عندما تدير «ضيفة اليوم» ظهرها مستأذنة للذهاب تبدأ الانتقادات لتظهر أقوال الخفاء علانية حول صفاتها، أو ملابسها، أو تصرفاتها، فهل سمعت ما يقال عنك؟ لا تستعجلي، فلدينا نماذج من النساء كنّ «ضحايا» لأحاديث غيرهن!
في السعودية: نساء «صنجة»
بحكم أن مجتمع السعودية ذكوري، تم إلصاق الغيبة والنميمة بالمرأة، وكأنها هي من تمارسها وحدها، وبات نصيبها هو الأكبر منها! لكن ماريا مكرد، طالبة، تتبع أسلوباً خاصاً؛ فعندما تعلم أن هناك واحدة تتكلم عنها في غيابها، وتتعامل معها على أنها صديقتها، تصمت حتى يأتي يوم لتحرجها أمام الجميع بالكلام الذي وصلها.
في تجمعات الأفراح، تتحول الفتيات فجأة إلى «عجائز فرح»، كما يقلن؛ حيث تعترف دينا رستم، طالبة، بأنهن لا يتركن في نميمتهن حتى البوفيه، ، تضيف ضاحكة يجب أن نقول جملة: «العريس أحلى من العروس»، خاصة لو كنا من أهل العريس. وفي كثير من الأوقات يصلني كلام أن البنات يقلن عني: «آخذة مقلب بنفسها»، أو «مصدقة نفسها»، وأجعل نفسي «صنجة» أمام كلام الناس.
في الإمارات: شرشحتها على المضبوط!
كل واحدة أحسن من الأخرى، أشيك، وأنظف، وأحلى من زوجها! لكن الأذواق والرغبات لا تتوافق، حيث كانت رغبة سارة العوضي، موظفة، تعرضت لنميمة من صديقاتها، أن تكتم خبر افتتاح صالونها، لكن صديقتها المفضلة أخبرت بقية الصديقات، بل قالت لإحداهن إن سارة ذكرتها بالاسم، وطلبت منها ألا تخبرها شخصياً حتى لا تحسدها، تتابع سارة: «صارت تردد أن سارة لئيمة، وخبيثة، ولسانها وسخ، وأن أطفالها قليلو الأدب، ولم أعلم بالحديث الذي دار حولي إلا من طرف ثالث، إذ قالت لي إحدى الصديقات: مبروك.. افتتحت صالوناً، وعندما أجبتها نعم قالت لي لكننا لا نحسد».
بعد ان عزمت عائشة حسن الملا، موظفة، على العشاء وطبخت بنفسها أشهى الأكلات سمعتهن يتحدثن وهي في المطبخ عن طبخها الماسخ (أي بدون طعم)، فالأولى علّقت على زوجها الذي يبدو أصغر وأجمل منها بكثير، والثانية عن مبالغته بملابسه كأنه عارض أزياء، تستدرك عائشة: «في اليوم التالي بعثت لهن رسالة على الواتس آب تتضمن صورة وعليها تعليق (اتقي شر من أحسنت إليه).
ولكن دانة علي، ربة بيت، اكتشفت بالصدفة أن بنات عمها يطلقن عليها لقب الحولاء، تتابع دانة: «قامت إحداهن بقلب عيونها والتحدث بطريقتي، حيث إنني أنطق حرف الراء غين خفيفة، وعندما لاحظن دخولي حاولن إرضائي بكل طريقة، لكن علاقتي بهن لم تعد مثل السابق».
في لبنان: ليست نميمة بل معرفة!
تنتشر مظاهر الغيبة في اجتماعات القهوة الصباحية في المنازل، واللقاءات، حيث يعتبرنها وسيلة لاكتساب الخبرة في شؤون الحياة، وخاصة المتعلقة بالنساء. حتى أن إلهام إسكندر، سيدة منزل، تعتبرها لملء وقت الفراغ عندها؛ تتابع: «إذا كانت علاقتي مع حماتي غير جيدة وتحدثت عليها مع جارتي فهذه ليست نميمة، أو إذا شكوت زوجي إلى صديقتي فهذه ليست نميمة».
الغريب أن حماة إلهام سمعتها أكثر من مرة وهي تتحدّث عنها مع جارتها، والحل هو تغيير الحديث، فهي تعتبرها متطلبة، ولا تحب إقامتها عندها من وقت إلى آخر، حتى ابنتها لا تتحملها!
لهذا السبب فرض مروان.ن، صاحب شركة، نظام عمل جدياً بين موظفيه، ينبذ النميمة تماماً، إلا أنه ما لبث أن لاحظ تململهم من هذا الأسلوب، فقد ترك بعضهم المؤسسة مبررين ذلك بانزعاجهم من الجو العام في مكتب العمل، والذي يذكّرهم بأجواء الدراسة.
في الأردن: مواجهات في وقتها
تؤكد آمال البيشتاوي، سيدة مجتمع، أن الحديث في الخفاء ظاهرة عربية بامتياز، ففي أحد الأيام وهي تصفف شعرها بالصالون، فوجئت بالمزين يعلمها أنه سمع إحدى صديقاتها تتكلم عنها، فقالت: «آمال تستغل صداقات زوجها مع الأطباء؛ لتجري عمليات تجميل تحافظ من خلالها على جمالها ورشاقتها»، تتابع آمال: «الكلام غير صحيح، لكن خبرتي بمستحضرات التجميل والأغذية الصحية أفادتني بهذا الخصوص ما يثير حسد البعض، بعد أيام التقيتها فتصرفت معها كأن شيئاً لم يكن، إلا أنني لم أعد أكنّ لها نفس الاحترام السابق».
كذلك وصل كلام النميمة إلى مسامع رسمي الجراح، ناقد وفنان تشكيلي، من أحد زملائه الشعراء، الذين يعملون في صحيفة منافسة، مشككاً في قدراته النقدية، متجاهلاً أنه أكاديمي، ودارس للفن التشكيلي، يتابع رسمي: «تجاهلته لفترة حتى تواجهت معه بطريقة غير مباشرة أمام أصدقاء مشتركين، فبدأ يدافع عن نفسه بمبررات ضعيفة وواهية».
مرض
تختلف أحاديث النميمة برأي الدكتور عبدالله الفوزان، أستاذ علم الاجتماع، وعميد معهد البحوث في جامعة حائل، باختلاف المجتمعات، يتابع الفوزان: «تكثر النميمة في أمور تتعلق بالملبس، ونوع الطبخ، ونظافة المنزل، والأولاد، والتصرفات في المناسبات والأفراح، والعلاقات الزوجية، ولعلاج هذه الظاهرة لابد من نشر التوعية بين جميع أفراد المجتمع، وخاصة بين النساء، عبر المناهج التعليمية، والبرامج التعليمية».
عائشة سيف الكندي، مرشدة اجتماعية في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، لا تستغرب نميمة النساء بسبب غيرتهن، فمعظمهن يعتقدن أن من العادي الخوض في سيرة الناس، وإطلاق التسميات والأوصاف دون التفكير بموقفهن عندما يصل الكلام للشخص المعني.