شهدت صالة الأمير فيصل بن فهد للفنون بالرياض، على مدى ستة أيامٍ، «أسبوع مسك للفنون»، بنسخته السادسة، الحدث السنوي الرئيس لمعهد مسك للفنون التابع لمؤسسة محمد بن سلمان «مسك»، والذي تضمَّن برنامجاً حافلاً، تنوع مابين عروضٍ فنية، ومنتدى إبداعي، ودوراتٍ متخصِّصة، وورش عملٍ، وسوقٍ للفن والتصميم، وفقراتٍ موسيقية وأدائية. «سيدتي» حضرت الحدث، والتقت عدداً من المشاركين، وسألتهم عن تجربتهم في «أسبوع مسك للفنون».
الرياض | تحقيق وتصوير | سارا محمد sara Mohamad ويارا طاهر YaraTaher
حول مفهوم الحنين وكيفية تغلغله في ثنايا الفن والتصميم، دارت فعاليات أسبوع مسك وأنشطته، حيث شارك إثنا عشر فناناً سعودياً وعالمياً من خلال عدسة التقنيات الناشئة في معرض تحت عنوان «أحاديث الحنين»، فيما جمع المنتدى الإبداعي متخصصين بالفن من مختلف الخلفيات الإبداعية، وشارك 80 فناناً ومصمماً في سوق الفن والتصميم. واحتضن معرض سراب أعمال ستة فنانين استثنائيين حاصلين على منحة مسك للفنون بنسختها الثالثة.
سجادة المجلس
خلال جولة «سيدتي» في المعرض عبَّرت نورة السركال، فنانةٌ تشكيليةٌ إماراتية، عن فخرها بالمشاركة في المعرض للمرة الأولى، متحدثةً عن عملها بالقول: «أشارك بسجادةٍ مبتكرة، أجسِّد بها السجادة التي توجد في مجلسي بمدينة الشارقة الإماراتية، كما أركز على الروائح التي تفوح فيه، خاصةً الهيل والزعفران». مضيفةً: «سعيدةٌ جداً بالإقبال الكبير على مشاهدة السجادة، وهذا الاهتمام الهائل الذي يشهده الفن في السعودية».
أفكار تراثية
وكشفت نورة بن سعيد عن أنها استوحت فكرة علامتها التجارية من التراث السعودي، وقدَّمت للمعرض عملاً خاصاً، وهو عبارةٌ عن حقيبةٍ سوداء مزينة بعقال الملك فيصل، إلى جانب حقائب مخصَّصةٍ لجهاز اللابتوب، تناسب الجنسين، استلهمت إحداها من البشت السعودي، وتتألف من ثلاثة ألوانٍ، بينما استوحت فكرة حقيبةٍ ثانيةٍ من الدقلة.
منحوتة الطير
وأوضحت الفنانة يثرب الشامي، أنها جاءت إلى المعرض بشكلٍ خاصٍّ من أجل حضور دورة للنحت مبديةً سعادتها بالتجربة الأولى لها في النحت، وقالت عنها: «أجسِّد في مشاركتي طيراً بتفاصيل فنية مميزة، وعادةً ما أستخدم جميع الألوان في عملي، خاصةً الحبر والرصاص».
التركيز على المعنى
زهرة العصيمي: حظينا بفرصةٍ جيدةٍ لعرض إبداعاتنا في هذا المعرض
وذكرت زهرة العصيمي، من علامة «زيو زين» المختصَّة بمكمِّلات الأزياء من أساور وأحزمةٍ وإكسسواراتٍ أخرى، أنهم يركزون في العلامة التجارية على إنتاج قطعٍ ذات معنى مكتوبٍ، أو مرسومٍ، خاصةً العبارات الشعرية، والكلمات العربية واسعة الانتشار، مثل الأحلام، والأمل، والجمال.
وعن مشاركتها قالت: «حظينا بفرصةٍ جيدةٍ لعرض إبداعاتنا في هذا المعرض، كما التقينا عدداً من الفنانين المشهورين من السعودية والعالم، وهذا الأمر أفادنا كثيراً».
تابعي المزيد: معهد مسك للفنون يعلن عن مبادرة مكتبة الفن
العلاقة مع الطبيعة
وأبدت موزة المطروشي، فنانةٌ إماراتية، سعادتها بالوجود في الرياض وحضور المعرض، كما تطرَّقت إلى عملها فيه بالقول: «مشاركتي في المعرض مع عددٍ من الفنانين، يضيف لي الكثير، وأشكر (مسك) على إتاحة الفرصة لتقديم عملي، الذي يحمل اسم عزيمة، في هذا الحدث الخاص بالفنون، ويجسِّد تواري احتواءات الطبيعة، ويتضمَّن ثلاثة أجزاءٍ، الأول الفخار، والثاني نباتاتٌ مزروعةٌ في حوضٍ، منها نباتاتٌ تنمو في الجبال، وأخرى في الصحراء، وتستخدم في العلاج والأكل، أما الثالث فهو الأداء الحي الذي يجعل الزوار والمهتمين يتخيَّلون فكرة الطقوس الخليجية في العزائم، وعلاقتنا بالطبيعة». مضيفةً: «في كل يوم عرضٍ، يختلف ما نقدمه عن سابقه، أما العرض الأخير فسنفتحه كوليمة».
