تُعتبر الثقةُ بالنفس مِفتاحَ النجاح في الحياة، وهي سبب في أن يكون الشخص محطّ تقديرٍ واحترام من الآخرين، ومحلَ ثقتِهم أيضاً.
تقول الدكتورة أميرة حبارير، الخبيرة النفسية لـ«سيدتي»: اختلف العلماء في تعريف الثقة بالنفس؛ حيث عرّفها البعض على أنّها اعتقاد الشخص بنفسه، وعرّفها آخرون بأنّها تقييم الفرد لنفسه وتوقعاته لأدائه المسبق، كما يمكن تعريف الثقة بالنفس بأنّها شعور الفرد بقيمته، ويظهر ذلك عن طريق أفكاره وتصرفاته من دون الخوف من ردّة فعل الآخرين؛ فهو المسؤول عن نفسه وأفكاره.
* تعريف الثقة بالنفس ومقوّماتها
هناك بعض الأشخاص الذين خلطوا بين مصطلحات علم النفس، وتقدير الذات، والكفاءة الذاتية، وفي الحقيقة فإنّ الكفاءة الذاتية تُعرّف على أنّها اعتقادات الفرد حول قدراته، ومدى تأثيرها في حياته المستقبلية، أمّا الثقة بالنفس، وعلى الرغم من أنّها تتشابه مع الكفاءة الذاتية في أداء الفرد في المستقبل، إلّا أنّها تعتمد أيضاً على الأداء السابق للفرد، وبالتالي يمكن القول إنّ الثقة بالنفس تركز على الماضي والمستقبل معاً، في حين يمكن تعريف تقدير الذات بأنّه تقييم الفرد لنفسه في جميع الجوانب العقلية، والاجتماعية، والانفعالية، وينعكس هذا التقييم على ثقته بنفسه، ونظرته لها، وهذا يعني أنّ تقدير الذات يرتكز على حاضر الفرد ونظرته لنفسه.
- مقومات الثقة بالنفس
- المقومات العقلية:
تنقسم المقومات العقلية إلى ثلاثة أقسام، وهي: الذكاء: إنّ تمتع الشخص بالذكاء يجعله يتجنب الكثير من الأخطاء، وبالتالي يصبح الفرد مقبولاً، ومحبوباً في المجتمع، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة الثقة بالنفس.
الذاكرة الجيدة: فهي تساعد الفرد على زيادة ثقته بنفسه؛ لأنها تساعده على مجاراة متطلبات الحياة.
الخيال: إنّ تمتّع الشخص بخيالٍ واسعٍ، قد يُساعده على تحديد أهدافه، والعمل على تحقيقها، وتوظيفها في الحياة الواقعية.
- المقومات الوجدانية:
إنّ قدرة الشخص على التحكم في مزاجه، وإيمانه بقدرته على تغيير معتقداته الخاطئة، يمكن أن تزيد من ثقة الفرد بنفسه.
- المقومات الاجتماعية:
إن الإنسان اجتماعيٌّ بطبعه، وقد يؤدي شعور الفرد بالرفض من قِبل مجتمعه أو رفض أفكاره، إلى فقده للثقة بنفسه، ولذلك يجب على الإنسان بناء أفكاره بحسب مقبوليتها في البيئة التي يعيش فيها، ولكنّ ذلك لا يعني أن يتخلى الفرد عن أفكاره ومعتقداته؛ فأحياناً تكون أفكار الفرد صحيحةً، وتُساهم في بناء المجتمع، ولكنّ نظرة المجتمع لهذه الأفكار تكون خاطئةً، وخصوصاً إذا كانت هذه الأفكار جديدةً وغيرَ مألوفةٍ لدى أفراد المجتمع، ولذلك فإنّ الثقة بالنفس تساعد الفرد على قيادة دفة التغيير في المجتمع.
- المقومات الاقتصادية:
إنّ قدرة الفرد على سدّ احتياجاته الأساسية، تزيد من ثقته بنفسه؛ لأنّه لن يحتاج إلى مساعدة الآخرين، وبالتالي فإنّه يعمل على مواكبة الحضارة، والبحث عن التعليم.
* طرق اكتساب الثقة بالنفس
يُمكن اكتساب الثقة بالنفس بعدة طرق، من أبرزها ما يأتي:
- الإيمان بالنفس:
دائماً الإيمان بالذات هو أحد الخيارات المُتاحة للشخص؛ فصحيح أن العائلة لها دور كبير في الدعم، إلا أنَّ الشخص يجب أن يكون ناجحاً من تلقاء نفسه، وذلك من خلال الإيمان بذاته وقدراته، وعدم إلقاء اللوم على الآخرين، والتذكر دائماً أنّ كلّ شيء يؤمن به الشخص سيُحققه بالفعل.
- الحديث الإيجابي عن النفس، والتصورات الإيجابية:
تُشير العديد من الأبحاث الخاصة بالدماغ، إلى أنّ الشخص يُمكن أن يُحقق أيّ شيء يطمح إليه، من خلال الحديث الإيجابي مع النفس، والتدرّب على ممارسة التخيل الإيجابي؛ فإذا كان الشخص يتصرف كما لو أنّ كلّ شيء ممكنٌ، سيسعى حقاً لتحقيق ذلك، وعلى العكس من ذلك، إذا رأى أنه غير قادر؛ فلن يُحقق أية نتيجة.
- كلمة "لا أستطيع"، لا معنى لها:
هناك العديد من الكلمات التي تجعل الشخص ضعيفاً عند التفوّه بها؛ لذلك لا بُدَّ من التخلي عن جميع هذه الكلمات؛ فعلى سبيل المثال عبارات مثل: "لا أستطيع"، أو "أتمنى لو كنت قادراً على ذلك"، تُحطّم قوة الشخص وتُقلل ثقته بنفسه؛ لذلك يجب انتقاء الكلمات التي تؤثّر على العقل والجسم، وتَزيد من الثقة والنجاح.
- عدم الاهتمام بما يعتقده الآخرون:
إذا ربط الشخص نجاحه بما يعتقده الآخرون عنه؛ فلن يُحقق أي شيء على الإطلاق؛ لذلك يجب التركيز على الأهداف الخاصة والرغبات، وليس على رغبات ومُعتقدات الناس وآرائهم الخاصة؛ حيث إنَّ الانشغال بما يعتقده الآخرون، سيهدر الوقت؛ لذلك يجب التركيز على الأفعال التي من خلالها ستُحقق جميع الأهداف المرجوّة.
- الماضي الإيجابي:
عادة ما يتذكر الدماغ الأحداث التي مرت عليه في الماضي، المُصاحبة لمشاعر قوية؛ لذلك هناك العديد من الأشخاص يُركّزون دائماً على مراحل الفشل التي مرّوا بها، وينسَون تلك النجاحات التي حققوها، وحتى يتم تجاوز ذلك، لا بُدَّ من التركيز على النجاحات التي تم تحقيقها والاحتفال بها، هذا الأمر سيبني الثقة بالنفس، ويُهيئها لتحقيق نجاحات جديدة.