تستخدم الكثير من الفتيات الصغيرات منتجات مكافحة الشيخوخة التي يشاهدنها على وسائل التواصل الاجتماعي. فحسبما ذكرت الأم هداية، أن ابنتها وبحلول الوقت الذي بلغت فيه الحادية عشرة من عمرها، كانت وصديقاتها يقضين ساعات على TikTok وYouTube يشاهدن مدونات الجمال والموضة يروجن للمنتجات لتحقيق جمال اليوم؛ بشرة ندية "متوهجة" وخالية من العيوب. فأخضعت الصديقات أنفسهن لروتين متقن للعناية بالبشرة؛ باستخدام منظفات الوجه والبخاخات والأقنعة المرطبة والمرطبات، ومن بينهن ابنتي نورة، وقد رغبت كأم بذكر قصتها لتكون مثالاً لكل الأمهات اللواتي يربين فتاة في عمر المراهقة.
في إحدى الليالي، بدأ جلد نورة يحترق بشدة وظهرت عليه بثور. كان الاستخدام المفرط للمنتجات المخصصة للبالغين سبباً في إحداث دمار كبير في بشرتها. وبعد أشهر، ظلت بقع صغيرة من النتوءات على وجه نورة، وتحولت وجنتاها إلى اللون الأحمر تحت أشعة الشمس.
تقول نورة، التي بلغت مؤخراً الثانية عشرة من عمرها: "لم أكن أرغب في ظهور التجاعيد أو الظهور بمظهر عجوز. لو كنت أعلم أن حياتي ستتأثر بهذا الأمر، لما وضعت هذه الأشياء على وجهي، لكنني عندما أصبت بطفح جلدي وشعرت بوخز، في غضون أيام من تجربة منتجات العناية بالبشرة، اعتقدت أنني لا أستخدم ما يكفي، لذا استخدمت المزيد من الطبقات، وعندها انفجرت وجنتاي بألم شديد".
فيما يعتقد الخبراء أن تجربة نورة أصبحت شائعة، حيث تتجمع الفتيات في سن ما قبل المراهقة لشراء منتجات العناية بالبشرة الراقية، وهو الفخ الذي تم جذبهن إليه في مقاطع فيديو فيروسية تحتوي على هاشتاغ معين، حيث نعالج شهرياً فتيات لا يتجاوز عمرهن 8 سنوات، جئن إلى عيادات أطباء الجلدية مصابات بطفح جلدي وحروق كيميائية وردود فعل تحسسية أخرى لمنتجات غير مخصصة لبشرة الأطفال الحساسة.
ورغم أن هناك الكثير من مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي نشرت لتدحض نصائح بعض المدونات، والتي تؤكد أنه عندما يستخدم البنات منتجات العناية بالبشرة المضادة للشيخوخة، فإنهن في الواقع قد يتسببن في الشيخوخة المبكرة، ويدمرن حاجز الجلد، ويؤدي إلى ندبات دائمة، إلا أن الكثيرات لا يقتنعن بذلك.
أثر تضرر بشرة المراهقة على صحتها النفسية
إن الآباء وأخصائيي علم نفس الأطفال يخشون، إلى جانب الضرر الجسدي، من تأثير هذا الاتجاه على الصحة النفسية للفتيات ــ لسنوات قادمة، حيث أثبتت بيانات واسعة النطاق أن التركيز على المظهر يمكن أن يؤثر على احترام الذات وصورة الجسم ويزيد من القلق والاكتئاب واضطرابات الأكل.
كما أن الهوس بالعناية بالبشرة يفتح نافذة على الدور الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في حياة مراهقات اليوم، وكيف تشكّل المثل العليا وانعدام الأمن لدى الفتيات على وجه الخصوص. تعاني الفتيات من مستويات عالية من الحزن واليأس، وما إذا كان التعرض لوسائل التواصل الاجتماعي يسبب مشاكل الصحة النفسية أو يرتبط بها ببساطة هو أمر قابل للنقاش. ولكن بالنسبة للمراهقات الأكبر سناً والشابات، فإن الأمر واضح؛ إن الوقت المطول الذي يقضينه على وسائل التواصل الاجتماعي كان سيئاً بالنسبة لهنّ.
