اتفق أطباء وأخصائيو التغذية بمستشفى سعد التخصصي على أن تصحيح الحياة الغذائية من خلال إستراتيجيات محددة يلعب دوراً كبيراً في الوقاية من السمنة، منوهين إلى وجود أربعة مسببات للسمنة في المملكة العربية السعودية والعالم بأسره، وعلى رأسها الغذاء غير المتوازن وقلة النشاط البدني، ومحذرين من تفشي السلوكيات الغذائية الخاطئة لاسيما بين الأطفال الصغار، جاء ذلك خلال ندوة أقامتها "سيِّدتي" بمستشفى سعد التخصصي بالخُبْر تزامناً مع فعاليات حملة "لا للسمنة"...
حيث قالت استشارية ورئيسة قسم الأطفال بمستشفى سعد الدكتورة سحر الدوسري: "إن أنماط التغذية بالسعودية ليست وليدة اللحظة، بل تعود لأعراف المجتمع السعودي قديماً، وللأسف لا زالت تبعاتها متوارثة حتى الآن"، مبدية استياءها من توجهات المجتمع السعودي نحو الإسراف بالأطعمة بقولها: "إن علاج السمنة يبدأ بتصحيح طريقة التغذية والأنماط الاستهلاكية للأفراد".
وأضافت: "إن بعض السيدات لديهن مفاهيم خاطئة عن التغذية، خاصة مع بداية معرفتهن بالحمل، إذ يُبالغن في استهلاك الأطعمة اعتقاداً منهن بأن كثرة الطعام تعود بالنفع على الجنين، ولكن ما لا يعرفنه أن مثل هذه السلوكيات قد تُحدث عدة مشاكل للجنين، كأن يصبح أكبر من حجمه الطبيعي، أو تزداد لديه نسبة سكري الدم، علاوة على احتمالية حدوث هبوط بالسكري خلال اليوم الأول للولادة، وبالتالي قد يختلف حينها غذاء الطفل عن الغذاء الطبيعي للأطفال".
ونوهت الدوسري إلى أنه في الآونة الأخيرة أخذت تنتشر بين الأطفال أمراض الكبار كأمراض القلب، والمفاصل، والشرايين، والتنفس، مما استدعى العلاجات الجراحية لإنزال الوزن، وأشارت إلى أن التوجهات العالمية الآن نحو الاعتماد الكلي على الرضاعة الطبيعية من دون إضافات إلى الشهر السادس من العمر؛ لأن حليب الآم متكامل، ولا حاجة لوجود أي إضافات معه ولا حتى الماء.
وأردفت قائلة: "قد تتحمس الأمهات في بداية ممارستهن للأمومة إلى إعطاء أطفالهن الأكل مبكراً في الشهرين الأول والثاني، لكن مثل هذه السلوكيات تعتبر خاطئة؛ لأنها تحفز من نمو الخلايا الدهنية لدى الأطفال مبكراً"، موضحة أن الحليب الصناعي أو العصائر المحلاة والأغذية التي تُباع في الصيدليات نستهلكها لأطفالنا تبعاً لما هو مكتوب عليها، والشركات تريد ترويج هذه السلع، فتكتب عليه غذاء منذ الشهر الرابع، وذلك رغم أن الصحيح في غذاء الطفل الرضيع هو أن يبدأ الأكل مع بلوغه الشهر السادس، مع ضرورة أن تكون البداية بأطعمة خالية من السكر كالخضروات، وإذا أرادت الأم إدخال الفاكهة إلى طعام رضيعها فعليها إعطاؤه الفاكهة كما هي سواء بتقطيعها قطع صغيرة أو هرسها حتى يسهل هضمها، مع الابتعاد عن إعطائه إياها في صورة عصائر صناعية، لما تحتويه هذه العصائر من سعرات حرارية عالية للغاية.
ونصحت الدوسري الأمهات بضرورة متابعة أوزان أطفالهن، وعدم منع الأطفال عن الطعام، بل تنظيمه وتغيير طرق إعداده، مؤكدة على ضرورة الابتعاد عن إرغام الأطفال على الأكل، أو تقديمه للأطفال كمكافئة على فعل جيد اقترفوه، قائلة: "إن الطفل يعلم ما يحتاجه بنفسه، وإذا احتاج الطعام سيأتي ويطلبه منك"، لافتة إلى أن الطفل منذ بلوغه السنة والنصف عليه أن يأكل ثلاث وجبات رئيسية منتظمة، وذلك إلى أن يستطيع الاعتماد على نفسه، وطالبت بضرورة توعية الأطفال وتثقيفهم صحياً، وتزويدهم بالمعلومات حتى يتعود الأطفال على ممارسة الحياة الصحية بالشكل السليم منذ نعومة أظافرهم.