منحوتات ولوحات
أما المهندسة زين عامر منجونة، المختصَّة في التصميم الداخلي، فبيَّنت أنها تتبع فناً حراً وخاصاً، يتراوح بين التكعيبي والسريالي، وتبدع منحوتاتٍ يدوية من الطين، مشيدةً بمعرض مسك، مبينةً أن أعمالها حظيت بقبولٍ واسعٍ من الزوَّار، شاكرةً المسؤولين عنه على منحها الفرصة لعرض إبداعاتها فيه للمرة الأولى، وقالت: «أحرص في منحوتاتي اليدوية على تقديم رسالةٍ هادفة، وأن يتذكَّر كل مَن يشاهدها مرحلةً مهمةً مرَّ بها».
وعن طبيعة أعمالها في الحدث ذكرت: «أشارك بلوحاتٍ مختلفة، تتحدث إحداها عن الزيف الاجتماعي والنفاق المنتشر بين الناس، وكيف يظهر شخصٌ ما بوجهين، بينما تمثِّل الخلفية المجتمع، أو المكان الذي يوجد به، وهي عبارةٌ عن ظلٍّ لأشخاصٍ على شكل أحرفٍ عربية للتعبير عن أحاديثهم، بينما أنقل في لوحةٍ أخرى انعكاسَ صورة شخصٍ ما في المرآة، كان قبلها يرى نفسه دائماً في مكانٍ ملوَّن، وبأبعادٍ مختلفة، وأبوابٍ مفتوحة، تمثِّل هدفه في الحياة، أو أمراً يطمح إليه، لكنه يتعرَّض للخذلان، ويفشل في الوصول إلى غايته، وانعكاسه في المرآة تعبيرٌ عن حالته».
مصنوعات من الفخار
وتشارك الفنانة أسماء الشمري في المعرض بعملٍ من الفخار، وقالت عن بدايتها في المجال: «اكتشفت موهبتي الفنية خلال أزمة كورونا، أي قبل ثلاثة أعوام، أما العمل الذي أشارك به، فهو عبارةٌ عن بناءٍ يدوي للأكواب والفازات، والحمد لله لاقى اهتماماً كبيراً من الزوَّار، ما جعلني أفكر في إقامة دوراتٍ لتعليم المهتمين بهذا الفن». ونصحت الشمري كل مَن يفكر بالعمل بالفخار بالاستمرار فيه، «لأن مواصلة العمل مهما كانت الظروف أساسُ النجاح، إضافةً إلى الاهتمام بالتدريب حتى يقدم أعمالاً مميزة».
دعم الفن السعودي
وتهتمّ سارة العجمي، من جادة فلك، بدعم الفن السعودي وإثراء المحتوى المحلي عبر التعاون مع عديدٍ من الفنانين والفنانات المبدعين، وهو ما أكدته لـ «سيدتي»، كاشفةً عن أن الفكرة جاءتها خلال الحجر الصحي بسبب تفشي فيروس كورونا، مبينةً أن هذه الفترة على الرغم من صعوبتها، لكنها أسهمت في ظهور عديدٍ من المبدعين، الذين اكتشفوا مواهبهم بعد العودة إلى الذات.
وحول عملها في المعرض، قالت العجمي: «أتشارك مع عددٍ من الفنانات في عمل حقائب فريدة، إذ نجسِّد فيها الأبراج الـ 12 بشكلٍ مختلف عبر رسوماتٍ تعبِّر عنها، كما نقدم حقائب تحمل صور الهدهد والصقر، تعبيراً عن الهوية السعودية، إلى جانب لوحاتٍ رقمية، ومجسَّمات تحمل عباراتٍ منوَّعة».
الرسم بالفحم
وأشارت هبة عبدالرحمن، رسامة بورتريه واقعي بالفحم، إلى أن «الرسم بالفحم يحتاج إلى الصبر، ويستلزم بذل جهدٍ كبيرٍ، ومع ذلك أنصح الجميع بممارسته، فهو فنٌّ جميلٌ وممتعٌ، وينتهي بلوحاتٍ واقعية»، وقالت: «تبرز من أعمالي، التي أشارك بها في المعرض، لوحاتٌ رسمتها بالفحم الأبيض على الورق الأسود، وأخرى بالفحم الأسود على الورق الأبيض، وأكثر ما لفت الزوار بينها لوحةٌ للأمير محمد بن سلمان، أخذت مني 180 ساعة عمل، ولوحتان للخيول، عملت عليهما لمدة 100 ساعة».
