يعدّ الجهاز اللمفي شبكة من العقد والأوعية اللمفية التي تحمل سائلاً شفافاً يدعى سائل اللمف، ويلعب دوراً رئيساً في تعزيز الجهاز المناعي الذي يدافع عن الجسم ضد مختلف أنواع العدوى والسرطانات، فكيف يرتبط بسرطان الثدي مباشرة، وما الآثار البدنية والنفسية له، التي تهدد حياة المريضات حال إهمال علاجه، وهل تعدّ الجراحة المجهرية الوقائية للوذمة اللمفية أملاً جديداً لمريضات سرطان الثدي؟ الدكتور رافي جورونيان، رئيس قسم الجراحة التجميلية في معهد التخصصات الجراحية الدقيقة في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، جزء من «مبادلة» للرعاية الصحية، يخص «سيدتي» بهذا الاكتشاف الجديد المهم.
الدكتور رافي جورونيان: أحذر من البدانة، والأمراض المصاحبة الأخرى، التي تزيد من احتمالية التعرض للوذمة اللمفية
يتولى الجهاز اللمفي مسؤولية تنظيم سوائل الجسم، والحفاظ على رطوبة الخلايا، وإزالة السموم، ودعم الجهاز المناعي؛ إذ يعمل بمنزلة طارد للبكتيريا والفيروسات والكائنات الدقيقة الأخرى من الدم المسببة المرض؛ لذلك لا يمكن التغاضي عن أهمية هذا الجهاز الحيوي لصحتنا العامة وعافيتنا البدنية.
تضخّمُ العقد اللمفية
بدأ د. رافي حديثه بشرح أسباب تضخم العقد اللمفية، يتابع قائلاً: «يحدث هذا عندما يكون الجسم في حالة دفاعية ضد هجمة بكتيرية أو فيروسية؛ حيث تنشط حينها كريات الدم البيضاء لمنع البكتيريا من إلحاق الضرر بالجسم. وعند انتشار مرض سرطان الثدي إلى العقد اللمفية، يتعين إجراء جراحة لإزالة هذه العقد؛ ما يسبب تجمع سوائل غنية بالبروتينات في المنطقة العليا من الجسم بجانب الذراع؛ الأمر الذي يقود إلى تورم الأنسجة. وتؤثر الوذمة اللمفية في مريضة واحدة من أصل كل خمس مريضات بسرطان الثدي».
ارتفاعُ عدد المصابات
استند د. رافي في إثباتاته إلى إحصائية أوردتها منظمة الصحة العالمية، جاء فيها أنه تم تشخيص إصابة 2.3 مليون امرأة بسرطان الثدي خلال العام 2020، يعللّ قائلاً: «ما يجعله أكثر أشكال السرطان انتشاراً في العالم. وكل مريضة من أصل كل خمس مريضات بسرطان الثدي معرضة لخطر الإصابة بالوذمة اللمفية؛ الأمر الذي يرجح فرضية ارتفاع عدد المصابات بهذا المرض بشكل مطرد. وعلى الرغم من غياب حل جذري لهذه المشكلة، فإن العلاج المناسب يمكنه تقليص التورم والألم».
تابعي المزيد: مدة انتشار سرطان الثدي
إجراءاتٌ علاجيّةٌ
هنالك إجراءات علاجية جراحية وغير جراحية للوذمة اللمفية. وتشتمل العلاجات الجراحية على عمليات نقل العقدة اللمفية والجراحة العلاجية وشفط الدهون التي تزيل الدهون من الأطراف؛ ما يؤدي إلى تخفيف التورم.
أما العلاجات غير الجراحية للوذمة اللمفية فتعتمد على استخدام الضمادات الضاغطة، والتمارين العلاجية الخفيفة، والتصريف اللمفي اليدوي، والجوارب الضاغطة للوذمة اللمفية في الذراعين، إضافة إلى نظام مخصص للعناية بالجلد حول الوذمة.
وفقاً للدكتور رافي جورونيان، فإن الجراحة المجهرية الوقائية للوذمة اللمفية لمريضات السرطان اللواتي خضعن لعمليات جراحية سابقة بسبب مرضهن، أفضل حل متاح للوقاية من الوذمة اللمفية المرتبطة بسرطان الثدي. وقد يساعد هذا الإجراء الجراحي في الحد من حاجة المريضات إلى الخضوع لعمليات جراحية بتدخل كبير، يستدرك قائلاً: «أنا أثق بقدرة الجراحة المجهرية الوقائية للوذمة اللمفية؛ لأنها تضع حجر أساس متيناً يمكّن المريضات من الوصول إليه بسهولة، ويمنحهن أملاً جديداً للتخلص من هذه الحالة الصحية المزعجة، لا سيما بالنسبة إلى اللواتي أكثر عرضة للإصابة بالوذمة».
ويضيف: «تبشر هذه الخطوة المصابات بحل فعال لمشكلة صحية تسبب الحرج الاجتماعي والعزلة، ناهيك عن أثرها العميق على المستويين النفسي والعاطفي».
تابعي المزيد: هل ينتشر سرطان الثدي إلى باقي أنحاء الجسم؟
نتائج إهمال علاج الوذمة اللمفية
يضع إهمال علاج الوذمة اللمفية المريضات أمام خطر كبير لتفاقم حالتهن الصحية؛ إذ يمكن أن يتسبب بتورم الطرف القريب من الإصابة، وتقييد القدرة على الحركة، وزيادة احتمال التعرض للالتهابات، بما يشمل الالتهابات الجلدية الحادة. كما أن عدم علاج الوذمة اللمفية قد يسبب إنتان الدم، وهو نوع من العدوى سريعة الانتشار في الجسم، ناهيك عن أن هذه الحالة الصحية تضعف جهاز المناعة عموماً، وتضع المريضة أمام أخطار صحية جمة تهدد حياتها.
ويمكن إجراء جراحة الوذمة اللمفية، حسب الدكتور رافي، تزامناً مع جراحة سرطان الثدي، مثل إجراء استئصال الثدي الجراحي، أو استئصال العقد اللمفية؛ الأمر الذي يحد من احتمالية التعرض للوذمة، ويُغني المريضة عن الحاجة إلى الخضوع إجراءات جراحية أخرى.
يعلّق د. رافي: «أريد في نهاية حديثي أن أحذر من البدانة، والأمراض المصاحبة الأخرى، التي تزيد من احتمالية التعرض للوذمة اللمفية بعد جراحة سرطان الثدي. وبينما تعد جراحة المجازة (الجراحة المجهرية الوقائية للوذمة اللمفية) حلاً لهذه المشكلة الصحية، يتعين على المريضات رعاية أنفسهن، والانتباه لأنماط حياتهن لتجنب المضاعفات الصحية الأخرى، واتباع توصيات الرعاية السريرية لهذا المرض»
تابعي المزيد: كل ما تود معرفته عن سرطان الغدد الليمفاوية في يوم الليمفوما العالمي