أمل عابد، مهندسة ومصممة مصرية، معروفة بصنع الاكسسوارات المنزلية، التي تستلهم من الحضارة الفرعونية والتراث المصري، بألوانه وخطوطه ونقوشه. لأعمالها اتصال قوي بالماضي، وبالهوية المصرية، من دون قطع الصلة مع الحداثة. عن الطفولة والاستلهمات في التصميم والصناعة اليدوية، تتحدث المصممة لـ«سيدتي»، في الحوار الآتي نصه.
هل كان حبك للرسم حاسماً، في الاتجاه نحو التصميم؟
صحيح؛ حبي للرسم وجهني نحو التصميم. منذ طفولتي، كنت أحب رسم الأشكال الهندسية، واستخراج أشكال مجردة، والتعبير عنها في كل رسمة، وذلك منذ تعلمي الكتابة. بالإضافة إلى ذلك، دراستي في كلية الهندسة بجامعة القاهرة صقلت هذه الموهبة وحولتها إلى حلم بامتهان التصميم.
من الملاحظ رجوع الأجيال الصاعدة إلى الجذور من خلال نتاجهم في عوالم الموضة والفن والإكسسوارات والتصاميم
حب الموضة والأزياء
في أعوام طفولتك، هل من أمور تتذكرينها متصلة بمسارك راهناً؟
حبي للموضة والأزياء، كما وضع لمساتي على ملابس العرائس، لتغييرها وإضافة الجديد إليها، دفعا بي إلى امتهان التصميم وأكدا لي الهوى بخلق «نماذج» ذات تصاميم فريدة. إلى ذلك، عندما انتقلت إلى منزلي الجديد قبل 30 عاماً، بدأت في تصميم قطع وإكسسوارات لمنزلي، وقد ظل شغفي بتصميم القطع المنزلية الفريدة من خامات طبيعية مختلفة مستمراً، مذاك.
ما هي علاقتك بالحرفيين المصريين؟ وهل تعتقدين أنه في بلادنا العربية، هذه الفئة من العمال غير مقدرة؟
إعجابي الشديد باليد العاملة المصرية، هو من الأسباب التي دفعت بي إلى بدء مشروعي (روفوف) والاستمرار به، علماً أن إيماني بتميز وإبداع العاملين خلق علاقة متكاملة في فريق العمل تمتاز بروح التعاون، ما ساعد على الإبداع والإتقان.
تحتاج هذه الفئة من العمال إلى الاهتمام والدعم. للأسف، لا يقدر مجتمعنا العربي أهمّية هؤلاء الحرفيين، ولا يدعمهم على المستويين المعنوي والمادي، ما يدفع بهم إلى هجران حرفهم. من نتائج هذا الأمر الاعتماد على الاستيراد من الدول الأخرى وندرة اليد العاملة الموهوبة، والتي تعكس ثقافتنا من خلال الألوان والنقوش والتصاميم البارزة.
تابعي المزيد: المصممة رانيه حامد: لكل مشروع أتولاه مفهومه الفريد
شغوفة بالتراث المصري
لاحظت أن النقوش و«الموتيفات» التي تبرز على الإكسسوارات، في مجموعاتك، تسترجع الثقافة والتراث المصريين؟ إلى أي مدى يلهمك التراث المصري؟
شغوفة بالتراث المصري، كما بالحضارة الفرعونية. تصاميمي تنهل من هذا المصدر الغني، لا سيما من الرسوم الفرعونية، على جدران المعابد، وفي المتاحف، مثل: زهرة اللوتس والقط الفرعونيين، كما من الألوان التي يعبر تراثنا المصري عنها، والخطوط العربية ومآذن المساجد والمشربيات والأبواب القديمة. في العموم، أقدر البلدان ذات الحضارات العريقة، وأحب السفر لاكتشافها، ما يلهمني في التصميم.
هل تلاحظين أن الميل لإبراز أمور من ثقافتنا في التصميم، يتردد في الآونة الأخيرة؟ وإلى ماذا يرجع الأمر؟
بالفعل، ألاحظ ذلك، وأدعم هذا الاتجاه بالطبع، لأنه يمثل استعادة للهوية المتفردة. لا يخفى على الجميع أنه على مدار السنوات الماضية، كاد أن يفقد الوطن العربي هويته، مع اتباع الحضارات الغربيّة، وتقليدها، من دون تنقيح واختيار المناسب منها. وعليه، العودة إلى الاستلهام من تاريخنا في التصميم أمر حسن ويؤدي إلى لفت الأنظار مرة أخرى إلى حضارتنا، خصوصاً مع ملاحظة رجوع الأجيال الصاعدة إلى الجذور من خلال نتاجهم في عوالم الموضة، والفن، والإكسسوارات، والتصاميم.
لشهر رمضان الكريم، أحضر مجموعة جديدة مستوحاة من التراث الفاطمي، بلمسة عصرية
تصنيع يدوي
هل من مواد محددة تركزين على الاشتغال بها في تصميم الإكسسوارات؟ وماذا عن التقنيات؟
المواد والجودة العالية لكل قطعة إكسسوار أمر أحرص عليه. لناحية المواد، أستخدم الصدف الطبيعي وأخشاب الزان والجوز الطبيعية، كما تقنية «الليزر»، للمساعدة في تشكيل النماذج، فاستكمال عملية التصنيع، بصورة يدويّة.
هل يمكن إرجاع هذه الإكسسوارات إلى طراز محدد؟ وماذا عن الألوان التي تبدو زاهية؟
كل مجموعة من تصاميم «روفوف» لها روح وطابع يميزانها. لكن، بشكل عام، يجمع بين التصاميم، الاستيحاء من الطبيعة وحب الحياة، مع تأثيرات من الحضارة المصرية والتراث. لناحية الألوان الزاهية، هي تعكس شخصيتي. أحب الألوان المستلة من الطبيعة، فهي تمد التصميم بالبهجة، علماً أن الإكسسوارات تتناسب مع أنماط المنازل العصرية.
كيف تنظرين إلى صناعة الإكسسوارات ومقتنيات المنزل، راهنًا، في المنطقة العربية؟
صناعة الإكسسوارات المنزلية في ازدهار واضح، لناحيتي التصميم والجودة. فقد برعت مجموة كبيرة من شبابنا المصممين في الوطن العربي، ما أدى إلى ظهور طفرة كبيرة في عالم الإكسسوارات والصناعات الحرفية المحلية.
هل من مجموعات جديدة تعملين عليها؟
بالتأكيد؛ أدخلنا صناعة يدوية جديدة لها جذور قديمة، هي الزجاج اليدوي (المنفوخ)، بالتناسب مع ألوان وروح مجموعاتنا الأخرى. لشهر رمضان الكريم، أحضر مجموعة جديدة مستوحاة من التراث الفاطمي، بلمسة «روفوف» العصرية، لتتناسب مع أذواق الأجيال الجديدة والبيوت الحديثة.
تابعي المزيد: المصممتان هدى بارودي وماريا هبري: نروي قصص الثقافات من خلال المنسوجات
