إن أردتَ السيطرة على ذهنك، فربما يجب عليك التوقف عن التفكير فيما سبق، أو الشعور بالإحباط العام، وأن تبني تصوُّراً للمستقبل أكثر تفاؤلاً.
يمكن أن تسبب الأفكار غير المرغوب فيها الكثير من الإحباط والضيق، ولستَ وحدك مَن لديه الرغبة في التخلص منها، فمن الطبيعي أن تجد صعوبةً في إقناع نفسك بالتفاؤل عند الشعور بالإحباط في مواجهة التوتر والتحديات الأخرى.
ينتمي التحكم الفعلي بالعقل إلى عالم الخيال العلمي، وعلى الرغم من أنَّك تستطيع تغيير طريقة تفكيرك، إلا أنَّ الأمر يتطلب بعض الجهد لتعلُّم حيلة استعادة السيطرة.
تقول الدكتورة هبة علي، خبيرة التنمية البشرية، لـ"سيدتي": جميعنا يعاني من هذه المشاعر السلبية التي تأتي بين الفينة والأخرى من مختلف الاتجاهات، إلا أن مُسببيهما الرئيسيين هما الخوف من الماضي، والقلق من المُستقبل، ثم ضياعنا وخسارتنا للحاضر. يفكر معظم الناس بتشاؤم وسلبية تجاه مجرى الأمور، ويعززون تلك الفكرة على مدار يومهم، لتنتقل تلك الأفكار لأسلوب حياة كاملة، قد تُدمر سلامنا الداخلي، وتجعلهُ في قلقٍ وضيقٍ دائم. فكيف يُمكننا تدارك الأمر والسيطرة على أفكارنا السلبية، والتخلص منها بطريقة صحية؟
نقدِّم لك النصائح للمساعدة على ذلك:
- حدِّد الأفكار التي تريد تغييرها:
لا شك أنَّه عليك معرفة ما يدور في ذهنك قبل أن تبدأ بالتحكم فيه؛ حيث يواجه أغلبنا أفكاراً محبطة أو انتكاسات عاطفية من وقت لآخر، وإذا كنتَ تواجه حالياً بعض تحديات الحياة، فقد تجد صعوبةً أكبر في السيطرة على الأفكار المتزاحمة أو عقلك عموماً.
الأفكار المتطفلة التي تراودك بين الفينة والأخرى طبيعية جداً أيضاً، صحيح أنَّها قد تكون مزعجةً، لكنَّها غالباً ما تمرُّ بالسرعة نفسها التي اجتاحتك، خاصةً عندما لا تتفاعل معها.
قد تتضمن أنماط التفكير المقلقة الأخرى ما يلي: • اجترار الأفكار أو تكرارها.
• الحديث السلبي عن النفس.
• الانحيازات المعرفية، أو الأخطاء في التفكير التي يمكن أن تؤثر في اختياراتك أو تفاعلاتك.
• نظرة متشائمة مستمرة.
- تقبَّل الأفكار غير المرغوبة:
يبتعد البشر بطبعهم عن الألم، لذلك يفضلون بالطبع تجنب الأفكار التي تسبب لهم الضيق، ومع ذلك، فإنَّ التخلص من الأفكار غير المرغوب فيها ليس هو السبيل لاستلام زمام السيطرة، وهذا عادةً ما يجعلها أكثر حدةً، لهذا السبب بدلاً من ذلك، جرِّب تقبُّل تلك الأفكار.
يؤدي قبول هذه الأفكار المستمرة إلى إدراك أنَّك تريد حقاً استمرار بقائك متصلاً مع العالم، ولقد تركك إقصاؤها مع أسئلة لم تُحَلَّ بعد وإحساس مربك، يجعلك تشعر بعدم الجدارة، ولكن يسمح لك الاعتراف بهذه المخاوف بمواجهتها وتذكير نفسك بأنَّك لستَ مسؤولاً عن آثارها السلبية.
يمكن أن تساعدك معرفة الموقف على السيطرة على مخاوفك بشأن حدوثه مرة أخرى، بدلاً من ترك الخوف يمنعك من الإقدام على الخطوة التالية.
