لا ترغب أي أم أن يكون لديها طفل مهزوز الشخصية، أي أنه يكون منقاداً للآخرين وليست لديه القدرة على مواجهة المجتمع، ولأنها هي المسئولة الأولى عن تربية الطفل وحيث تختلف التربية عن الرعاية، فالمهم أن تتبع عدة طرق وخطوات ونصائح من شأنها أن تعزز ثقة الطفل بنفسه منذ صغره، ويجب أن تعرف الأم أن ثقة الطفل بنفسه ليست صفة وليدة اللحظة ولكنها صفة مكتسبة وليدة عدة عوامل متراكمة.
على الأم أن تهتم بتعزيز ثقة طفلها بنفسه وأن تساعده لكي يبني شخصية تعاونية قادرة على تحمل المسئولية، وبالتالي أن يكون شخصية فاعلة في المجتمع، ولذلك فقد التقت " سيدتي وطفلك" وفي حديث خاص بها بالمرشد التربوي عارف عبد الله، حيث أشار إلى كيف تبني ثقة طفلك بنفسه وتعزز تعاونه وتحمله للمسئولية من عمر سنتين، وأخطاء قد تقعين بها، ونتائج هذه الأخطاء على شخصية الطفل في الآتي:
نادي طفلك بأحب الأسماء إليه
- احرصي على اختيار الإسم المناسب لطفلك، لأن اسم الطفل يلعب دوراً كبيراً في بناء وتشكيل شخصيته وذلك منذ صغره، ولا تعمدي لاختيار إسم غريب أو إسم لشخصية غير محبوبة للطفل حتى لو على سبيل مجاملة صاحب الإسم، فالإسم هو ملك لصاحبه، ولذلك فأول ما يدركه الطفل حين يكبر أن إسمه هو ذاته ويجب أن يكون راضياً عنه.
- اعملي بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم بأن تنادي طفلك بأحب الأسماء إليه، حيث تقوم بعض الأمهات باختيار أسماء تدليل للطفل وتناديه بها، فيجب أن تختاري إسماً محبباً له ولا يؤذي نفسيته، فيما يقوم بعض الآباء باختيار أسماء كبيرة وضخمة ومزعجة بالنسبة لطفل، مثل أن يناديه بـ" أبو فلان" وهذا من شأنه أن يهز شخصية الطفل. فالطفل يحب أن يعتز بإسمه الأصلي، ولا يحب أن يشعر أنه قد أصبح أكبر من سنه، فعلى الآباء أن يتركوا أطفالهم ليعيشوا طفولتهم، كما أن بعض الآباء يختارون إسماً للطفل تبعاً لصفة به فقد يناديه هذا " أبو كرش" لأن الطفل يكون محباً للطعام، وهذا بالطبع يؤثر على ثقته بنفسه بشكل كبير ويؤدي إلى انطواء الطفل واهتزاز شخصيته.
- اعلمي أن هناك أشياء عليكِ التفكير بها قبل اختيار اسم طفلك، مثل أن تفكري مدى مناسبة الإسم لنوع طفلك، فهناك بعض الأسماء التي تكون مشتركة بين الأولاد والبنات ولا يحب الطفل أن يسمى بها وتؤثر على شخصيته حين يعتقد البعض أنه بنت مثلاً، ولذلك يفضل الابتعاد عن مثل هذه الأسماء، لأن اختيار الإسم يحدد الهوية النفسية لصاحبه.
قد يهمك أيضاً: متى تتكون شخصية طفلي وتصبح لها ملامح معروفة وثابتة؟
احرصي على تغذيته بطريقة صحية ومتوازنة
- احرصي على تغذية طفلك، ومنذ أن تبدئي مرحلة إدخال الطعام الصلب إلى نظامه الغذائي أن يحصل على غذاء صحي ومتوزان، لأن الغذاء الصحي للطفل يعني أن ينمو الطفل من الناحية البيولوجية والنفسية بطريقة سليمة وصحيحة تلعب دوراً كبيراً في بناء شخصيته وتؤثر على المحيطين به.
