يستعد كثير من المسلمين حول العالم للاعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك. فالاعتكاف هو من العبادات النافعة التي يحث عليها الإسلام، وتعتبر فرصة للتخلص من الشغل اليومي والتفرغ للعبادة والتقرب إلى الله.
وتعتبر العشر الأواخر من رمضان فترة مميزة من الشهر الفضيل، حيث يُعتقد أن ليلة القدر تصادف إحداها، وهي من أفضل الليالي في السنة، ولذلك يلجأ كثير من المسلمين إلى الاعتكاف في هذه الفترة المميزة.
ويعد الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان من السنن التي حرص عليها النبي- صلى الله عليه وسلم- لما لها من فضل وثواب كبيرين يحرص عليهما المسلمون.
لذا نستعرض لكم في "سيدتي .نت" كل ما يخص موضوع أحكام الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان ومبطلاته.
ما هو الاعتكاف؟
الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان هو لزوم المسجد بنية مخصوصة، لطاعة الله تعالى: وهو مشروع مستحب باتفاق أهل العلم، قال الإمام أحمد فيما رواه عنه أبو داود: "لا أعلم عن أحد من العلماء إلا أنه مسنون" وقال الزهري رحمه الله: "عجباً للمسلمين! تركوا الاعتكاف، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم، ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل".
الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان
كان هدي النبي- صلى الله عليه وسلم -في لاعتكاف أكمل هدي وأيسره، فكان إذا أراد أن يعتكف وُضع له سريره وفراشه في مسجده صلى الله عليه وسلم، وبالتحديد وراء أسطوانة التوبة كما جاء في الحديث عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه كان إذا اعتكف طرح له فراشه، أو يوضع له سريره وراء أسطوانة التوبة" رواه ابن ماجه 1/564.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يضرب له خباء مثل هيئة الخيمة، فيمكث فيه غير أوقات الصلاة حتى تتم الخلوة له بصورة واقعية، وكان ذلك في المسجد، ومن المتوقع أن يضرب ذلك الخباء على فراشه أو سريره، وذلك كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، فكنت أضرب له خباء، فيصلي الصبح، ثم يدخله.. الحديث" رواه البخاري 4/810 فتح الباري.
وبحسب ابن باز مفتي المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبا العلماء سابقاً، ليس لاعتكاف حد محدود ولو ساعة من الزمان، ولا يشترط له الصوم، لو اعتكف وهو مفطر فلا بأس على الصحيح، قال بعض أهل العلم: لابد أن يكون صائماً، ولكن ليس براجح، هذا جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: "لا اعتكاف إلا بصوم"، وجاء عن ابن عباس أنه قال: "ليس على المعتكف صوم إلا أن يجعله على نفسه" -يعني: إلا أن ينذره- ، المقصود أنه ليس بشرط هذا الصواب، لأن: العبادات توقيفية، فلا يشترط فيها إلا ما شرطه الشارع، إلا ما جاء عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام: وليس في الأدلة ما يدل على وجوب الصوم للاعتكاف.
فالصواب: أنه لا بأس أن يعتكف وإن كان مفطراً، ولا بأس أن يكون ليلاً أو نهاراً، وقد ثبت عن عمر أنه سأل النبي ﷺ فقال: إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال له: أوف بنذرك، قال له النبي ﷺ أوف بنذرك، والليل ليس محل صوم.
مقاصد الاعتكاف
هناك مقاصد رئيسة من وراء الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، وهي:
- تحري ليلة القدر.
- الخلوة بالله - عز وجل- والانقطاع عن الناس ما أمكن حتى يتم أنسه بالله عز وجل وذكره.
- إصلاح القلب بالإقبال على الله تبارك وتعالى.
- الانقطاع التام للعبادة الصرفة من صلاة ودعاء وذكر وقراءة قرآن.
- حفظ الصيام من كل ما يؤثر عليه من حظوظ النفس والشهوات.
شروط الاعتكاف
هناك شروط لـ الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، وهي:
- الإسلام، فلا يصح الاعتكاف من كافر أو مرتد عن دينه.
- التمييز، فلا يصح من صبي غير مميز.
- الطهارة من الحدث الأكبر "من جنابة، وحيض، ونفاس".