تابعي المزيد: "مسك" تطلق مجلدين للفنانين فهد الحجيلان وأمينة أكزناي وتقيم معرضين مصاحبين للإصدار
الفن الإسلامي
وتحدَّث لنا محمد الزهراني، فنان جرافيك، عن عمله، موضحاً أنه ينقل الفن الإسلامي في الخطوط والنقوش من المدرسة التقليدية إلى الجرافيك، وقال: «أختار في عملي ألواناً من الثمانينيات والتسعينيات الميلادية، وأركز على الطابع القديم، وأخطُّ آياتٍ قرانية، تمسُّ الإنسان، وترفع من معنوياته، مع تزيين اللوحة بزخارف نباتية غير معتادة». مضيفاً: «تعرَّفت خلال مشاركتي في المعرض إلى أشخاصٍ كثرٍ، وسأسعى للاستفادة منهم مستقبلاً». وعن أكثر اللوحات التي جذبت الزوَّار في ركنه، ذكر: «جسَّدت في عملٍ آية: واذكر ربك إذا نسيت. بمساحةٍ ممتلئةٍ في جميع جوانب اللوحة، واستخدمت فيها اللون الأزرق والأصفر والبرتقالي على خلفيةٍ زرقاء داكنة، وعملت عليها لمدة أسبوعين بإطار متشابهٍ من الأعلى والأسفل».
الرسم بالحبر
ولفت مهند بخاري، الذي يرسم بالحبر، إلى أنه بدأ مسيرته عام 2016، واختار مدرسة الفن الحديث «آرت نوفو»، وهي فنٌّ معماري، بدأ في أوروبا، وسرعان ما انتشر في العالم كله، ويقوم على دمج النباتات والزخارف والأشكال الطبيعية. وحول مشاركته في المعرض، قال: «سعيت في لوحتي إلى إبراز هويتنا عبر أشكالٍ تاريخيةٍ إسلامية، وأخرى أندلسية وأموية، مع استخدام الحروف العربية». مبيناً أن اللوحة الواحدة تستغرق منه نحو أسبوعين.
الهوية السعودية
الفنان فيصل الخالد: أستوحي ألواني من تراث وطني الحبيب
ويجسِّد فيصل الخالد، فنانٌ تجريدي، الهوية السعودية في فنه، وسار على هذا النهج رغبةً منه في الحديث عن وطنه، وإبراز تراثه بأسلوبٍ تجريدي، وقال: «أستوحي ألواني من تراث وطني الحبيب، وأركز على النقوش، مثل القط العسيري، والسدو، والأشكال الهندسية في الشمال، إضافةً إلى المثلثات النجدية ومدن المنطقة التاريخية كالدرعية، التي شهدت بداية الدولة قبل 300 عام».
وحول لوحاته التي لفتت انتباه الجمهور، ذكر: «يُقبل الزوَّار كثيراً على اللوحات التي أبدعتها من لون القط العسيري، إذ أنقل فيها حياة المرأة في عسير قديماً، ومراحل تزيين البيوت، كذلك تجدُ لوحةٌ أخرى، جسَّدت فيها التراث السعودي، إقبالاً جيداً، وغايتي منها نقل تراثنا إلى الأجيال المقبلة، وهناك لوحةٌ ثالثة، أبرزت فيها ثقافة المجتمع السعودي في الأزياء، ويظهر بها رجلٌ وامرأة، يحملان القهوة السعودية، وتضمَّنت فنون القط العسيري والسدو».
إلهام فني
وأثنى عبدالعزيز القصيبي على المعرض، كاشفاً عن أنه ينتمي إلى استديو فني، ويتمتع بخبرةٍ كبيرةٍ في الأزياء، إلى جانب تصميم السجادات المطبوعة واليدوية عبر استخدام جهازٍ للتطريز، وقال: «يُقبل الزوَّار على ركني، ويبدون إعجابهم وذهولهم بأعمالي، حيث أقدم فيها رسوماتٍ وألواناً مستلهمة من حياتي، وتذكِّرني بطفولتي». مضيفاً: «من إلهامي الفني أشكِّل رسوماتي».
منتجات جلدية
كذلك أشاد حمد الخرجي بالمعرض، وتحدَّث عن لوحاته التي يقدمها على المنتجات الجلدية بالقول: «أرسم على جلودٍ متنوعةٍ، مثل الحقائب، والمحافظ، والحمد لله أجد إقبالاً جيداً عليها، خاصةً خلال مشاركتي في أسبوع مسك للفنون، إذ أتلقَّى طلبات كثيرة». مضيفاً: «أعتمد ألواني من براند «أنجلوس»، لأنها تبقى مدةً أطول من غيرها، وسعيدٌ جداً بمشاركتي في الحدث».
تابعي المزيد: 11 فنانا يسطرون إبداعاتهم في معرض "تعاودني خيالات" تحت نطاق مبادرات "مسك"
