدة الطفل شجار والديه
3- صلة الرحم سبب للبركة في الرزق والعمر
- كل الناس يحبون ويعملون لكي يوسع الله لهم في الرزق، ويؤخر لهم في آجالهم؛ لأن حب التملك وحب البقاء غريزتان في نفس الإنسان، فمن أراد ذلك فعليه بصلة أرحامه.
- عن أنس "رضي الله عنه" قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه". رواه البخاري.
- وعن علي "رضي الله عنه" عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "من سره أن يمد له في عمره، ويوسع له في رزقه، ويدفع عنه ميتة السوء، فليتق الله وليصل رحمه"، رواه البزار والحاكم.
4- صلة الرحم سبب لصلة الله تعالى وإكرامه
- عن عائشة "رضي الله عنها"، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: "الرحم متعلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله". رواه مسلم.
- وقد استجاب الله الكريم سبحانه لها، فمن وصل أرحامه وصله الله بالخير والإحسان، ومن قطع رحمه تعرض إلى قطع الله إياه، وإنه لأمر تنخلع له القلوب؛ أن يقطع جبار السموات والأرض عبداً ضعيفاً فقيراً.
5- صلة الرحم من أسباب دخول الجنة
فعن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: "يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام". رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.
تعرّفي إلى المزيد: طرق نموذجية لتأديب الأطفال من دون صفع
6- دور الآباء في تعزيز صلة الأبناء بالأرحام
- تكلمي أيتها الأم مع أبنائك، صغاراً كانوا أو كباراً، عن والديكِ، وأكثري في الكلام عن حبك لهما وفضلهما الكبير عليك.
- اذكري لهم بعض العادات الطيبة التي ورثتِها، والتي نفعتكِ في حياتك حتى اليوم، وكذلك القيم والأخلاقيات التي تربيتِ عليها.
- انتبهي.. لا تنسي دعوة والديكِ لزيارتكِ والجلوس والتعرف إلى أطفالك.. في المناسبات البسيطة قبل الكبيرة.. ما يشيع جواً من الدفء الأسري.
- أطفالك هم أحبابك.. وكذلك أنت، حيث كنتِ الحبيبة والابنة المفضلة في عيون والديك.. فلا تنشغلي عن زيارتهما.
- لا مانع من إعداد رحلة بسيطة، عدد أيامها قليلة؛ لجمع الأحفاد بالأجداد في مكان واحد.. يتسم بالاتساع، وفيه يستطيع الكل الفرحة والانطلاق.
- الطفل الذي يتربى في جو يسوده الألفة والمحبة من الصغير للكبير، ومن الابنة للوالدة والطفل للجدة.. يُنشئ أطفالاً أسوياء ناجحين في حياتهم العملية والاجتماعية.
- صلة الرحم لا تتوقف على العلاقة بين الأبناء والأجداد، إنما تمتد لتشمل الأعمام والعمات، والخالات والأخوال وبقية أفراد العائلة والكبار المسنين منهم قبل الصغار.