طالما ارتبطت حركة الطفل الكثيرة بفرحة وسعادة الأم، وطالما عبرت عن سعادتها بشقاوة صغيرها حتى لو كان يقوم بتخريب الأشياء وتكسير قطع الأثاث، فالمهم أنه يتحرك ويملأ البيت صخباً محبباً، ولكن في بعض الأحيان ينقلب الشيء إلى ضده ونقيضه، وتصبح كثرة حركة الطفل أمراً متعباً للأم، ويصبح الطفل كثير الحركة أو كما يطلق عليه بأنه "طفل حركي"، وهي حالة خاصة يجب التعامل معها وفق قواعد معينة لتوجيه هذه الحركة الزائدة نحو الطريق الصحيح.
يعد الطفل الحركي مثل العملة فهو طفل موجود في كل بيت في هذه الأيام نظراً لتغير طبيعة الحياة سواء نظام الحياة وتسارعها ودخول الأجهزة الإلكترونية وانشغال الأمهات وخروجهن للعمل أو من ناحية تغير نمط تغذية الطفل، مما يساعد على نشوء طفل حركي في كل بيت، ولذلك فقد التقت "سيدتي وطفلك" وفي حديث خاص بها بالمرشد التربوي عارف عبد الله؛ حيث أشار إلى نصائح هامة للتعامل مع الطفل الحركي وطرق احتوائه وتوجيهه في الآتي:
وفّري له مساحة لكي يلعب
حاولي عزيزتي الأم أن تقومي بتوفير بيئة آمنة وواسعة؛ لكي يلعب بها الطفل، فالطفل الحركي بحاجة لكي يفرغ طاقته الزائدة عن طريق الحركة واللعب، وفي نفس الوقت يجب ألا يكون ذلك بإهدار الطاقة دون تطوير مهاراته الحركية والسلوكية بشكل سليم، وعليك أن تمنحيه هذه الفرصة بهدفيها عن طريق توفير مساحة مخصصة له، بحيث تتيح له الحركة والاكتشاف وتنمية روح المغامرة التي تتملكه، والتي لا تؤدي لتلف الأثاث والأجهزة في البيت مثلاً، فجهزي هذه المساحة بحيث تكون آمنة من العوائق وصالحة لكي يمضي فيها وقته.
قد يهمك أيضاً: اندفاعات الطفل وكثرة حركته دليل ذكاء أم فرط حركي
اهتمي بتغذيته
الاهتمام بالتغذية المتوازنة للطفل
اهتمي قدر المستطاع بإبعاد طفلك الحركي عن السكريات والشوكولاته التي تزيد من حركته، كما يجب عليك الاهتمام بالتغذية والنوم معاً، فمن الطبيعي أن يكون نوم الطفل الحركي قليلاً ومتقطعاً، بل قد يجد صعوبة في الاستغراق بالنوم، ولذلك يجب عليك الاهتمام بالتغذية المتوازنة المتكاملة العناصر والشاملة لثلاث وجبات يومياً إضافة لنوم ليلي صحي ومتواصل ومبكر لا يتجاوز العاشرة مساء في الصيف والثامنة مساء في الشتاء؛ لأن التغذية السليمة والحصة مع النوم الجيد تؤثران إيجاباً على مستوى الطاقة والتركيز والمهارات الحركية للطفل الحركي خصوصاً والذي يحتاج للتركيز أكثر وتوزيع طاقته على مهمات حركية بشكل مناسب لعمره.
شجعيه وقدّمي المكافآت له
اهتمي بتشجيع الطفل الحركي عندما يقوم بإنجاز أو مهمة توكلينها له، كما يجب تشجيعه أولاً على الاستكشاف والحركة، فيجب مساعدته على الحصول على تحدي المهارات الحركية للطفل الحركي، ويشمل ذلك تقديم أنشطة تكون مرتفعة قليلاً عن مستواه الحالي، وفي نفس الوقت تأكدي أنه يشعر بالتحدي ويسعد به، ولكن دون شعوره بالإحباط، فالطفل الحركي المحبط هو طفل مهزوم ومهدوم، ولذلك شجعيه واهتمي على أن يستخدم الألعاب الحركية المناسبة لعمره واهتماماته التي لا يستطيع أحد أن يكتشفها غيرك، وقد تكون تلك الألعاب عبارة عن الكرات الملونة، والألعاب التي تتطلب الزحف على اليدين والرجلين أو البطن أو المشي، وكذلك الألعاب البنائية فهي رائعة بالنسبة لطفل فائق الحركة.
