تجتهد الدكتورة سجى المزروع من خلال عملها كأستاذ مساعد في جامعة الملك سعود ورئاستها لتحرير المجلة السعودية لأبحاث النظم الصحية التابع لوزارة الصحة في دعم القطاع الصحي والتعليمي، والبحث العلمي على وجه الخصوص، فقدَّمت أكثر من 20 محاضرةً في البحث العلمي، كما كانت همزة وصلٍ بين الباحثين من مختلف مناطق البلاد، وتقوم بتقديم منشورات، تفيد المتخصِّصين والمهتمين بهذا المجال، من خلال نشاطها اللافت في مواقع التواصل الاجتماعي، وتعمل حالياً على مشروعٍ ابتكاري، يهدف إلى الربط بين المبتدئين في البحث العلمي والخبراء فيه عبر منصة افتراضية، تسهِّل عملية التعاون. في الحوار الآتي نتعرف أكثر إلى نشاطاتها وتجربتها المميزة.
مالذي جذبك لدراسة تخصص الصيدلة؟
دخلت كلية الصيدلة برغبةٍ من والدي، حفظه الله، والحمد لله كان الاختيار موفَّقاً، إذ يتميَّز تخصُّص الصيدلة بتنوع الأقسام، بالتالي تنوُّع الفرص الوظيفية، كما يشمل العلوم الأساسية، مثل الكيمياء والصيدلية، وعلم الأدوية، وتصنيع المستحضرات الصيدلانية، وهي الركائز الأساسية في اكتشاف وصناعة الدواء، وغالباً ما تتمُّ في المختبرات. أيضاً هناك الجانب التطبيقي الإكلينيكي، الذي يُعنى بتحديد الخطة العلاجية المناسبة لكل مريضٍ بناءً على حالته المرضية. بالنسبة إلى دراسة الدكتوراه، كانت في اقتصاديات الصحة وتقييم الخدمات الصحية، وهي أحد أهداف رؤية وزارة الصحة من أجل تحقيق الاستدامة المالية عبر تطبيق أسس اقتصاديات الصحة.
كيف تخطيتِ الصعوبات التي واجهتكِ خلال دراستكِ، وعملكِ؟
واجهت صعوباتٍ كبيرة في بداية دراستي بكلية الصيدلة، نظراً لكمية المواد، وصعوبة محتواها، إضافةً إلى ندرة المراجع، وكثرة الاختبارات، والدراسة باللغة الإنجليزية، وتغلَّبت على ذلك بتنظيم وقتي، والدراسة بشكل منتظم، وجدولة مهامي. وفي مرحلة الدكتوراه التحديات كانت مختلفةً، منها ساعات العمل الطويلة والمجهدة نسبياً، واجتزتها بالموازنة بين الدراسة والترفيه.
تابعي المزيد: ياسمين الدباغ: سعيدة بكوني أول سعودية تشارك في بطولة ألعاب القوى المقامة بأمريكا
الصيدلانيات السعوديات
كيف ترين إقبال المرأة السعودية على التخصص في مجال الصيدلة؟
الصيدلانيات السعوديات يتقلَّدن مناصب رفيعة في الجامعات والوزارات، والمدن الطبية وشركات الأدوية، ومراكز الأبحاث، ولعل من أبرز الأسماء في مجالنا الأستاذة الدكتورة أمل بنت جميل فطاني، الملحق الثقافي في بريطانيا وعضو هيئة التدريس في كلية الصيدلة بجامعة الملك سعود.
ما أهم ما تحقق لك من إنجازات من خلال عملكِ نائبة مديرة وحدة الابتكار بكلية الصيدلة في جامعة الملك سعود؟
استطعت من خلال المنصب مساعدة طالبات الكلية في تطوير منتجاتهن الابتكارية، وإيصالها لأهل الاختصاص بمركز الابتكار وريادة الأعمال في جامعة الملك سعود، كذلك عقدنا هاكاثون الصحة، الذي يهدف إلى تطوير حلولٍ ابتكاريةٍ تقنيةٍ للتحديات الصحية المعاصرة، واكتسبت من هذه التجربة علاقاتٍ واسعة مع خبراء في مجال الابتكار التقني.
كيف تواكب السعودية التغييرات المستمرة في أنظمة الرعاية الصحية؟
تعدُّ السعودية اليوم من الدول الرائدة في منطقة الخليج العربي في تطوير النظام الصحي عبر تطبيق الأهداف الاستراتيجية لـ «رؤية 2030»، وبلا شك نحن في المجال الأكاديمي نواكب هذه التغييرات من خلال البحوث العلمية الجديدة، وتحضير أعضاء هيئة التدريس للمواد التي يدرِّسونها بما يتواكب مع هذه التغييرات، كما أننا في المجلة السعودية لأبحاث الأنظمة الصحية نراجع البحوث التي تصل للنشر من أجل التأكد من مواكبتها التغييرات، ودعم القطاع الصحي.
