يتصدّر الأثاث «العضوي» واجهات المعارض أخيراً، وهو عملي ومريح ومميّز بشكله غير المألوف وبصنعه من مواد مستدامة و«صديقة للبيئة». يجذب هذا الـأثاث العين، ويسمح للمستخدم بالتفاعل معه والتفكير بمقاصد المصمّم، كما هو يمثّل إضافة جذّابة إلى كلّ فراغ معماري.
الأثاث «العضوي» غير مألوف لناحية الشكل
يرجع مصطلح التصميم «العضوي» إلى مهندس العمارة فرانك لويد رايت (1867 - 1959)؛ فالتصميم «العضوي» يطال مجالات عدة، منها: العمارة والأثاث والفنّ والطباعة، ويهدف إلى تحقيق الانسجام بين ما يصنعه الإنسان والطبيعة. من أجل ذلك، تبعد النماذج التي تندرج تحت خانة التصميم «العضوي» عن الأشكال الجامدة أو المتكرّرة، بل هي تبدو منحنيةً وأكثر مرونةً وحرّية، مقارنة بتلك الكلاسيكيّة، مع استخدام المعماريين والمصمّمين مواد طبيعية من البيئة المحيطة بهم، والتقليل من التدخّل في خصائص المواد. في إطار الإضاءة على الأثاث ذي التصميم «العضوي» والمرغوب أخيراً من البعض، تتحدّث «سيدتي» إلى كريستيان صليبا، إذ يُلاحظ الناظر إلى تصاميم الأخير من الأثاث أنها غير مألوفة لناحية الشكل. صليبا يعيش بين لبنان وأستراليا؛ كان درس الهندسة، ثمّ اتجه إلى تصميم الأثاث، الذي يسمح له بترجمة أفكاره إلى أرض الواقع، بصورة أكثر سرعة مقارنة بالمشاريع في مضمار العمارة، حسب تعبيره.
تابعي المزيد: المهندستان شاكتي غوبتا ويانا بولانوفسكايا: التصميم سائر بخطى واثقة نحو الاستدامة
أشكال مستلهمة من الطبيعة
كان صليبا يقيم في لبنان بجوار البحر، الأمر الذي دفع به إلى الاستلهام من الطبيعة الساحليّة، فجاءت أشكال تصاميمه الأولى «عضوية». هذه الأخيرة كثيرة المنحنيات، وتحاكي البحر والموج... أمّا في أستراليا، وتحديداً في ملبورن، سمحت له بحوثه بتطوير معارفه الأكاديمية، والتركيز على التشطيبات والجودة عالية المستوى للأثاث. وهذا الأخير حسبه، ليس سهلاً في التنفيذ، إذ هناك تجارب بالجملة تجرى على كل قطعة قبل أن تبصر النور.
أثاث غير مألوف
يقول صليبا لـ«سيدتي»: «لا أحب مسايرة ما هو سائد أو رائج في السوق، وتقليده مع إجراء بعض التعديلات. بالمقابل، أحاول التقرّب من الطبيعة الذي هجرها الإنسان طويلاً عبر التصميم»، مضيفاً: «لماذا على الطاولة أن تتخذ هيئة المربع أو الدائرة حصراً؟ وما المانع في صنع كرسيّ مائل، على غرار العمود الفقري، على أن تكون القطعة عمليّة، ومريحة للجالس إليها؟».
عن طريقة العمل، يشرح صليبا: «يبدأ التصميم من فكرة تراودني لأيام، وغالباً ما تكون الأخيرة ضبابيّة، لكن عندما أنقلها إلى الورق، وأرسمها، يتحول التفكير إلى الشقّ العملي، وصولاً إلى نتيجة متكاملة تجمع بين سهولة الاستخدام والمتانة والشكل الشبيه بالمنحوتة. ويعلّق المصمّم على الأثاث دور تحقيق التفاعل مع المستخدم، مضيفاً أن «قطع المفروشات تسكن المنزل، كما يفعل أصحابه».
تابعي المزيد: المهندسة عنود الزبن: مواد الطبيعة وعناصرها جزء لا يتجزأ من تصاميمي
الخشب
يستخدم صليبا الخشب في صنع الأثاث، لافتاً إلى أن «كلّ مادة قابلة للقصّ والتشكيل، مثل: الحديد و«الكونكريت» والرخام و«الفايبر غلاس» و«البلكسي» قد تصنع الأثاث الذي يحمل توقيع «الاستديو» الخاصّ بي، علماً أن الدمج بين المواد يسمح للقطع بأن تصبح أكثر ثراءً ومتعةً للعين».
الهم البيئي
الحفاظ على البيئة همّ يوليه المصمّمون أهمّية؛ في هذا الإطار، يقول صليبا إن «البعد عن إيذاء البيئة ضرورة وواجب في العمارة، كما في «الديزاين»، فإذ نحا كل معماري ومصمم هذا النحو، سيقل التشويه البشري للطبيعة حتماً. أضع ذلك في الاعتبار، ولكني صراحة لا أنجح في كل مرة بصنع أثاث «مستدام». لكن، يجب أن أجرّب». ويختم، قائلاً: «أصعد السلّم درجة درجة، لكنّي مستمتع في الرحلة».
__
- الصور من أعمال المصمم كريستيان صليبا
تابعي المزيد: الأشكال الانسيابية والهندسية في لوحة الديكور متعدّدة العناصر