- لاحظي أن تقديم الطعام المعلب والمحتوي على الألوان الصناعية وكذلك المواد الحافظة ومكسبات الطعم ينطبق ذلك على النودلز مثلاً، ويجب أن تعرفي ما أضرار النودلز على الأطفال؟ والحقيقة أن النودلز وغيره من الأطعمة المصنعة غير الطبيعية هو عبارة عن طعام ضار بصحة الطفل في المقام الأول ويؤدي لإصابة الطفل بأعراض تؤثر على شخصيته، مثل أنها تزيد من فرط الحركة وتشتت الانتباه وفي حال إصابة الطفل بأحد هذين العرضين من ناحية السلوك فمن الضروري أن تتأثر شخصية الطفل وتهتز ثقته بنفسه، فأساس الطفل الواثق بنفسه أن يكون متزناً ولديه القدرة على التحكم بانفعالاته.
- راعي أن تقدمي لطفلك الفيتامينات والمعادن المتوافرة في الفواكه والخضراوات، واحرصي على تقديم حصة يومية لطفلك من البروتين المسئول عن بناء خلايا الجسم وخاصة خلايا الدماغ، وقللي من تقديم السكريات لأنها تسبب فرط الحركة، كما أن تقديم الكربوهيدرات والنشويات بكثرة للطفل تصيبه بالسمنة، والطفل الذي يعاني من السمنة هو طفل منطوٍ ومهزوز الثقة بنفسه دون نقاش بسبب تعرضه للانتقاد والسخرية من المحيطين به.
كوني قدوة لطفلك
- حاولي قدر المستطاع أن تتجاوزي كل المشاكل الحياتية المحبطة التي تمرين بها، وأن تظهري أمام طفلك بأنك إنسانة قوية وواثقة من نفسك وقادرة على تجاوز المشكلات، كما أنك تفكرين بطريقة إيجابية.
- قرري دائماً أن تكوني نموذجاً يحتذى به أمام الطفل، لأن الطفل لا يتعلم بالكلام الإنشائي، ولكنه يتعلم من خلال المحيطين به ويتأثر بهم، ولذلك يجب أن تحاسبي في كل تصرف وسلوك يصدر منك لأن الطفل يراقبك ويحاول تقليدك، وفي حال رؤية الطفل واعتياده لمشهد الأم وهي تبكي مثلاُ أو أنها مهزوزة الشخصية فهو سوف يتأثر بها ويصبح مثلها بالتدريج، وعليك كأم أن تضعي مشاكلك جانباً وأن تكوني واثقة من نفسك أمام طفلك وتبدين قدراً من الصلابة والتماسك في مواجهة ضغوط الحياة وأن ترددي الكثير من التعليقات الإيجابية عن نفسك في حضور الطفل.
كلّفيه بمهام بسيطة منذ صغره
- كلّفي طفلك ببعض الأعمال البسيطة منذ صغره وتحديداً منذ عمر السنتين، فيمكنك أن تطلبي منه مثلاً أن يقوم بترتيب ألعابه وإعادتها إلى صندوق الألعاب بعد أن ينتهي من اللعب وألا يتركها مبعثرة ومتناثرة في كل مكان.
- اختاري أعمالاً منزلية يمكن للطفل أن يقوم بها وتشعره بأنه عنصر فعال في البيت والمجتمع، وأن الأعمال التي يقوم بها على صغرها هي أعمال مهمة وتؤثر في نظام البيت وفي سعادته وتماسكه وبالتالي فاختيار الأعمال مهمة توكل إلى الأم وذلك حسب عمر الطفل، ففي مرحلة المراهقة المبكرة يمكن أن تعهدي له بأن يهتم برعاية الطفل الصغير في غيابك.
- شجعي طفلك وامتدحي أي عمل يقوم به واشعريه بالرضا والطفل في عمر صغير يشعر بالثقة بنفسه حين يستمع للمديح والتشجيع من أقرب الناس إليه وهي الأم واستخدمي عبارات تشجيعية لطفلك تؤدي لتحفيزه على النجاح والإنجاز منذ صغره، مثل عبارة "أنت بطل" و"ما قمت به كان رائعاً وأرغب بالمزيد"، كما شجعيه أن يقدم المساعدة لكبار السن مثل الجد والجدة، لكي يعتاد على احترامهم وأن المسن يجب أن يولي اهتماماً من الصغار، وبالتالي يشعر الطفل بقيمة العائلة وتتعزز ثقته بنفسه وشعوره بالمسئولية.