تابعي المزيد: الدكتورة لينة عيوني: منح المرأة صلاحيات صنع القرار انعكس على جودة الحياة
اقتصاديات الصحة
حصلتِ على الدكتوراه في اقتصاديات الصحة من جامعة نوتنجهام في بريطانيا ما المقصود بعلم اقتصاديات الصحة؟
يهدف الاقتصاد الصحي إلى تطبيق نظريات الاقتصاد من أجل تحليل قرارات صنَّاع القرار في كل ما يتعلَّق بالخدمات الصحية، وتحقيق الاستدامة المالية التي تعد أحد أبرز التحديات التي تواجه النظم الصحية المختلفة في العالم، حيث يمكن من خلال تطبيق مفاهيم الاقتصاد الصحي وضع، أو تبني نماذج لتمويل النظام الصحي، إضافة إلى تقييم التقنيات الصحية سواء كانت أدويةً، أو أجهزةً تشخيصيةً، أوعمليات جراحية للتأكد من الاستخدام الأمثل للموارد المالية، مع المحافظة على جودة وفاعلية الخدمات الصحية المقدَّمة.
كونك أستاذة مساعدة في اقتصاديات الصحة بجامعة الملك سعود، حدِّثينا عن عملك في المجال الأكاديمي؟
عملي في المجال الأكاديمي يتمحور حول تدريس مواد الصيدلة الإكلينيكية، التي تقوم على تصميم خططٍ علاجية بناءً على حالاتٍ مرضيةٍ بمواصفاتٍ معيَّنة، مع الأخذ بعين الاعتبار الجرعات، والمدة، والأضرار الجانبية المحتملة. كذلك أدرِّس مواد أخرى، مثل معلومات الأدوية، والسموم، والمعلوماتية الصحية، واقتصاديات الصحة، وأشرف على أبحاث التخرُّج لطالبات البكالوريوس والدراسات العليا.
ما مدى شيوع دراسات اقتصاديات الصحة في السعودية، وما معوقات إجرائها؟
بناءً على مراجعةٍ منهجيةٍ، قمنا بها من خلال مجموعتنا البحثية، تبيَّن أن عدد الدراسات في مجال اقتصاديات الصحة لا يتعدى 14 دراسة في جميع دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى الرغم من قوة منهجية التقييم الاقتصادي الصحي في تحسين القدرة على صنع القرار وشيوع استخدامها، إلا أن هناك تحدياتٍ تواجهها، من أبرزها ندرة المتخصصين، وصعوبة الحصول على معلومات التكلفة والبيانات الصحية، والمخرجات الصحية التي تساعد صنَّاع القرار في تحديد المنتج الأنسب لتحسين المخرج، لكن يمكن معالجة هذه التحديات من خلال استقطاب الباحثين والمختصين، وتسهيل الوصول للبيانات، ما يسهم في تطوير وإنعاش هذا المجال وتحقيق أهدافه.
ماذا أضافت لكِ عضويتكِ في اللجنة الاستشارية الوطنية لاقتصاديات الصحة والمجلس الصحي السعودي؟
ساعدتني عضوية اللجنة في معرفة الأولويات البحثية من وجهة نظر أصحاب القرار، التي بدورها تسهم في تحديد توجهاتي البحثية ومدى مواءمتها احتياجات المجتمع.
تابعي المزيد: فتون صائغ.. غواصة في معلومات البيئة البحرية
أعمل على مشروعٍ ابتكاري للربط بين المبتدئين في البحث العلمي والخبراء عبر منصة افتراضية
طرق التدريس والبحث العلمي
حدثينا عن بصمتك في ابتكار طرق للتدريس، و عن تفاعل الطالبات؟
منذ تعييني معيدةً، وأنا أفكر بابتكار طرقٍ، تجعل المحاضرة، أو المعمل أكثر نشاطاً وملامسةً للواقع، وفي سبيل ذلك استخدمت استراتيجيات المحاكاة وتبادل الأدوار، كما قمت بتصميم ملفٍ طبي ورقي، يحاكي الملف الموجود في المستشفيات من أجل تطوير قدرة الطالبة على استخراج المعلومات الطبية المتعلِّقة بالمريض، ومثَّلت دور مريضةٍ كبيرةٍ في السن، أو من ذوي الهمم، مع الطلب من الطالبة أن تصرف لي العلاج المناسب، وتقدم لي الإرشادات الدوائية الموافقة لحالتي، كما استخدمت أسلوب المناظرة عبر تقسيم الطالبات إلى مجموعتين، واحدةٌ تدعم استخدام العلاج، والثانية ضد استخدامه، وجرَّبت الفصل المقلوب بوصفه أحد أساليب التعليم النشط. هذه الطرق تحفز قدرة التفكير العليا لدى الطالبة، وتساعدها على التعلم الذاتي. وأذكر هنا أيضاً «أنظمة الاستجابة الشخصية» التي استخدمتها بأجهزة التحكم عن بُعد، وهذه الطريقة الممتعة تشجع الطالبة على المشاركة في المحاضرات.
