حكايات قصيرة للأطفال فرع من فروع الأدب العالميّ الذي وصل لذروة شهرته في القرن التاسع عشر، فأصبح الآخرون يرون فيه أداة تعليميّة للطفل، وطريقة تقويم أخلاقيّ وإثراء للمعلومات، بعد أن كان يقتصر على كونه أدباً يسعى إلى إمتاع وتسلية الصغار فقط.
وفي هذا التقرير اختارت "سيدتي" 7 من القصص العالمية القصيرة.. التي تضم الكثير من العبر والأخلاقيات التي تؤثر في الطفل.. وتنفعه في حياته مستقبلاً.
القصة الأولى: الراعي الكذاب
يُروى أنه في أحد الأزمنة، كان هناك راعٍ يسكن في قرية يتصف سكانها بالكرم والصدق والأمانة وحب مساعدة الآخرين، ولكن الراعي لم يتصف بهذه الأخلاق الكريمة، بل كان يحب افتعال المشاكل -رغم صغر سنه- من أجل التسلية، وفي أحد الأيام وفي الصباح الباكر وهو جالس في المرعى وهو يشعر بالضيق والملل، جاءته فكرة، فقام على الفور.. يصيح بأعلى صوته: أنجدوني الذئب يأكل أغنامي، وظل يكرر جملته مراراً، حتى استيقظ كل من في القرية وذهب ليساعده، ولما وصلوا للمرعى، وجدوا الراعي جالساً بين أغنامه، وأخذ يضحك ويقول لهم: لقد خدعتكم.
استنكر أهل القرية فعله، وأخبروه أن خداع الناس وإفزاعهم ليس مُضحكاً ولا مُسلياً، لم يلقِ الراعي بالاً لكلام أهل القرية، وكرر فعلته في اليومين التاليين، حتى ضجر الناس من فعله وقرروا ألا يستجيبوا له مرة أخرى، وفي اليوم الرابع وبينما كان الراعي جالساً في المرعى.. إذ بذئب- حقيقي- وقد انقض على أغنامه وبدأ بأكلها واحدة تلو الأخرى، فصاح الراعي يطلب النجدة من أهل القرية، ولكن دون جدوى.. وكيف يستجيبون له ويصدقونه اليوم، بعد أن خدعهم ثلاث مرات؟!
العبرة: الكذب عادة سيئة وليست مُزحة طيبة، فكن صادقاً دائماً يصدقك الناس فيما تقول وتفعل.
القصة الثانية: الصياد والسمكة الصغيرة
في أحد الأيام جلس صيادٌ منذ الصباح على ضفاف النهر المجاور لقريته ورمى صنارته، وأخذ ينتظر أن تعلق سمكة كبيرة بصنارته كي يعود بها إلى زوجته وأولاده ليتناولوها، فهم لا يملكون في البيت ما يسدون به جوعهم، و انقضت الساعات ولم يصطد الصياد أي سمكة.
وآخر النهار علقت سمكة بصنارته، ففرح وبدأ بسحبها، وما إن خرج من الماء، وإذا هي سمكة صغيرة تكاد لا تكفي له وحده، ولكنه شكر الله ورضي بنصيبه، وهنا تفاجأ الصياد بالسمكة الصغيرة وهي تخاطبه، وتطلب منه أن يرجعها إلى النهر، وقالت له إنها صغيرة لا تكفيه، وأنه قد يصطاد سمكة أكبر منها!
تردد الصياد قليلاً وكان مقتنعاً بكلام السمكة الصغيرة، مصدقاً ما تقوله.. ولكن ماذا يفعل.. لقد انتظر طويلاً ولم يرزقه الله وأولاده بعد.. ماذا يفعل؟ وما كان منه إلا أن جاوبها أن الله - سبحانه وتعالى- ساقها له رزقاً، وأنه راضٍ بهذا الرزق مهما كان قليلاً، فهذا من تقدير الله عز وجل وحكمته.
العبرة: الله وحده مقسم الأرزاق.. فقد يعطيك اليوم الكثير.. وقد يمنحك في الغد القليل من الرزق.. فكن قانعاً بما لديك اليوم، وتوقع الخير غداً.
لمزيد من المعرفة طالعي هذه القصة: ليلى والغراب والببغاء
القصة الثالثة: المزارع المخادع وبئر المياه
يُحكى أن مزارعاً مخادعاً قام ببيع بئر الماء الموجود في أرضه لجاره مقابل مبلغ كبير من المال، وعندما جاء المزارع الذي اشترى البئر ليستخدم الماء الموجود فيه في اليوم التالي، قال له الرجل المخادع: اذهب من هنا أيها الرجل فأنا قد بعتك البئر، لكنني لم أبعك الماء الموجود فيه!
دُهش الرجل مما سمع وتوجه إلى القاضي ليشتكي المزارع المخادع له، بعد محاولات عديدة لإقناعه بأن البئر والماء الذي فيه من حقه، سمع القاضي القصة، وأمر الرجل المخادع بالحضور، ثمّ طلب منه أن يعطي الرجل بئره، إلّا أنّه رفض، فقال له القاضي: حسناً، إن كانت الماء لك والبئر لجارك فهيّا قم، وأخرج ماءك من بئره إذًا، جُنّ جنون الرجل المخادع، وعرف أنّ الخديعة لا تضرُّ إلّا بصاحبها.