-جرِّب التأمل:
هو طريقة رائعة للتعود على تقبُّل الأفكار غير المرغوب فيها، فقد لا يبدو الأمر كما لو أنَّ التأمل يساعدك بالفعل على التحكم بذهنك، خاصةً في البداية، فأنت تجلس وتسترخي، ولكن بغضِّ النظر عن الطريقة التي تحاول بها تصفية ذهنك، فإنَّ الأفكار العشوائية تستمر في الظهور مرة أخرى لتشتت انتباهك عن الهدوء الذي تحاول تحقيقه.
يمكن أن يساعدك التأمل حقاً على تغيير عقلك، ولكن عليك التمسك به؛ حيث تكمن الحيلة في تعلُّم تقبُّل الأفكار التي لا تريدها، ففي البداية تلاحظها، لكنَّك بعد ذلك تنساها؛ مما يساعد على تخفيف سطوتها عليك.
- غيِّر وجهة نظرك:
يمكن للتحدث مع الذات أن يُسهم إسهاماً كبيراً في مساعدتك على تغيير طريقة تفكيرك، ولكنَّ الطريقة التي تتحدث بها مع نفسك مهمة.
عندما لا يبدو أنَّ مخاطبة نفسك بضمير المخاطب له أثر كبير، فحاول التبديل إلى منظور الشخص الثالث، على سبيل المثال: بدلاً من: "أشعر بالبؤس مع أنَّني مررتُ بما هو أسوأ؛ لذا يمكنني التعامل مع هذا أيضاً"، حاول قول: "أعلم أنَّك تشعر بالبؤس الآن، لكنَّك عملتَ بجدٍّ للتعامل مع التحديات الأخرى، وأعلم أنَّ لديك القوة لمواجهة هذه المشكلة الجديدة أيضاً".
- ركِّز على الإيجابيات:
إعادة الصياغة الإيجابية هي إستراتيجية أخرى لإعادة التقييم يمكن أن تساعدك على استعادة السيطرة على تفكيرك، فلا يعني التفكير الإيجابي التظاهر بعدم وجود شيء خاطئ أو تجاهل المشكلات أو الفشل في التفكير في حلول مفيدة، بل ينطوي على إضفاء المزيد من الإيجابية على أفكارك السلبية؛ أي النظر إلى الجانب المشرق.
من المحتمل أن يؤدي إلقاء اللوم على نفسك إلى جعلك تشعر بالسوء، ومع ذلك يمكن أن يساعدك التعاطف مع الذات على تقبُّل خيبة الأمل وتحويل انتباهك نحو فرصتك التالية.
ربما تثني على نفسك للتأكد دائماً من ارتداء خوذتك، أو تخبر نفسك أنَّك ستكون مستعداً بشكل أفضل للسباق العام المقبل، أو تشعر بالامتنان لأنَّك لم تكسر أيَّ شيء آخر.
- جرِّب التخيل المُوجَّه:
التخيل الموجه هو أسلوب للتأمل؛ حيث يمكنك تخيُّل سيناريوهات إيجابية وسلمية؛ لتعزيز حالة ذهنية أكثر هدوءاً، فوفقاً لدراسة أُجريَت، يبدو أنَّ التصور الموجه يعزز المزاج الإيجابي، وقد يساعد على تخفيف التوتر والقلق.
بمجرد أن تشعر بالهدوء، قد يكون من السهل لك الحفاظ على حالة الاسترخاء واستعادة السيطرة على أفكارك وذهنك عموماً.
-دوِّن أفكارك:
قد لا يغيِّر التعبير عن الأفكار كتابياً من حالتك الذهنية على الفور، ولكن يمكن أن يساعدك على تحسين التحكم بالمشاعر غير المرغوب فيها، فغالباً ما يكون تصرُّفٌ بسيطٌ مثل تدوين فكرة ما، كافياً لتقليل شدتها، وقد يكون من المخيف أن تتحدى وتتقبل الضيق بشكل مباشر، لكنَّ وضع هذه المشاعر على الورق يسمح لك بالاعتراف بها بشكل غير مباشر تقريباًَ.
تساعدك الكتابة على العثور على أنماط من الأفكار أو السلوكيات غير المفيدة، فربما تتحمل اللوم بانتظام بعد الشجار مع شريكك؛ مما يُشعرك بالضيق تجاه نفسك والتشكيك في مهارات علاقتك.
