بدأت عملها في مجال الإعلام التربوي مع وزارة التربية، ومنها انتقلت إلى المجلس الأعلى للتعليم، وتدرجت وظيفياً من باحثة في إدارة العلاقات الثقافية، وصولاً إلى تولي منصب مديرة إدارة الاتصال والإعلام في المجلس الأعلى للتعليم، كما عملت مستشارة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وأسست أول دار نشر قطرية تحمل اسم (روزا)، إنها الدكتورة عائشة جاسم الكواري، التي تحدثت لـ «سيدتي» عن حياتها المهنية، ومشاركتها المجتمعية، وعملها التطوعي، ودور المرأة القطرية والعربية وسعيها إلى تحقيق أهدافها بروية وثبات. فإلى نص الحوار:
حوار | عواطف الثنيان Awatif Althunayan
لا تنحصر فعاليات دار النشر في مجال طباعة الكتب ونشرها، بل باتت أشبه بالملتقى الثقافي
ببساطة، عرفينا بنفسك، من هي د. عائشة الكواري؟
سيدة أعمال رائدة في مجال الثقافة والفكر، عرفت بتأسيسي وإدارتي لأول دار نشر قطرية، ولأحد أبرز المنتديات الثقافية والفكرية في الدولة.. قائدة مجتمعية وناشطة في مجال العمل التطوعي، أحمل درجة الدكتوراة في الإعلام من معهد العلوم والأخبار من الجامعة التونسية، وتخرجت في كلية التربية بجامعة قطر، ثم بدأت عملي في مجال الإعلام التربوي مع وزارة التربية، ومنها انتقلت إلى المجلس الأعلى للتعليم، وتدرجت وظيفياً من باحثة في إدارة العلاقات الثقافية إلى عضوة في اللجنة الوطنية في التربية والثقافة والعلوم، ثم مساعد مدير إدارة الاتصال والإعلام، وصولاً إلى تولي منصب مدير إدارة الاتصال والإعلام. أهم الوظائف التي عملت بها مستشار الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومدير عام الملتقى القطري للمؤلفين، والمؤسس والرئيس التنفيذي لدار روزا للنشر، وعضو مجلس إدارة بمركز قطر للقيادات.
ممن تلقيت الدعم والتشجيع؟
والداي الدافع الرئيس لي ولأخوتي للاستمرار في التعلم والعمل، وكان دعم والدي السبب في إظهار موهبتي وتوجيهها من دون التحكم في رغباتي.
تابعي المزيد: اليوم الوطني القطري وتمكين بارز للمرأة القطرية
لا شيء مستحيل
ما رأيك.. الأشياء ينظر إليها بوصفها مستحيلة تماماً إلى أن يتم تنفيذها فعلاً... هل ينطبق ذلك عند ما قمت بتأسيس دار روزا بوصفها أول دار للنشر، ولماذا؟
لا شيء مستحيل، فأنا أنظر إلى الحياة بعين الرضا والتفاؤل دائماً، وأسير إلى تطلعاتي بهدوء، وأضع شعاراً ثابتاً؛ هو إيماني الكبير بالله وبتوفيقه الدائم.
أنظرُ إلى نفسي بوصفي إنسانة مبادرة وطموحة، ودائماً كان لدي اهتمام بالإعلام والعمل الإذاعي، «كنت منذ أيام المدرسة شغوفة بأدوار التقديم الإذاعي والمهمات الخطابية»، هذه البذور أثمرت في النهاية شهادة الدكتوراة في الإعلام، فيما تضمن سجل إنجازاتي عدداً متزايداً من المؤلفات والروايات والجوائز، وأكملت أحلامي وطموحاتي بتأسيس دار نشر خاصة بي. وهذا يعني أن كل شيء ممكن في حياتنا.
بدأ الحلم يتحقق، وبدأت معالمه ترتسم على أرض الواقع، «تقدمتُ للحصول على التراخيص»، واجهت الكثير من العقبات، استغرقني الحصول على السجل التجاري نحو عامين ما بين شد وجذب مع الجهات المعنية، وفي النهاية تمكنت من تأسيس أول دار نشر قطرية خاصة. لا تنحصر فعاليات دار النشر في مجال طباعة الكتب ونشرها وتقديم الاستشارات والخدمات في هذا الشأن، بل باتت أشبه بالملتقى الثقافي؛ حيث تحتضن الدار «بيت الراوي» الندوات واللقاءات والجلسات لمناقشة الأعمال الأدبية المختلفة والكتب والإصدارات المتنوعة، إضافة إلى إقامة عدد من البرامج والدورات التدريبية المعنية بفنون الكتابة المتنوعة.
