لا تنضب الأفكار، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بإنشاء مشروع صغير مؤهل لدخول مجال ريادة الأعمال، الذي تبرزه وسائل التواصل «أرض الخلاص» من الوظيفة ودوامها وزملاء العمل غير المتعاونين أو ذوي الطباع السيئة. لكن، على قدر الإغراء والحماسة المتأتيين من فكرة العمل الحر، وإمكانية تحويل فكرة إلى منتج (أو خدمة) مبتكر يطلبه متسوقون من بقاع الأرض، يجدر درس الخطوة، والتريث قبل الاستقالة.
رائد الأعمال هو الشخص الذي ينشئ مشروعاً تجاريّاً جديداً ويتحمل معظم المخاطر ويتمتع بمعظم المكافآت، بحسب Investopedia، الموقع المؤسس في عام 1999 بهدف تبسيط القرارات والمعلومات المالية.
عندما تراود فكرة إنشاء مشروع ريادي المرأة، لا بد أن تحاول الإجابة، بصورة خطية، عن السؤال الآتي، بحسب دانة محمد صافتلي، مدربة في ريادة الأعمال: «ما نقاط القوة الهائلة التي أمتلكها؟» مع عد نقاط القوة التي تمتلكها بالفطرة وتلك المكتسبة في حياتها المهنية وفي مجالات أخرى (اهتماماتها، مثلاً). تفيد في هذا الإطار، أيضاً، الاستعانة بأحد الأقرباء أو صديقة أو زميلة لطرح السؤال عليهم، وعمّ تشتهر به المرأة الطامحة بركوب أمواج عالم ريادة الأعمال بحسب وجهات نظرهم.
تقول المدربة: «من خلال معرفة الذات والقوة أو المهارات، تتبرمج الأفكار لتقود إلى منتج أو خدمة تقدمها المرأة في السوق وتفيد من حولها». إلى ذلك، تعلّق المدربة أهمية على الشغف الذي يُمكّن من خوض تحديات المشروع بكل حب وإصرار والمتعة بعقلية متفتحة ومساعدة على تقبل العثرات والاستمرار في المحاولة بعد الفشل. وتتحدث المدربة، في السياق، عن عقلية النمو، فتقول: «أعمل على تغذية رائدات الأعمال المبتدئات، بعقلية النمو وريادة الأعمال للتركيز على دفع الثقة بالذات لأعلى، لأهمية ذلك في جعل كل امرأة تنظر إلى التحديات بإيجابية، والاستمرار في هذه الرحلة وعدم الاستسلام لأسباب مختلفة، مثل: الخوف أو آراء الناس أو عدم الثقة بالذات أو الانتظار حتى تكتمل عناصر المشروع».
هل تريدين التعرف إلى الخطوات لإدارة المشروع التجاري الصغير
غامري وابدئي رحلتك في عالم ريادة الأعمال والابتكار من دون خوف
دانة محمد صافتلي
مراحل...
«لا وقت صحيح لبدء مشروع أو إطلاق منتج مثالي؛ ريادة الأعمال رحلة تبدأ من الفكرة وتنتقل إلى محطات أخرى»، بحسب المدربة، التي تستدرك، قائلة: «على الرغم من أهمية الفكرة، فإنها لا تمثل سوى 10% من المشروع، فيما السواد الأعظم؛ أي نسبة 90% ترجع إلى الجهد والعمل والالتزام، كما يذكر كتاب Startup Opportunities: Know When to Quit Your Day Job، للمؤلفين براد فيلد وشون وايلز، فالفكرة وحدها لا تبني مشروعاً وتظل مجرد فكرة إذا لم تنفذ وتحول إلى ابتكار يمكن للعملاء المستهدفين استخدامه والإفادة منه». وتزيد: «الفكرة الناجحة تعتمد على شرطين رئيسين: أولاً، حل مشكلة بطريقة إبداعية ومميزة. وثانياً، إضافة قيمة للعملاء المستهدفين من خلال تلبية حاجاتهم».
بعد تحديد الفكرة، المحطة الثانية هي دراسة السوق والمنافسين والعملاء المستهدفين. عندئذ، تبدو الإجابات الخطية، على الآتي، مفيدة: كم تُمثّل المنتجات والخدمات المأمول تقديمها حلّاً للجمهور المستهدف، علماً أنه كلما كان المنتج مميزاً في الجودة أو يتضمن إضافات كبرت الفرصة بالنجاح.
توضع خطة العمل (أو نموذج العمل)، في المرحلة الثالثة؛ فإذا كانت الفكرة قابلة للتطبيق، ستكون الخطة سلسة وستنجح. أما إذا كانت الفكرة صعبة أو البيئة لا تستوعبها، فالخطة لن تنجح. لكن، من الممكن أن ينجح مشروع من دون خطة. وفي تاريخ ريادة الأعمال، أمثلة بالجملة عن ذلك. مثلاً: لا يحتاج مشروع تديره سيدة في المنزل إلى خطة عمل.
تتركز المرحلة الرابعة على البحث عن مصادر للتمويل، والمرحلة الخامسة على التسويق متعدد الوسائط لنشر المنتج أو الخدمة، والمرحلة السادسة والأخيرة، على رسم خطة كاملة للتنفيذ.
قبل الاستقالة
لا مرحلة معينة من المراحلة المذكورة آنفاً محدّدة لموعد الاستقالة من الوظيفة؛ لأن الأخيرة تعتمد على المدخول والظروف المادية لكل امرأة راغبة في الخوض في عالم ريادة الأعمال؛ ففي حال كانت المرأة تمتلك دعماً مالياً كافياً يغطي حاجتها الخاصة وتمويل المشروع، يمكن أن تقدم على الاستقالة للتركيز على مشروعها. أمّا إذا كان الراتب الذي تحصله المرأة من الوظيفة أساساً في معيشتها ومسؤوليتها الشخصية والعائلية، تنصح المدربة ببناء العلامة التجارية الخاصة بالمشروع أولاً واختبار نجاحه، فيما هي على رأس عملها الحالي. وتستشهد بنموذج شائع تسير بحسبه غالبية رواد الأعمال: ضمان الربح الصافي المستمر من المشروع لمدة 6 أشهر إلى 12 شهراً فأكثر، بعد تغطية رأس المال الذي يتخذ بدوره عاماً أو أكثر، مع الأخذ في الاعتبار تغيرات السوق والمنافسين والوضع الاقتصادي.
الهدف من أي مشروع هو الحرية، وهذه الأخيرة لا ترجع إلى المال والوقت فحسب، وإنما إلى الحرية الشخصية ببناء عمل حر ممثل لقيم صاحبته ومعبر عن شغفها وحبها في خدمة الآخرين، إضافة إلى بناء أكثر من مصدر دخل واحد لتحقيق الغنى، بحسب كلمات المدربة. لذا، يجب دراسة قرار الاستقالة، ومخاطره، من كل النواحي، قبل الإقدام على ذلك. وتتحدث عن مخاطر، في حال الاستقالة قبل نجاح العمل الناشئ، منها: الضغط المالي وعدم القدرة على تمويل نمو المشروع، خصوصاً أن البعض يعتمد على الراتب في الوظيفة لبناء المشروع الناشئ. في هذه الحالة، يخصص بعض الوقت في كل يوم للمشروع، من دون التعرض للضغط المادي.
قد يهمك أيضاً الاطلاع على أساسيات التخطيط المالي الصحيح في أي مشروع صغير مبتدئ