علمي طفلك الحلال والحرام بطريقة مثالية

«الْحَلالُ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ»، كما بين لنا الرسول صلى الله عليه وسلم في حالتي البالغ والعاقل، ولكن ماذا عن الأطفال؟ هل الحلال والحرام بيّن لهم؟ وهل يدركون حقاً معنى كلمتي الحلال والحرام؟ وما هي الطريقة المثلى التي من المفترض أن يتبعها الأهل لتقريب ذلك إلى أذهانهم؟ وكيف يمكنهم خلق ميزان أو مكيال حساس؛ للتعرف على الحلال والحرام؟

أسئلة كثيرة في هذا النطاق حملناها للدكتور سليمان بن قاسم العيد، الأستاذ بقسم التربية والثقافة الإسلامية، والمشرف على كرسي الملك عبدالله للحسبة بجامعة الملك سعود.

معنى الحلال والحرام
بداية يرى الدكتور سليمان العيد أن تربية الأطفال على معرفة الحلال والحرام أمر هام، ولكن يجب أن تدرك الأسرة أولاً ما هو الحلال والحرام.

إن الحرام ما حرمه الشرع، أو ما جاءت حرمته بالكتاب أو السنة، والحلال هو ما أحله الشرع أو سكت عن تحريمه والنهي عنه، وبالنسبة لشرح كلمتي الحلال والحرام للطفل فيجب أن يسبق ذلك تعريفه بالله سبحانه وتعالى، وأنه هو ربه، وهو الآمر والناهي، وأن ما يأمر به عباده فيه مصلحة لهم، وما ينهى عنه عباده فيه مضرة، وكذلك تعريف الطفل بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه مرسل من الله سبحانه وتعالى، وأن ما يأمر به أو ينهى عنه هو لمصلحة أمته، ثم بعد ذلك يأتي شرح كلمتي الحلال والحرام بالعبارات التي يفهمها وتتناسب مع عقليته، وخير مثال على هذه العبارات: «حبيبي، الله منعنا من عمل كذا»، «الله يغضب منا إذا قمنا بعمل كذا»، «الذي يعمل كذا يعاقبه الله»، «الرسول لا يحب من يعمل كذا»، «الذي يعمل كذا لا يدخل الجنة»، فهذه العبارات وأمثالها مفيدة في تأصيل معنى الحرام الشرعي لدى الأطفال، أما مفهوم الحلال فلا نجهد أنفسنا بتفهيمه للطفل؛ لأنه أغلب ما يمارسه الإنسان في حياته اليومية من أكل أو شرب أو نوم.

ومن الألفاظ الخاطئة التي يجب التنبه لها كثرة إطلاق كلمة «حرام عليك» لتصرف من تصرفات الطفل، وهو قد لا يكون من المحرمات الشرعية، فيختلط عليه الأمر.

السن المناسب
أما السن المناسب لبداية غرس هذا المفهوم في ذهن الطفل، فهو عندما يكون في السنة الثالثة أو الرابعة من عمره، وأهم أمر في هذا الجانب هو القدوة الحسنة للطفل من الأم والأب في المنزل.

العقاب والثواب
- يجب أن تتناسب العقوبة مع حجم الخطأ وسن الطفل، فيكون العقاب مثلاً بالخصام أي الغضب منه، أو الضرب الخفيف، أو الحرمان مما يحب، أو التهديد، ومن المهم في هذه المسألة أن يعرف السبب الذي عوقب من أجله، وإلا فإن العقاب هنا غير مجدٍ.
- الطفل في الغالب لا يدرك الأمور الغيبية والنظرية، ولكنه يدرك المحسوس، ومن الأمور المناسبة في هذا الأمر التمثيل بالمحسوس، فعلى سبيل المثال: يطلب منه أن يجرب حر النار التي أمامه بقدر مناسب، ثم يقال له: «إن الذي يعمل محرماً تصيبه نار أشد من هذه».

- في حالة ارتكاب الحرام، يجب أن لا تؤخر عقوبة الطفل إلى البلوغ؛ لأنه ربما يعتاده ويهون عنده، ومعاقبته في الصغر فيها تربية له على البعد عن الحرام، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مُرُوا أَوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ».
- أفضل ما تكون به إثابة الأطفال بما يحبون وما ينفعهم، فالأسرة يجب أن يكون لديها وعي بما يحبه أطفالها من أنواع الهدايا مثلاً، أو الحلويات، أو الألعاب، أو النزهات، فيكافئونهم بذلك مع عدم الغفلة عن التشجيع.

مكيال الحلال والحرام
لا يستطيع الطفل الصغير بنفسه أن يستخدم ميزاناً يميز به بين الحلال والحرام، ولكن قد تخترع الأسرة له ميزاناً وتعرفه به، كأن توضع في غرفته لوحة السلوك، وعندما يعمل أمراً حسناً توضع له نجمة خضراء، وإذا تصرف بسلوك سيئ أي فعل محرم يوضع له مربع أحمر، ثم في نهاية اليوم أو نهاية الأسبوع يعرف بذلك، ويكافأ على الحسن، ويوبخ أو يعاقب على الخطأ.