لا تنبع فرادة اسطنبول من كونها المدينة الوحيدة في العالم التي تقع في قارّتين، بل لأنها تحفل بتاريخ موغل في القدم تدلّل عليه الآثار المنتشرة في كل بقعة منها، ولأنها تتمتّع بموقع طبيعي ساحر لا مثيل له، وبطقس معتدل ممتع في الفصول كلّها، إضافة إلى أنها من أكثر العناوين التي تحقّق متعة التسوّق والاستجمام والرحلات البريّة والبحرية.هي ثاني أكبر مدن العالم لناحية عدد السكان، وعاصمة حضارات عديدة مرّت عليها، وتركت بقايا ذكرياتها شواهد على ذلك الماضي التليد...
مهما قرأت وشاهدت الصور والأفلام عنها، إلا أنّ زيارة اسطنبول تحقّق لك متعة الاكتشاف البصري والحسي، حين تتنشقين عبق التاريخ ورائحة الطبيعة الخلابة ببحرها وجبلها وأشجارها الوارفة!
ولكلّ فصل في هذه المدينة العملاقة نكهته الخاصّة، ولعلّ من محاسن الصدف أن تتاح لك رحلة إلى هناك مع بدايات الربيع، حيث الطقس الجميل المائل إلى البرودة.
جولات في "اسطنبول"
يحتاج اكتشاف هذه الحاضرة إلى وقت طويل وإلى أكثر من زيارة. من هنا، لا بدّ لك من أن تضعي خطّة واضحة قبل التحرّك، لكي تتحقّق لك المتعة في رحابها.
البداية يمكن أن تكون من "المدينة القديمة"، حيث تنقلك الحافلة عبر الشوارع التي تحاذي "سور القسطنطينية العظيم" الممتدّ على مسافة 6.5 كيلومترات، فتتّجهين إلى "ساحة سباق الخيل" التي تعجّ بالسياح، وتضمّ مسلّة تحتمس الثالث، ومنها إلى "جامع السلطان أحمد"، أو ما يعرف بـ "الجامع الأزرق" نظراً لنقوشه التي يغلب اللون الأزرق عليها. وهناك، سوف تضطرّين إلى الوقوف في طابور طويل من البشر القادمين من كل بقاع الأرض، لتمتّعي عينيك بتلك الهندسة المعمارية البارعة والقبب العملاقة التي تشكّل عماد معماره المدهش.
ومن هناك، تنتقلين إلى "آيا صوفيا"، المبنى الذي شيّد بالأساس ليكون كاتدرائية البطريركية الأرثوذكسية، وعند الفتح الإسلامي تحوّل إلى مسجد، قبل أن يمسي في سنة 1934 متحفاً ولا يزال، وهذا المبنى الذي يضمّ العديد من الآثار والتحف هو بحدّ ذاته تحفة معمارية بديعة، تبهر كل من يراها ويقف أمامها متأمّلاً تلك القبب والزخرفات الملوّنة.
"قصر الباب العالي"
كان هذا القصر المقرّ الرئيس للسلاطين العثمانيين طيلة ما يُقارب 400 سنة، بدأ بناؤه سنة 1459 بأمر من السلطان محمد الفاتح بعد غزو القسطنطينية. وحين تدخلينه، تحسّين بالحكايات القديمة تخرج لتتجسّد أمامك واقعاً وحقيقة، وهو يجذب اليوم أعداداً كبيرة من السياح، ويحتوي على بعض الآثار المقدّسة الإسلاميّة، وقد أصبح موقعاً للتراث العالمي في سنة 1985، ووُصف على أنه من أفضل الأمثلة على التنوّع الثقافي في الدولة العثمانية.
وبعدها، هناك العديد من الخيارات أمامك لتزوري "مسجد أورطاكوي"، أو "قلعة روملي حصار"، أو "قناة الصقر الرمادي"، أو "قصر يلدز" الذي بُني سنة 1880، وكان مقراً للسلطان عبد الحميد الثاني وحاشيته. القصر عبارة عن مجمّع من البيوت الصغيرة ودور متعدّدة، كان السلاطين العثمانيون يلجؤون إليها للابتعاد عن مشكلات الحكم وهمومه، وللاستراحة من متاعب العمل بين الحين والآخر.
"غراند بازار"
أعدّي العدّة للتوجّه إلى "غراند بازار"، أكبر وأشهر سوق مسقوفة في العالم، وأقدم مجمّع تجاري أيضاً. ولهذه السوق أبواب ستة، وتضمّ 4500 محلّ تبيع المواد المختلفة، كالثياب والحلويات والإكسسوارات والأقمشة والسجاد... ويمكنك أن تجدي أي شيء تطلبينه من هدايا، ولكن عليك الحرص جيداً على أن تفاوضي في السعر، إذ قد يطلب البائع سعراً مرتفعاً، وتستطيعين الحصول على تخفيضات تصل إلى النصف وأكثر أحياناً!
"ميدان تقسيم"
في اليوم التالي، تستطيعين بدء جولتك من عبور "جسر البوسفور"، الذي يُطلق عليه أيضاً "جسر البوسفور الأول"، وهو أحد الجسرين في مدينة "اسطنبول" اللذين يقطعان "مضيق البوسفور"، ويصل بين الجزئين الأوروبي والآسيوي من المدينة.
ومن بعدها، لا بدّ من زيارة اسطنبول الحديثة والاطّلاع على الحياة هناك والمرور ببعض مراكز التسوّق، في "ميدان تقسيم الشهير"، حيث تتعدّد الفنادق، ويتفرّع منه شارع التسوّق العريق "شارع الاستقلال" العريض جداً، والذي يتجاوز طوله كيلومترات عدّة، وتتوزّع المحلات والمراكز والمقاهي والمطاعم على جانبيه، وهو مخصّص للمشاة و"الترام" حصراً، ويقصده الملايين يومياً، حيث تجدين أشخاصاً ينتمون إلى كلّ جنسيات الأرض.وفي هذا المكان ، تتاح إمكانية ممتازة لمحبّي التسوّق، حيث أجود الماركات المحلية والعالمية وبأسعار معقولة، خصوصاً في نهاية المواسم، إذ تكثر العروض والتخفيضات الحقيقية.
شاهدي أيضاً:
3 وجهات سياحيّة لملاقاة الدببة
"لاس بالماس" عروس جزر "الكناري"
رحلة سياحيّة على خطى الدوقة والأمير