المرأة القطرية حققت قفزة نوعية في مسيرة التمكين
لا بد من التنسيق بين العمل والأسرة وتنمية الذات، فطريق النجاح والتميز ليس مفروشاً بالورود
ترحيب الوسط الثقافي
كيف كانت أصداء افتتاح أول دار نشر بقطر، سواء من المجتمع والمؤلفين والمهتمين بالثقافة والنشر؟
قوبل خبر تأسيس الدار بالقبول من المجتمع بشكل عام، والمؤلفين بشكل خاص، ولمست ذلك من خلال استلامنا عبر البريد الإلكتروني للدار العديد من طلبات النشر، أتذكر جيداً ملامح فرحتنا بإصدار أول إصدار في دار روزا للنشر وكيف تقبل المحيطين بنا الخبر، شاركنا في أول معرض للكتاب في الكويت بعدد أحد عشر كتاباً فقط، واليوم نحتفي بأن لدينا 220 إصداراً في شتى مجالات الأدب والعلوم والدراسات والقصص القصيرة والروايات والشعر والدراسات العلمية والثقافة العامة، ونجحنا في تصدير المنتج الثقافي القطري إلى الخارج من خلال مشاركتنا في العديد من معارض الكتب الدولية، مثل: معرض الرياض، ومسقط، والكويت، والقاهرة، والمغرب، ومشاركات دولية، مثل: موسكو، وفرانكفورت، وإسطنبول، ولندن.
عطفاً على السؤال السابق: هل أصبح التراجع في مبيعات الكتاب الورقي مؤشراً يهدد دور النشر ومستقبلها في السوق؟ وما التحديات التي تواجه هذه الصناعة؟ وكيف استعد أبناؤها لمواجهة تلك التحديات؟
على الرغم من التحدي الكبير الذي يواجهه الكتاب الورقي، أمام ثورة التكنولوجيا والمعلومات الذي أنتج «الكتاب الإلكتروني»، لكن ما زلت أؤمن بأهمية الكتاب الورقي ومكانته، والدليل على ذلك وجود متاجر بيع الكتب الورقية التي تعرض آلاف الكتب، ووجود معارض الكتاب في معظم الدول العربية والعالمية دليل كافٍ على أهمية حضور الكتاب الورقي الذي له متعة خاصة، ونكهة لا توجد في الكتب الإلكترونية. وأنا لا أشعر بالخطر على مستقبل الكتاب الورقي، فمن خلال مشاركاتي بعدد من معارض الكتاب، شهدت إقبالاً جماهيرياً كبيراً على شراء الكتاب الورقي مقابل الكتاب الإلكتروني وبنسب كبيرة، وأضيف ضرورته للمؤسسة التعليمية التي لا تستطيع الاستغناء عنه، وسيبقى عرش الكتاب الورقي وبريقه هو المتربع في المستقبل.
تابعي المزيد: لبنانية وزيرة للثقافة في الحكومة الفرنسية
جوائز وتكريمات
حدثينا عن أبرز الجوائز التي حصلت عليها، وأيها تفخرين بها؟
حصلت على جائزة «أفضل القيادات الخليجية الداعمة للشباب» بالكويت، تقديراً لجهودي في مجال العمل التطوعي، «هذا ما دفعني إلى تحضير رسالتي للدكتوراة التي تناولت فيها المجالين المهمين بالنسبة إلي: العمل التطوعي والإعلام»، وقد حملت عنوان «دور وسائل الاتصال الحديثة في تعزيز قيمة العمل التطوعي لدى طلبة جامعة قطر»، وناقشت فيها دور تلك الوسائل في جذب الشباب وحثهم على المشاركة في الأعمال التطوعية، كما أنني حصلت على عدد من الجوائز، ومنها:
- جائزة الوطني للعمل التطوعي - 2006.
- تكريم من وزارة الداخلية للجهود المبذولة لإنجاح الانتخابات - 2007.
- حاصلة على وسام دول مجلس التعاون للقيادات التنفيذية الداعمة للعمل الشبابي – أبريل 2014.
- جائزة المسؤولية الاجتماعية - قطر - 2015.
- جائزة الشرق الأوسط للقياديات – دبي – مارس 2016.
- الشخصية الإيجابية على مستوى الخليج – مايو 2016.
- التكريم من قبل المنظمة الدولية للعمل التطوعي ضمن 100 شخصية مؤثرة وقيادية في الوطن العربي - 2020.