كما أن مستوى التفاصيل والمعلومات التي تتلقاها الفتيات من دروس التجميل يرسل رسالة مقلقة في سن حساسة، حيث تمر الفتيات بمرحلة البلوغ ويبحثن عن هوياتهن، والرسالة هي: "أنت مشروع لا نهاية له، يجب أن تبدئي به الآن". وفي الحقيقة هم يقولون: "أنت لست بخير كما أنت".
للمراهقات فقط: أفضل المستحضرات وأهم النصائح للعناية بالبشرة
الذكاء الاصطناعي
تتابع الأم هداية: "كان الوقت متأخراً من الليل. جاءت راكضة إلى غرفتي وهي تبكي. كان خداها محترقيْن، بينما منتجات العناية بالبشرة الفيروسية موضوعة على خزانة ملابس نورة، البالغة من العمر 12 عاماً، فما هو مؤكد أن شغف الفتيات الصغيرات بالمكياج ومستحضرات التجميل ليس بالأمر الجديد، كما أن الفتيات اللواتي يلتزمن بمعايير الجمال المثالية لسن بالأمر الجديد. رغم أن الصور المفلترة والذكاء الاصطناعي، هي وجوه يقابلنها ليست حقيقية، وتتعرض الفتيات لقصف من صور الجمال المثالية التي تؤسس لمعايير الجمال التي قد يكون من الصعب للغاية -إن لم يكن من المستحيل- تحقيقها".
متابعة مدونات الجمال
تقول نورة: "إن الهوس بالعناية بالبشرة عند المراهقات لا يقتصر على السعي للحصول على بشرة مثالية، إن الأمر يتعلق بالشعور بالقبول والانتماء إلى مجتمع يتمتع بأسلوب الحياة والمظهر الذي تريده كل فتاة. ولم تكن العناية بالبشرة من ضمن اهتماماتي، لكن الجميع يفعلن ذلك. شعرت أن هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكنني من خلالها التأقلم، مع من حولي وبدأت في متابعة مدونات الجمال اللواتي يمتلكن ملايين المتابعين من الشابات على تيك توك. ورغم أن أمي نبهتني إلى أنه يتم دفع أموال لبعض مدونات الجمال من قبل العلامات التجارية للترويج لمنتجاتهم، لكنهن لا يذكرن ذلك دائماً، فلم أكترث بالنصيحة، وأصبحت مولعة بمقاطع الفيديو "Get Ready With Me"، حيث تصور المدونات أنفسهن وهن يستعددن للمدرسة، أو لقضاء ليلة مع الأصدقاء، أو لتجهيز أمتعتهن لرحلة. تلك المقاطع التي حققت ملايين المشاهدات على TikTok. كنت في حالة غيبوبة. لا يمكنني التوقف عن مشاهدة هذه المقاطع، لذا عندما يقولون لي: "اذهبي لشراء هذا المنتج" أو "استخدمي هذا المنتج وهو رائع"، أشعر بأنني كبيرة ومحترمة، والحصول على ما لديهن يجعلني أشعر أيضاً بالارتباط بهن".
تستدرك الأم هداية الحديث: "بدأت نورة في توفير مصروفها الأسبوعي للذهاب مع صديقاتها إلى أحد المتاجر، وكان روتينها اليومي يشمل غسولاً للوجه، ورذاذاً للوجه، ومصلاً مرطباً، والتونر لشد المسام، ومرطباً، وكريماً واقياً من الشمس. وكانت أغلب المنتجات من ماركات فاخرة ذات سعر عالٍ، وقد كانت تبرر ذلك بكل صراحة قائلة: "أشعر بالغيرة الشديدة وعدم الأمان كثيراً عندما أرى فتيات أخريات في عمري يبدونّ جميلات للغاية أو يتمتعن بحياة مذهلة".
لقد اعترفت صناعة مستحضرات التجميل بأن بعض المنتجات غير مناسبة للفتيات، وأوصت بعدم استخدام الفتيات اللواتي تقل أعمارهن عن 12 عاماً، الأمصال والمستحضرات والمقشرات المضادة للشيخوخة؛ "نظراً لطبيعتها النشطة للغاية". هذه الإرشادات موجودة في صفحة الأسئلة الشائعة في موقع المنتج، لكن لا توجد مثل هذه التحذيرات على المنتجات نفسها.