كيف تصفين علاقتك بطالباتك في جامعة الملك سعود؟
دخلت الجامعة معيدةً في سنٍّ صغيرة، تقارب سن الطالبات، وكنت أقضي معظم الوقت معهن، وعلى الرغم من مضي السنوات إلا أنَّ الفجوة العمرية بيني وبين طالباتي بقيت كما هي، حتى إنَّ لدي صديقاتٍ من طالباتي السابقات. وتعلَّمت خلال هذه الفترة، أن الطالبة تحتاج إلى موجِّهٍ ومرشدٍ بمنزلة الصديقة أكثر من احتياجها إلى عضوة هيئة تدريسٍ، لا يتعدى دورها قاعة المحاضرات، وأستمتع كثيراً خلال وجودي في الجامعة بالنقاش مع الطالبات حول موضوعاتٍ، لا تتعلَّق مباشرةً بالمحاضرات، مثل الخطط المهنية المستقبلية، والدراسات العليا، والأنشطة اللاصفية، واكتساب المهارات الناعمة. عندما تصبح عضو هيئة تدريسٍ، ستحصل على الرضا الوظيفي الذي يفتقده الكثيرون، فالإنجازات الدراسية والمهنية التي أشهدها من طالباتي تغمرني بالفخر، لا سيما إنني أشكِّل جزءاً من رحلتهن. والمجال الأكاديمي يحثني أيضاً على التعلم المستمر، والاستزادة في الاطلاع، فالطالبات فضولياتٌ، والعلم يتقدَّم، وغالباً ما أتلقَّى أسئلةً منهن، لم أفكِّر بها من قبل، ويتيح لي ذلك البحث باستمرارٍ عن اكتشافاتٍ وتقنياتٍ جديدة، أقدِّمها لطالباتي.
وما هي اسهاماتك في مجال البحث العلمي؟
بدأت بحثي الأول من أروقة جناح الأورام بتوجيهٍ وإرشادٍ ودعمٍ من الدكتورة لمياء النعيم، وكنت محظوظةً آنذاك بمعرفتها، إذ ساعدتني في فهم أسس البحث العلمي وتطبيقها، ونشر إنتاجي العلمي الأول، إضافةً إلى نشر ثلاث أوراق علمية قبل مرحلة الدكتوراه. وانسجاماً مع توجُّه السعودية في دعم منظومة البحث والتطوير والابتكار، قدَّمت أكثر من 20 محاضرةً في البحث العلمي، كما كنت همزة وصلٍ بين الباحثين من مختلف مناطق البلاد.
تتولين منصب رئاسة تحرير مكلَّفة للمجلة السعودية لأبحاث الأنظمة الصحية، ماهي فكرة المجلة وأهدافها؟
المجلة السعودية لأبحاث الأنظمة الصحية مجلةٌ إلكترونيةٌ، مفتوحة الوصول، وخاضعةٌ لمبدأ المراجعة المحكَّمة، ومخصَّصةٌ لإدارة الرعاية الصحية، وتعدُّ المنشور الرسمي لوزارة الصحة في السعودية، وصوت الوزارة للمجتمع العلمي العالمي. تعمل المجلة على تعزيز بيئة التميز البحثي، والارتقاء بالبحث العلمي في السعودية، وتقبل الأوراق العلمية التي تغطي الأبحاث والاتجاهات والتقنيات في الأنظمة الصحية، وتتضمَّن مقالاتٍ في إدارة وسياسات المستشفيات والرعاية الصحية، واقتصاديات الصحة، والصحة الرقمية.
بعيداً عن العمل، ما هواياتكِ اليومية؟
القراءة، والسفر، وكتابة المحتوى.
أين تفضلين قضاء إجازتكِ الصيفية؟
أرى أن السفر يستمدُّ متعته من الرفقة التي تصاحبك أينما كنت.
ما مدى اهتمامك بوسائل التواصل الاجتماعي؟
أهتمُّ كثيراً بوجودي في «تويتر»؛ حيث أشارك المتابعين آرائي، وأدعم الباحثين والمهتمين، وأساعدهم قدر المستطاع، كما شاركت متحدثةً رئيسةً في كثيرٍ من المساحات بالموقع، وأتلقَّى يومياً عشرات الأسئلة، وأحاول أن أقضي بعض الوقت للإجابة عنها، وقد مكَّنني نشاطي في «تويتر» من التواصل مع زملاء المهنة، ومشاركة الآراء، ودعم الجهود التي تفيد القطاع الصحي والتعليمي في السعودية.
ما مشاريعكِ المقبلة؟
إضافةً إلى العمل الأكاديمي، ونشر بعض البحوث الجديدة في التخصُّص لنيل درجة الأستاذية، أقوم حالياً بدراسة ماجستيرٍ آخر في الإدارة الصحية، كما أنوي التركيز على جانب الإرشاد المهني الذي وجدت فيه شغفي أخيراً، والعمل على مشروعٍ ابتكاري، يهدف إلى الربط بين المبتدئين في البحث العلمي والخبراء فيه عبر منصة افتراضية، تسهِّل عملية التعاون.
تابعي المزيد: المقاولة السعودية فوزية الكري: المقاولاتُ مسارٌ جديدٌ لتوطين الاقتصاد ومربحٌ للمرأة