- أن يكون في مسجد، لقوله تعالى: "ولا تُباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد"، والأفضل أن يكون الاعتكاف في مسجد تقام فيه الجمعة، حتى لا يضطر إلى الخروج من مسجده لأجل صلاة الجمعة.
آداب الاعتكاف
من آداب الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان:
يستحب للمعتكف ما ذكره ابن قدامة في المغني: يستحب للمعتكف التشاغل بالصلاة وتلاوة القرآن وبذكر الله تعالى ونحو ذلك من الطاعات المحضة. -أن يجتنب مالا يعينه من الأقوال والفعال.
ولا يُكثر الكلام لأن من كثر كلامه كثر سقطه وفي الحديث "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" -يجتنب الجدال والمراء والسباب والفحش فإن ذلك مكروه في غير الاعتكاف ففيه أولى.
ووفقاً لابن باز، فإن أفضل ما يكون الاعتكاف في رمضان في أي مسجد تقام فيه الجماعة، كما قال تعالى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ "البقرة:187" ولا مانع من الاعتكاف في المسجد الحرام والمسجد المدني للرجل والمرأة إذا كان لا يضر المصلين ولا يؤذي أحداً فلا بأس بذلك، كما من الأفضل له أن لا يتحدث مع الناس كثيراً.
وأضاف أن معتكف يلزم معتكفه، ويشتغل بذكر الله والعبادة، ولا يخرج إلا لحاجة الإنسان كالبول والغائط ونحو ذلك أو لحاجة الطعام إذا كان ما تيسر له من يأتيه بالطعام يخرج لحاجته، كان النبي يخرج لحاجته عليه الصلاة والسلام.
شروط اعتكاف للنساء
الاعتكاف سُنة للرجال والنساء لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يعتكف في رمضان واستقر أخيراً اعتكافه في العشر الأواخر، وكان يعتكف بعض نسائه معه، ثم اعتكفن من بعده.
ويشرع للمعتكف أن يكثر من الذكر وقراءة القرآن والاستغفار والدعاء والصلاة في غير أوقات النهي.
ويجوز للمرأة الاعتكاف في مصلاها في منزلها، فتعتكف فيه سواء أكان ذلك حجرة أم ركن فيها تجهزه للصلاة وتعتكف فيه ولا تخرج منه، فتعكف على قراءة القرآن والتسبيح والذكر والدعاء ونحو ذلك من الأعمال الصالحة.
ولا يجوز للمرأة أن يأتيها زوجها وهي في الاعتكاف، وكذلك المعتكف ليس له أن يأتي زوجته وهو معتكف؛ لأن الله قال: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ "البقرة:187"، لكن لو زار المرأة بعض محارمها أو بعض أخواتها في الله وتحدثت معهم فلا بأس، كان النبي ﷺ يزوره نساؤه وهو معتكف ويتحدث معهن، ثم ينصرفن لا حرج في ذلك، بحسب "ابن باز".
تابعي المزيد: تدشين خطة الـ10 الأواخر.. والسديس يؤكد جاهزية مواقع الاعتكاف في الحرمين
مباحات الاعتكاف
ويجوز للمعتكف مايلي:
- الخروج لحاجته التي لابد منها كالتداوي إن كان مريضا أو أداء صلاة الجمعة، إذا اعتكف في مسجد جماعة لا جمعة.
- الأكل والشرب في المسجد والنوم فيه بشرط المحافظة على نظافته وصيانته، كما يجوز له الكلام المباح الذي دعت إله الحاجة.
- تصفيف الشعر وتقليم الاظافر وتتظيف البدن ولبس أحسن الثياب والتطيب بالطيب.
مكروهات الاعتكاف
يكره للمعتكف البيع والشراء في الاعتكاف، ويكره له كل ما يخل بمقصود الاعتكاف من فضول الكلام والإسراف في النوم أو الطعام.
مبطلات الاعتكاف
يبطل الاعتكاف إذا خرج المعتكف من المسجد عمداً لغير حاجة، ويبطل الاعتكاف كذلك بالعلاقة الزوجية لقوله تعالى: "وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ" "البقرة:187"، وكذلك يبطل الاعتكاف بذهاب العقل او الجنون او السكر، وكذلك بنزول دم الحيض أو النفاس على المرأة، لفوات شرط الطهارة.
يمكنكم متابعة آخر الأخبار عبر حساب سيدتي على تويتر