العبرة: العطاء أمانة، والتجارة صدق وأمانة.. وإن لم تعط وتتاجر بصدق تخسر نفسك وتفشل تجارتك.
القصة الرابعة: الدجاجة الذهبية
يُحكى أنّ مزارعاً وزوجته كانا يملكان في مزرعتهما دجاجة جميلة ذهبية اللون، وكانت هذه الدجاجة تضع كل يوم بيضة ذهبية يبيعانها ويسدان بها حاجتهما، إلى أن فكّر هذا المزارع يوماً؛ بأن يذبح الدجاجة لاستخراج ما يحويه بطنها من بيضات ذهبية يبيعها ويحصل من خلالها على الكثير من المال.
أخبر المزارع زوجته بما ينويه فحاولت نصحه بألّا يفعل ذلك، إلّا أنّه لم يقبل، أعد المزارع السكين، وشقّ بطن الدجاجة للحصول على البيضات الذهبية التي تخيّلها، فلم يجد فيه إلا الأحشاء، فجلس وزوجته يبكيان ويندبان حظهما، فقد خسرا بسبب الطمع دجاجتهما الذهبية التي كانت مصدر رزقهما اليومي.
العبرة: عليك بالسؤال والمشورة قبل اتخاذ القرار، واعرف أن القناعة والرضا بما لديك وبين يديك.. خير من الطمع، وهذا لا يمنع السعي للمزيد.
تابعي قراءة «الجميلة والوحش» اعرفي هذه الحقائق عنها
القصة الخامسة: الأسد ملك الغابة والفأر الصّغير
يُحكى أن الأسد ملك الغابة وأقوى سكّانها كان ذات يوم نائماً، عندما بدأ فأرٌ صغيرٌ يعيش في الغابة نفسها بالركض حوله، والقفز فوقه وإصدار أصوات مزعجة، مما أقلق نوم الأسد ودفعه للاستيقاظ، وعندما قام الأسد من نومه كان غاضباً، وضع قبضته الضخمة فوق الفأر، وزمجر وفتح فمه ينوي ابتلاع الفأر الصغير بلقمة واحدة.
هنا صاح الفأر بصوت يرتجف من الخوف، راجياً أن يعفو الأسد عنه، وقال: "سامحني هذه المرة، فقط هذه المرّة ولا غيرها يا ملك الغابة، وأعدك ألا أعيد فعلتي هذه مجدّداً، وألّا أنسى معروفك معي، ويا أيها الأسد اللطيف، فمن يعلم؟ فربما أستطيع ردّ جميلك هذا يوماً ما".
ضحك الأسد بصوت عالٍ وساخر من قول الفأر، وتساءل ضاحكاً: "أيّ معروف يمكن أن يقدّمه فأرٌ صغير مثلك لأسد عظيم مثلي؟ وكيف يمكنك مساعدتي، وأنا الأسد ملك الغابة.. وأنت الفأر الصغير الضعيف؟" وكان قد قرّر أن يطلق سراح الفأر لمجرّد أنه قال له ما أضحكه، وفعلاً رفع قبضته عنه، وتركه يمضي في شأنه.
مرّت الأيّام على تلك الحادثة، إلى أن استطاع بعض الصيّادين المتجوّلين في الغابة أن يمسكوا بالأسد، ويربطوه إلى جذع شجرة، ثم تركوه وانطلقوا ليحضروا عربة كي ينقلوا الأسد فيها إلى حديقة الحيوانات، وعندما كان الصيادون غائبين يبحثون عن العربة، مرّ الفأر الصغير مصادفة بالشجرة التي كان الأسد مربوطاً بها، ليرى الأسد وقد وقع في مأزق لا يُحسد عليه.. فماذا فعل؟
أخذ الفأر الصغير يقضم الحبال التي استخدمها الصيادون لتثبيت الأسد وأَسره، حتّى قطع الحبال جميعها وحرّر الأسد، ثم مضى الفأر بعدها متبختراً، وهو يقول بكل سعادة: "نعم لقد كنت محقّاً، يستطيع فأرٌ صغيرٌ مثلي.. مساعدة أسد عظيم، فالمرء يقاس بفعله لا بحجمه، ولكلٍ منّا قيمته في هذه الحياة".
العبرة: لا تستهين بما لديك من مواهب وإمكانات؛ فالعبرة بما تفعل وقدرتك على استغلال ما عندك بحكمة.. وفي الوقت المناسب.
القصة السادسة: حب الوطن ونسمة الريح
كانت هناك عصفورتان صغيرتان رقيقتان تعيشان في بقعة من الأرض شديدة الحرّ قليلة الماء، وفي أحد الأيّام بينما كانتا تتجاذبان أطراف الحديث، وتشكيان لبعضهما صعوبة ظروف الحياة، هبّت عليهما نسمة ريح عليلة آتية من أرض بعيدة، فسعدت العصفورتان بهذه النسمة، وأخذتا تزقزقان نشوة بالنسيم العليل.