قدّمي له حبّاً غير مشروط
- قدمي لطفلك حباً غير مشورط، بمعنى أن تحبيه حتى حين يرتكب بعض الأخطاء، فقد يعتقد الطفل أن ارتكاب الأخظاء يقلل من حب الأم له، ولكن يجب أن يعرف أنك تحبينه في كل حالاته، ولكن ليس معنى ذلك أن تتغاضي عن الأخطاء التي وقع بها ولا تقومي بإصلاحها وتقويمها بدلاً عنه، بل يجب أن يصحح أخطاءه بنفسه ومن دون أن تكوني رقيبة عليه.
- انزعي من رأس طفلك الصغير فكرة أن الأم قد تكره طفلها وأن الحياة إما أبيض أو أسود، فقد يعتقد الطفل لصغر سنه أنه طالما قد وقع في خطأ فقد أصبح مكروهاً ومنبوذاً مما يجعله طفلاً مهزوزاً، ولذلك فالتقويم مهم والاحتضان اليومي وشعور الطفل بالحب والحنان والاحتواء من الخطوات المهمة في بناء ثقة كبيرة ومبكرة لديه.
توقفي عن انتقاده باستمرار
- توقفي عن انتقاد الطفل باستمرار وتصيد الأخطاء له، لأن الطفل سوف يصبح ذا شخصية مهزوزة، لأنه لا يعرف ما يرضيك ويصبح منقاداً للآخرين لمجرد أنه لا يريد أن يسمع لوماّ وتأنيباً منهم، واحرصي على التغاضي عن الهفوات البسيطة، فالطفل ليس في محكمة ولا يمكن أن تضعي غربالاً أمام تصرفاته، حيث إنه سوف يتعلم الكذب لكي يخفي هذه الهفوات والتي ترين أنها أخطاء جسيمة، و يجب أن تظهري له حبك وأنك تتقبلين ما يقع فيه من أخطاء، وفي نفس الوقت يجب أن تتجنبي إهانة الطفل وخصوصاً أمام الغرباء.
- علّمي طفلك أن عليه المحاولة والتجريب وأن الخطأ ليس نهاية الحياة، لأن هناك أطفالاً يحصلون على درجات متدنية في المدرسة ويؤدي ذلك لأن يصبح الواحد منهم منطوياً ومهزوز الثقة بنفسه ويتراجع في معدله الدراسي، بل إنه يرفض الذهاب إلى المدرسة ويؤدي ذلك لأن يصبح فاقد الثقة بنفسه وبقدراته.
امنحيه الفرصة لكي يتحدث عن نفسه
- امنحي طفلك الفرصة لكي يتحدث عن نفسه ويعبر عما بداخله، وذلك بأن تتيحي أمامه فرصة للنقاش في كل ما يتعلق به، ولا تحولي طفلك لشخصية منقادة وكل ما عليه أن ينفذ الأوامر التي تصدر عنك، فهو بهذه الطريقة يتحول إلى إنسان مهزوز الشخصية ويرى أنه عديم المكانة في البيت ويمكن أن يميل إلى الانطوائية والعزلة والبحث عن صداقات خارج البيت.
- صادقي طفلك وخصصي له وقتاً لكي يخبرك بكل شيء، والأم الناجحة هي الأم التي تكون الصديقة الأولى والمقربة لطفلها، وامنحي طفلك الفرصة أن يتحدث عما وقع فيه من أخطاء، ولا تحاولي عقابه على خطأ قام بإصلاحه بنفسه ولا تعيريه أو تذكريه بأخطاء سابقة وجددي مشاعره بأن الإنسان دائماً يخطىء ولكن الحكيم من يبدأ من جديد متجنباً الأخطاء السابقة.
- وجهي الأب لكي يتكلم مع أطفاله وخاصة الأولاد مع ضرورة التنبيه من جمل مؤذية يوجهها الآباء لأطفالهم ويعتقد الأب أنها على سبيل التربية ولكنها تترك أثراً في نفوسهم، ويجب أن يصادق الأب طفله الولد ويعوّده على مجالسة الكبار والاستفادة من حكمتهم وتجاربهم في الحياة.