ومن جانبه أكد الدكتور معتز عثمان، استشاري الغدد الصماء والسكري، على وجود علاقة قوية بين السكري والسمنة، ففي حال ظهور السمنة لدى الطفل يبدأ السكري في الازدياد، منوهاً إلى أن السكري نوعان: أحدهما مرتبط بالأنسولين والجينات الوراثية، والثاني هو الأكثر شهرة وقد ازداد في الآونة الأخيرة، حيث كانت نسبته سابقاً 1.7 في الألف ووصلت حالياً نحو١٧ بالمائة في الأطفال.
ومن جهته قال الدكتور محمد الخياط، استشاري مشارك جراحات المناظير والسمنة بمستشفي سعد التخصصي: "إن مرضى السمنة يتم تصنيفهم إلى عدة فئات اعتماداً على كتلة الجسم من خلال معادلة رياضية متعارف عليها تسمى مؤشر السمنة "BMI"، حيث تتم قسمة الوزن بالكيلو غرام على مربع الطول بالمتر المربع، وعلى أساسه يكون المعدل الطبيعي للوزن تحت 25، من ضمن السمنة الخفيفة يكون المؤشر ما بين 25 إلى 30، وتكون السمنة المتوسطة ما بين 30 إلى 35، والسمنة العالية ما بين 35 إلى 40، أما فوق الـ 40 فهي سمنة مفرطة.
ويخضع المرضى في هذه الحالة إلى تدخل جراحي إذا كان مؤشر السمنة فوق 35 مع وجود أمراض مزمنة كارتفاع ضغط الدم والسكري، وفوق 40 من دون أمراض مزمنة حسب التصنيف العالمي.
ويصنف الدكتور الخياط عمليات السمنة إلى نوعين:
1. عمليات غير جراحية لعلاج البدانة، مثل: البالون المعدي، وتكون عن طريق منظار المعدة من خلال الفم، أو وضع أنبوب "التفلون" في الجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة "الاثني عشر".
2. العمليات الجراحية لعلاج البدانة، وهي إما أن تكون من خلال تصغير حجم المعدة، مثل: تكميم المعدة، أو حزام المعدة، أو تصغير حجم المعدة، وإما تقليل امتصاص الطعام، مثل: تحوير المسار التقليدي، أو تحوير المسار المصغر، وجميع هذه العمليات تجري بواسطة المنظار الجراحي عن طريق البطن من خلال فتحات صغيرة دون اللجوء إلى فتح البطن جراحياً، حتى يتمكن المريض بعد هذا النوع من العمليات من مزاولة حياته الطبيعية بأسرع وقت.
ويشير استشاري مشارك جراحات المناظير والسمنة إلى أن في هذا النوع من العمليات يجب اختيار مراكز طبية مؤهلة ومزودة بوحدات عناية حثيثة وأطباء متخصصين في مجالات متعددة.
فيما ترى أخصائية التغذية حامدة الزهير أن السمنة والأمراض الناجمة عنها تأتي نتيجة الإسراف في تناول الأطعمة، لافتة إلى ضرورة تعديل وتصحيح نمط الحياة؛ لأنه إن تمت الحمية ونمط الحياة خاطئ فلن تأتي الحمية بنتائج جيدة.
وقالت: "إن إحداث توازن بين ما نأكل وحركتنا يعطي الكثير من النتائج الجيدة، بل ويحافظ على ثبات الأوزان لفترة كبيرة"، ناصحة بالابتعاد عن تناول الطعام أمام التلفاز وغيره من الأجهزة، مع ضرورة تنوع الوجبة الواحدة.
واختتمت حديثها بقولها: "لابد أن يكون الوزن الطبيعي المفقود في الحمية نصف كيلو أسبوعياً وليس أكثر، ولنبتعد عن البدائل الغير صحية لإنقاص الوزن كثيراً".
وفي النهاية لابد أن يكون هناك وعي ثقافي وهدف لنعيش حياة صحية أكثر، مصحوباً ذلك بالصبر، واختيار نمط حياة سليم منذ البداية.