وعندما رأت نسمة الريح العصفورتين الجميلتين تقفان على غصن بسيط من شجرة وحيدة في المنطقة، استغربت من أمرهما وقالت: "أيتها العصفورتان الجميلتان، عجباً لأمركما، فكيف تَقبلان وأنتما بهذا الحسن، وهذه الرقّة أن تعيشا في أرض مقفرة كهذه؟ لو شئتما لحملتكما معي، وأخذتكما إلى بلد آخر رطب من حيث أتيت.
وهناك المياه عذبة باردة، طعمها ألذّ من العسل، والحبوب تكاد من حلاوة طعمها أن تكون سكّراً، وإن أخذتما بنصيحتي، وعدتكما أن نكون هناك خلال وقت قصير جدّاً، فما قولكما؟
قامت العصفورة الأذكى بين الاثنتين، وأجابت بفطنة وبداهة: "يا نسمة الريح، أنت ترتحلين كل يوم من مكان إلى مكان، وتنتقلين من أرض إلى أرض، وذلك يجعلك لا تدركين معنى أن يكون للواحد منّا وطن يحبّه، فارحلي أيّتها النسمة مشكورةً، فنحن لن نبدّل أرضاً ولو كانت جنّة على الأرض، نحن نحب الأرض التي ولدنا ونشأنا بين ربوعها.. تحت ظلها يوماً أو وسط حرارتها، هي وطننا، ولو كانت الأجواء فيه قاسية والطعام فيه شحيح.
العبرة.. الوطن هو الأرض التي نشأت بين جنباته وأكلت من خيراته.. وشربت من مياهه، حب الوطن هو الانتماء يا صغيري، مهما كانت قسوة حرارته وصغر مساحته وكم خيراته.
القصة السابعة: تحويل التراب إلى ذهب
عاش شابٌ زوجته في إحدى القرى البعيدة جداً، وكانت حياتهما سعيدة، ويعمها المحبة والود، إلى أن قرر الشاب التوقف عن العمل ومحاولة تحويل التراب إلى ذهب باستخدام الكيمياء، وكان قد ادخر بعض المال حتى يتمكن من الإنفاق، إلى حين حصوله على الذهب من التراب.
ومرت الأيام بلا نتيجة أو فائدة، وبدأت زوجته بالقلق، فنقودهم قاربت على النفاذ، وسيجدون أنفسهما بعد بضعة أسابيع دون مال ولا طعام، فجن جنونها، وبدأت تطلب من زوجها أن يكف عن العبث، ويعود إلى العمل حتى يكسب رزقه.
لم يستمع الزوج الشاب لزوجته، واستمر بتجاربه الكيميائية لتحويل التراب إلى ذهب، ازداد قلق الزوجة، وأرادت مخرجاً من هذا الموقف العصيب، فذهبت لوالدها تشكو حال زوجها، وأخبرته بالقصة كاملة، فطمأنها والدها وأخبرها أنه سيجد حلاً للأمر، أخبر والد الزوجة صهره أنه يعرف الوصفة التي تمكنه من تحويل التراب إلى ذهب، ولكنها تحتاج لشاب كي يقوم بجمع المواد اللازمة، فاندفع الشاب للأمر، وأخبره أنه مستعد لكل ما يتطلب الأمر.
كانت المادة الأساسية لوصفة والد الزوجة هي مسحوق يظهر على أوراق شجر الموز بكميات ضئيلة، وكان بحاجة إلى كمية تعادل 300 غرام، لذلك على الشاب أن يزرع عدداً كبير اًمن الأشجار ولعدة مواسم ليتمكن من جمع الكمية اللازمة، وبعد مضي ثلاث سنوات، حصل الشاب على الـ 300 غرام من المسحوق العجيب، فتوجه لوالد زوجته- حماه- وطلب منه بقية الوصفة، فأخبره أن يحضر دلواً من تراب الأرض التي زرعها هو وزوجته.
نفذ الشاب طلبات حماه، فسأل الوالد ابنته عما كانت تفعل بالموز الناتج من الزراعة.. حينما كان زوجها يجمع المسحوق، فأجابت أنها كانت تجمعه وتبيعه لتنفق على بيتها، وتدخر ما يزيد عن حاجتها، فطلب منها إحضار مدخراتها، فإذا هو كيس كبير من النقود الذهبية، فأمسك به الوالد، وطلب من صهره أن يفرغ دلو التراب على الأرض، ثم أفرغ كيس النقود الذهبية فوق التراب وقال له: "ها قد تحول التراب لذهب".
العبرة: من حق كل إنسان أن يحلم بالنجاح والتميز.. والانتقال بحياته من حال إلى حال أفضل.. ولكن عليه قبل ذلك تدبر حاله وتفهم أحواله.. فالتخطيط الجيد يسبق الرغبة في تحقيق الأحلام.