لديك موهبة الكتابة والتأليف في المجال الأدبي، حدثينا عن تجربتك في هذا المجال؟
مارست الكتابة والإعداد الإذاعي والتلفزيوني والتحرير الصحفي في فترة من الزمن؛ ما أكسبني الخبرة المناسبة، ثم انتقلت إلى نشر مقال أسبوعي في جريدة الشرق القطرية تحت عنوان أصداء، كما أنني كتبت في عدد من المجلات والجرائد العربية، ولدي تجربة أعتز بها في مجال التأليف والنشر أغنت من خلالها السوق الثقافية القطرية بعدد من المؤلفات المهمة بما فيها:
كتابي الأول: «كلمات في حب الوطن»؛
مجموعتي النثرية بعنوان: «فصول»؛ مجموعتي القصصية بعنوان: «سدرة شمة»؛ قصة لأطفال: «لون الحناء». وصدر لي مؤخراً «مذكرات بنت جاسم»، وهو يحتوي على قصص قصيرة دونتها من أرض الواقع.
كنت عضو تحكيم في العديد من اللجان المهتمة بالشباب، برأيك ما الذي يحتاج إليه الشباب، وكيف يمكن التعامل معهم، خاصة أن العديد من الأسر تجد صعوبة كبيرة في التعامل مع أبنائها؟
من المعروف أن الشباب يجد صعوبة في التواصل الجيد مع آبائهم، لهذا كان على الآباء والمسؤولين بشكل عام معرفة كيفية التواصل الذكي معهم عبر التفهم والاستماع لهم، حتى ولو لم يتفقوا على ما يريدونه، إضافة إلى تقديم المساعدة لهم من دون الحكم عليهم، وليكن الهدف الرئيسي للأهل هو مساعدتهم على التفكير وليس انتقادهم. حاولت خلال فترة عملي مع الشباب أن أحول العمل من قاعدة العمل للشباب إلى مبدأ العمل مع الشباب، فشبابنا، اليوم، لديهم فكر منير وطموح مميز، ولا بد من الجلوس معهم على طاولة واحدة، ومناقشتهم آمالهم وتطلعاتهم، وبناء الخطط المتعلقة بهم بوجودهم وليس بعيداً عنهم.
لا يوجد خطر على مستقبل الكتاب الورقي
أنصح المرأة التمسك بالثقة والعمل لتحقيق أهدافها
إنجازات المرأة القطرية
ما الإنجازات التي تحققت للمرأة القطرية وإلى أين وصلت؟
أرى أن المرأة القطرية اليوم موجودة في كافة المناصب العليا والمسؤوليات الحكومية والمؤسسات الأكاديمية، كما تقوم بدورها في مجلس الشورى، وتحتك بالقوانين والتشريعات التي تخص بلادها، وتساهم في تطور أبنائه.
شاركت المرأة القطرية في مسيرة النهضة والتنمية الشاملة في جميع المجالات السياسية والتعليمية والصحية والاقتصادية والدبلوماسية، وتسلمت العديد من الحقائب الوزارية، وحديثاً دخلت مجلس الشورى ليكون لها صوت ودور في اتخاذ القرارات والمشاركة في صياغة القوانين. إن تعليم المرأة القطرية وزيادة تحصيلها العلمي، إضافة إلى دعمها السياسي والقيادي، عنصران فارقان بمسيرتها نحو التمكين؛ ما أدى إلى ارتفاع مشاركتها ومساهمتها في قوة العمل، وارتفاع نسب مشاركتها الاقتصادية وريادتها للأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى بروزها في السلك السياسي والدبلوماسي، وغيرها من النتائج؛ ما شكل قفزة تاريخية معترفاً بها في تاريخ المرأة القطرية. لقد أثبتت المرأة القطرية قدرتها على العطاء والمساهمة في نهضة حقيقية للدولة القطرية بعزيمة وثبات، وتمثيل وطنها في المحافل العربية والدولية في جميع مناحي الحياة.
نصيحة للمرأة القطرية والعربية ممن تريد الدخول في مجالك؟
أناشد كل امرأة من خلال خبرتي الطويلة بالعمل أن لا شيء مستحيل أمامها، بل إن فرص الحياة قائمة بحد ذاتها، ومتوفرة في كل مكان، وما عليها سوى بدء الخطوة الأولى بالسعي والعمل نحو طموحاتها وآمالها، وسيكون النجاح من حظها بحول الله في الحياة. وأضيف: «لا بد من التنسيق بين العمل والأسرة وتنمية الذات، فطريق النجاح والتميز ليس مفروشاً بالورود، لقد عملتُ بجد وكد، ووضعت الأهداف ووصلت إليها، وأعتقد أن الظروف في قطر مناسبة، وأن كل من يتحلى بالإرادة الصلبة سيكون قادراً على تحقيق كل شيء، هذا ما على المرأة القطرية والعربية إدراكه.. عليها التمسك بأهدافها، والثقة بنفسها، والعمل من أجل تحقيق تلك الأهداف بروية وثبات».
تابعي المزيد: سيدة الأعمال القطرية أمل أمين: نفخر بإنجازاتنا في يومنا الوطني