مع اقتراب موعد عيد الأضحى، وسعي المسلمين في جميع الأرجاء لشراء الأضحيَة وهي إحدى شعائر الإسلام، التي يتقرب بها المسلمون إلى الله؛ بتقديم ذبح من الأنعام، وذلك من أول أيام عيد الأضحى، حتى آخر أيام التشريق، وهي من الشعائر المشروعة والمجمع عليها.
الدكتور عمرو خالد الداعية الإسلامي لـ«سيدتي» يقول: الأضحية من العبادات المؤكدة كما في كتاب الله -عز وجل- وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وإجماع المسلمين. قال الله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر، آية: 2]. وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «ضحى النبي بكبشين أملحين ذبحهما بيده وسَمَّى وكَبَّر ووضع رجله على صفاحهما». كما أشار إليها النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في الحديث؛ أنه قيل: يا رسول الله، ما هذه الأضاحي؟ قال: «سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ»، قيل: ما لنا منها؟ قال: «بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَسَنَةٌ» قيل: فالصوف؟ قال: «بِكُلِّ شَعْرَةٍ مِنْ الصُّوفِ حَسَنَةٌ».
وقد شرعت التضحية في السنة الثانية من الهجرة النبوية، وهي السنة التي شُرعت فيها صلاة العيدين وزكاة المال.
* شرائط التضحية
و للتضحية شرائط تشملها وتشمل كل الذبائح وشرائط تختص بها، وهي ثلاثة أنواع: نوع يرجع إلى الأضحية، ونوع يرجع إلى المضحي، ونوع يرجع إلى وقت التضحية.
فشروط الأضحية في ذاتها، هي أن تكون من الأنعام، وهي الإبل بأنواعها، والبقرة الأهلية، ومنها الجواميس، والغنم ضأناً كانت أو معزاً، ويجزئ من كل ذلك الذكور والإناث؛ فمن ضحى بحيوان مأكول غير الأنعام، سواء أكان من الدواب أم الطيور لم تصح تضحيته به؛ ويتعلق بهذا الشرط أن الشاة تجزئ عن واحد والبدنة والبقرة كل منهما عن سبعة؛ ويجب أن تبلغ سن التضحية ثنية أو فوق الثنية من الإبل والبقر والمعز، وجذعة أو فوق الجذعة من الضأن، والجذع من الضأن ما أتم ستة أشهر، والمسنة من الماعز هي الثني: وهي ما أتم سنة قمرية ودخل في الثانية دخولاً بيناً كأن يمر عليها شهر بعد بلوغ السنة، والمسنة من البقر هي الثني: وهي ما بلغ سنتين قمريتين، والجاموس نوع من البقر، والمسنة من الإبل -الجمال- الثَّنِي: وهو ما كان ابن خمس سنين.
ويجب أن تكون الأضحية سليمة من العيوب الفاحشة، وهي العيوب التي من شأنها أن تنقص الشحم أو اللحم إلا ما استُثني.
أما شروط المضحي فأن تتوافر فيه نية التضحية، وأن تكون النية مقارنة للذبح أو مقارنة للتعيين السابق على الذبح.
يدخل وقت ذبح الأضحية بعد طلوع شمس اليوم العاشر من ذي الحجة، وبعد دخول وقت صلاة الضحى، ومُضي زمان من الوقت يسع صلاة ركعتين وخطبتين خفيفتين، لا فرق في ذلك بين أهل الحضر والبوادي، وينتهي وقت الذبح بغروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق؛ أي أن أيام النحر أربعة: يوم العيد وثلاثة أيام بعده.
ليلة عيد الأضحى ليست وقتاً للتضحية بلا خلاف، وكذلك الليلة المتأخرة من أيام النحر، وإنما الخلاف في الليلتين أو الليالي المتوسطة بين أيام النحر، فالمالكية يقولون: لا تجزئ التضحية التي تقع في الليلتين المتوسطتين، وهما ليلتا يومي التشريق من غروب الشمس إلى طلوع الفجر. وقال الحنابلة والشافعية: إن التضحية في الليالي المتوسطة تجزئ مع الكراهة؛ لأن الذابح قد يخطئ المذبح، وإليه ذهب إسحاق وأبو ثور والجمهور، وهو أصح القولين عند الحنابلة.
واستثنى الشافعية من كراهية التضحية ليلاً ما لو كان ذلك لحاجة، كاشتغاله نهاراً بما يمنعه من التضحية، أو مصلحة كتيسر مساعدة الفقراء ليلاً، أو سهولة حضورهم، وهذا هو المُفْتَى به.
* مستحبات الأضحية
يُستحب قبل التضحية أن يربط المضحي الأضحية قبل يوم النحر بأيام؛ وأن يقلدها ويجللها قياساً على الهدي؛ لأن ذلك يُشْعِر بتعظيمها، وأن يسوقها إلى مكان الذبح سوقاً جميلاً لا عنيفاً ولا يجر برجلها إليه؛ إمساك المضحي عن قص شعره وأظفاره، وأن يذبح المضحي بنفسه إن قدر عليه، وأن يدعو فيقول: «اللهم منك ولك، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين». ويُستحب بعد التسمية التكبير ثلاثاً والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- والدعاء بالقبول.
اتفق الفقهاء على أنه تصح النيابة في ذبح الأضحية إذا كان النائب مسلماً، وكذلك له أن يوكل من يشتري له الأضحية ويذبحها، وذلك كما انتشر حديثاً مما يُسمى بصك الأضحية.
إذا أوصى الميت بالتضحية عنه أو وقف وقفاً لذلك جاز بالاتفاق، فإن كانت واجبة بالنذر وغيره وجب على الوارث إنفاذ ذلك، أما إذا لم يوصِ بها فأراد الوارث أو غيره أن يضحي عنه من مال نفسه، فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى جواز التضحية عنه، وقال الشافعية: الذبح عن الميت لا يجوز بغير وصية أو وقف.
لا يجوز للمسلم أن يعطي الجزار شيئاً من الأضحية على سبيل الأجر، ويمكن إعطاؤه على سبيل التفضل والهدية أو الصدقة، أما بوصفه أجراً له فيحرم ذلك لما ورد، ولأن إعطاء الجزار شيئاً من الأضحية يشبه البيع من الأضحية.