- جرِّب مصادر التشتيت المُركِّزة:
يجب ألا تشتت انتباهك في كل موقف، ربما يكون من غير الحكمة استخدام الهاتف المحمول في أثناء العرض التقديمي لزميل العمل، ومع ذلك في بعض الظروف، يمكن أن تساعد المشتتات المركزة على إعادة توجيه الأفكار وتحسين الحالة الذهنية، وقد تؤدي أنواع معيَّنة من المشتتات إلى زيادة الحافز والإنتاجية.
يساعدك إنهاء قراءة كتاب وتنظيف غرفتك وترتيب الملابس القديمة للتبرع بها على الشعور بأنَّك استفدتَ من وقتك إلى أقصى حد؛ مما يلهمك لإنجاز المزيد قبل الخروج.
قد تشمل مصادر الإلهاء الإيجابية الأخرى قضاء الوقت مع أحبائك أو الاستماع للموسيقى الهادئة أو الباعثة على النشاط أو التنزه، فقط احرص على أن تستخدم المشتتات كفترة راحة مؤقتة، وليس من أجل الرفض التام أو التهرب.
– صاحب الإيجابيين
"الصاحب ساحب"، نسمعُها كثيراً عندما نرى شخصاً رافق آخر سيئاً، الأمر سيّان على مُرافقتك للإيجابيين، تتحول أفكارهم إليك عبر العقل اللاواعي.
فكلما كان مُحيطك يتحدث بإيجابية ويرى الأمور من جانبها المشرق، كلما انعكس تغذية الأمر عليك، فمشاركة الآخرين لنا لأفكارهم عبارة عن طاقة تنتقل لنا، سواء كانت هذه الطاقة سلبية أو إيجابية، فإنها تتحول إليك في العقل الباطن، لذا انتقِ من تُصاحب؛ فهم جزء من أفكارك التي تتبناها وتتلقاها بشكل مُستمر.
– احرق الأفكار السلبية
التدوين أداة سحرية، نعم تدوين الأفكار السلبية التي تمر بها كلما شعرت بحضورها إلى ذهنك، أو كلما قادتك إلى نمط تفكيرٍ سيئ؛ فإن كتابة تلك الأفكار حرفياً باستخدام الورق والقلم، ثُم حرقها ورؤيتها تطاير لو حتى رميها، يُولد شعور التخلص منها. يقول داير: "معظمنا يسمح بحدوث ذلك فقط ويأخذ بالحقيقة دون أن يكلف نفسه عناء الاعتقاد بأن لدينا القدرة على تغييرها".
يعني ذلك بأنك الحقيقة يمكنها أن تتغير بواسطتك، يمكنك أن تلُف البوصلة من صوتك السلبي للإيجابي. هذه الطريقة في التخلص من الأفكار السلبية يولد شيئاً من الراحة والتصالح الذاتي.
- التوقف عن متابعة الأخبار
حضورنا اليوم في مواقع التواصل الاجتماعي، بات يُنسينا واقع حياتنا، لننتبه للغير وننسى ما نعيشه. فما إن نستيقظ من نومنا تلوحُ أعيننا حول جهاز الهاتف، وقد نتصفح في بداية يومنا الأخبار بمجملها السيئ والجيد، وهذا الجهد والانتباه الذي يأخذنا للانتباه للعالم الافتراضي ينعكس على الأفكار.
فتخيل أن تفتح عينيك لترى واجهة "تويتر" الإخبارية عن إعصار في الدولة الفُلانية، أو عن حالة نهب للأسرة الفلانية، أو حتى أخبار الموت. حتى وإن لم يكُن لك صلة بالأمر؛ لا مانع من التعاطف مع الأمر، إلا أن افتتاح صباحك بها يحدد مسار يومٍ بأكمله.
فانتقِ ما تُتابع بقدر انتقائك كذلك للوقت الذي يمكنك استيعاب كل الأمور المزعجة والأفكار السلبية. يجب أن تتأكد بداخلك أنك أنت من تتحكم بالأشياء، لا الأشياء من تتحكم بك، الأمر سيان كذلك لسير أفكارك وتغذيتها.