تذكري دائماً أن تقديم الثناء والتشجيع الإيجابي للطفل عندما يبذل مجهوداً أو يحقق تقدماً في المهارات الحركية، يعزز من هذا السلوك الإيجابي لديه ويزيد من رغبته في تكرار مثله، كما يساعده على تطوير مهاراته الحركية وبذل المجهود لتحسين الأداء سواء في المهارات أو السلوك اليومي في التعامل معك ومع غيرك.
احتضنيه وعامليه بحنان
احتضني طفلك قدر المستطاع، فالطفل الحركي هو طفل يحب الاحتضان والمشاعر اللحظية، والعناق الطويل له جزء من الاحتواء، فالتفاعل المباشر معه بمعنى أن تقومي باحتضانه حين يقوم بعمل جيد يعزز من شعوره بالثقة بنفسه، كما أنه جزء من الدعم النفسي الذي يحتاجه ليطور من قدراته الحركية ويوجهها في الاتجاه الصحيح.
ويساعد الاحتضان والدعم للطفل وتوفير الحنان والبعد عن العقاب والعنف في تحقيق تقدم في مهاراته الحركية، ولذلك ابتعدي عن كلمات الثناء وحوليها إلى لغة جسد سوف يفهمها الطفل جيداً وتترك أثراً أكبر مثل الابتسامات والإيماءات والتصفيق وفتح الذراعين والصفير والتهليل والغناء وغيرها.
انطلقي معه خارج البيت
من المهم والضروري للطفل الحركي الخروج من نطاق البيت، فهو غالباً ما يشعر بالاختناق، ويعبر عن ذلك الشعور بحركته على عنقه بأنه "مخنوق"، فهو يحب أن يجد الفرصة لكي يلعب في الحدائق العامة والمتنزهات والنوادي الرياضية المخصصة للأطفال ممن هم في سنه، وأن يجد مكاناً يوفر له الفرصة لاستكشاف محيطه والركض خلف الفراشات وقطف الورود وتفحص أوراق الشجر، وكذلك ممارسة مهارات حركية تعمل على تفريغ طاقته.
دعيه يلعب لعباً منظماً
دعي طفلك يلعب لعباً منظماً، والمعنى من ذلك أن الطفل الحركي هو طفل عاشق للفوضى ويجب تحويله لطفل مرتب لديه حسه بالوقت والمكان وأهمية الأشياء وقيمتها، ولذلك يجب ألا تختاري له ألعاباً عشوائية مهما كانت مبهرة، واحرصي على تقديم أنشطة تساعده في تطوير مهارات معينة بشكل محدد وموجه، فيمكن تعليمه حركات مثل القفز والركض أولاً ثم ابدئي في تعليمه كيفية تسلق المكعبات والسير فوقها ثم القفز عنها والقفز عن الحواجز الذي يعلم الاتزان.
راقبيه مع مشاركته الأنشطة
لا تتركي مراقبة الأنشطة التي يقوم بها الطفل الحركي ولا تدعيه يلعب وحده فيتخيل نفسه كأنه محبوس في قفص أو صندوق، فالطفل الحركي يحتاج إلى المشاركة أولاً في اللعب والأنشطة وهذا دورك، كما أنه يحتاج إلى أن تكوني مراقبة له من لحظات تهور مفاجئة قد يقع فيها وقد تسبب له الضرر، وقدمي له المساعدة والنصح والإرشاد في الوقت المناسب، وتذكري أن اللعب التشاركي مع الطفل الحركي يساعد كثيراً في تشجيعه على التواصل وتعزيز تفاعله مع الآخرين.
كوني صبورة معه
كوني على يقين أن التعامل مع الطفل الحركي والعمل على ترتيب وتنظيم حياته، وضبط طاقته يحتاج للصبر والاستمرارية وعدم تسرب الملل واليأس لك هو أول عوامل النجاح في ترويض طاقة هذا الصغير المفعم بالنشاط والطاقة، والذي يكون حساساً لدرجة لا توصف وإلى جانب صبرك معه، وعليه يجب أن تعلمي أنه من الخطأ المقارنة بين الأطفال حتى الأصحاء والعاديين منهم، وتذكري أن كل طفل لديه قدرات خاصة تختلف عن الآخر في اكتساب المهارات الحركية والحياتية.
* ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.