ما رأي أطباء الجلدية؟
حسب رأي أطباء الجلدية، فإن المكونات مثل الريتينول والمقشرات الكيميائية، مثل الأحماض الهيدروكسية قاسية بطبيعتها، بالنسبة للبشرة المتقدمة في السن، حيث يتم استخدامها لتحفيز إنتاج الكولاجين والخلايا. فما بالكم بالبشرة الشابة أو الحساسة، والتي يمكن أن تتفاعل مع الاحمرار والتقشير والحرق، ما قد يؤدي إلى العدوى وحب الشباب وفرط الحساسية إذا تم استخدامها بشكل غير صحيح".
يتفق أطباء الجلدية على أن وجه الطفل يحتاج عادة إلى ثلاثة عناصر فقط، كلها موجودة على أرفف الصيدليات؛ منظف لطيف، ومرطب، وكريم واقٍ من الشمس. تقول إحدى طبيبات الجلدية: "غالباً ما تكرر الأمهات لبناتهن ما أقوله بالضبط، لكنهن يحتجن إلى أن يسمع أطفالهن صحة ما يقلن، فهن لا يكترثن حتى لكلام الأمهات، اللواتي يقصدن العيادات، وهن حاملات أكياساً مليئة بمنتجات العناية ببشرة الأطفال ليسألن: هل هذه المنتجات مناسبة؟ لكنهن كرد فعل احترازي وعندما يلاحظن بقعاً داكنة على وجه بناتهن يصبن الفزع. ويلقين بكل المنتجات التي تستخدمها بناتهن في سلة المهملات.
وقد أكد الخبراء أن بشرة الأطفال حساسة؛ لأنها أرق بكثير من بشرة البالغين، لذا فإن التركيبات والمنتجات القاسية، مثل التونر والكريمات الموضعية والريتينويدات، يمكن أن تلحق الضرر بحاجز الجلد الهش. وهناك منتجات صديقة للأطفال لطيفة بما يكفي لبشرة الأطفال الحساسة، حيث إن جلد الفتيات يتغير مع تقدمهن في العمر، في حين أن بشرة الفتيات الصغيرات تميل إلى أن تكون طبيعية أو جافة وعرضة للإكزيما، إلا أن التقلبات الهرمونية لا يمكن أن تسبب بشرة أكثر دهنية حتى سن المراهقة، لذلك لا تحتاج الفتيات إلى روتين مكثف للعناية بالبشرة مع علاجات التحكم في البقع".
وأشار آخرون إلى أنه يمكن للفتيات استخدام مرطب أساسي، كما أن إضافة واقي الشمس يعد خياراً جيداً لحماية البشرة الحساسة من أضرار الأشعة فوق البنفسجية، لذلك ينصح باختيار واقٍ من الشمس يحتوي على الزنك أو المعدن، وهو الأنسب للفتيات، بجانب أن البشرة قبل سن المراهقة عادة ما تكون في حالة مثالية، وأن تأثيرات البلوغ تختلف من طفلة إلى أخرى، حيث يعاني البعض من التأثيرات الهرمونية في وقت أبكر من غيرهن، وخلال سن البلوغ، تحدث تغيرات كبيرة في الجلد، بما في ذلك زيادة سمك البشرة والطبقة القرنية والعناصر النشطة القوية الموجودة في مستحضرات التجميل والوصفات الطبية.
وحذر الأطباء من أن هناك منتجات مثل المقشرات، إذا لم يتم استخدامها بشكل صحيح، يمكن أن تمزق الجلد، ويجب اتباع روتين بسيط يتضمن غسل الوجه، وتجفيفه بمنشفة نظيفة واستخدام مرطب خفيف، لأن الفتيات يملن إلى لمس وجوههن، ومن المفترض أن تساعد هذه الطريقة في إزالة أي بكتيريا أو ملوثات، مما قد تتعرض له بشرة الأطفال.
*ملاحظة من «سيدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.