في ظل واقع الحياة المادي وقسوة متطلباته وكثرة مصاعبه وتحدياته يقع كثير من الأزواج تحت وطأة العديد من الضغوط؛ فلا يجدون متنفساً إلا الزوجة؛ فالزوج يعيش صراعات جَمة بحثاً عن حياة كريمة لأسرته، وفي خضم كل الصراعات يفقد صبره وهدوءه وأعصابه؛ فيغضب لأقل الأسباب، وقد يحمِّل شريكة حياته وزوجته تبعات قسوة الحياة التي يعيشها؛ فيسيء لها لفظياً أو جسدياً، في ظروف أخرى يكون الزوج ذا شخصية عنيفة متسلطة لا يتعامل بمرونه فيجنح للإساءة لزوجته، وفي كل الظروف تجد الزوجة نفسها تحت وطأة عنف الشريك وإهانته وإساءته، ما قد يتطور لعنف جسدي. بالسياق التالي "سيدتي" التقت خبيرة العلاقات الأسرية ثناء البرديسي لتحدثك عن إساءة معاملة الزوجة وكيفية التعامل معها.
ماذا تعنى الإساءة إلى الشريك؟
يمكن تعريف العنف الأسري، الذي يُطلق عليه أيضاً "العنف المنزلي" أو "الإساءة إلى الشريك"؛ بأنه نمط من السلوك المسيء يُستخدم للحصول على السلطة والسيطرة على الشريك، حيث يرتكب الشريك الإساءة بأشكال مختلفة بحق شريكه، والإساءة هي أفعال جسدية أو عاطفية أو اقتصادية أو نفسية أو تهديدات بأفعال تؤثر في شخص آخر. وهذا يشمل أي سلوكيات تخيف أو ترهب أو أو تؤذي أو تهين أو تلقي باللوم أو تجرح شخصاً ما، ويمكن أن يحدث العنف المنزلي لأي شخص حيث يؤثر العنف المنزلي في الأشخاص من جميع الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية ومستويات التعليم -بحسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة un-org.
هل يجب أن تقبل الزوجة عنف زوجها؟
تقول ثناء لـ"سيدتي": "يُعتبر العنف الأسري تهديداً خطيراً لأي من الشريكين بالعائلة على أن إساءة معاملة الزوجة قد يكون أكثر خطورة؛ نظراً لطبيعة المرأة، وما تفرضه العادات والتقاليد في مجتمعاتنا الشرقية والعربية التي تحث المرأة دائماً على تقبل الأمر وتجاوزه حتى تستمر الحياة من أجل مصلحة الأسرة"
وبغض النظر عن مصلحتها الشخصية، وما قد تتعرض له من أذى نفسي وجسدي، فيُفرض عليها أن تسامح وتغفر وتتجاوز، وأن تتعايش مع زوجها العنيف، وتفضله على نفسها، وتُفضل غضبه وعنفه على عقوبته وردعه. وفق هذا السياق لا بُدَّ للمرأة أن تعرف متى تتجاوز وتغفر وإلى أي حد تقبل إساءة معاملة الزوج لها والعنف الممارس عليها، ومتى ترفضه وتسعى للابتعاد؛ فهناك علامات واضحة للعلاقة المسيئة المرفوضة التي تكرس لأهمية الابتعاد خوفاً من المواقف الخطيرة التي قد تتعرض لها الزوجة، ورغماً عن اعتذار الشريك وإقراره أن سلوكه المؤذي لن يحدث مرة أخرى، يظل هناك خوف من تكراره. وفي بعض الأوقات، يتساءل المرء عما إذا كان يتعرض فعلاً للأذى أو يتخيَّل التعرُّض للإساءة، إلا أن الألم الانفعالي أو البدني الذي يشعر به يكون حقيقة، وهو ما يؤكد تعرُّض الشخص للعنف الأسري.
ويمكنك التعرف إلى: بالإنفوغراف.. حقوق الإنسان تطالب مراكز الحماية بالإبلاغ عن حالات الإيذاء أو التهديد
إلى أي مدى يمكن أن يسيء الزوج لزوجته؟
تقول ثناء: هناك العديد من أشكال وصنوف الإساءة للزوجة سواء المعنوية أو الجسدية أو المالية أو الاقتصادية؛ فزوجك من خلال أفعاله وتصرفاته وحركاته من الممكن أن يسبب لكِ إحراجاً كبيراً وإهانة لا تُقبل، فمن الممكن أن يعمل على:
- يتعمد إحراجك أو السخرية منك أمام الأصدقاء والعائلة والأقارب.
- التقليل من شأن إنجازاتك واحتقارها.
- يسلب منك مقدرتك على اتخاذ القرارات.
- الشتائم أو المعايرة أو الإساءة اللفظية الأخرى.
- الإضرار بعلاقتك بالأطفال.
- عدم السماح لك برؤية الأصدقاء والعائلة، فيحاول عزلك عن مجتمعك.
- يناديك بأسماء ترفضينها، ويهينك، أو ينتقدك باستمرار.
- لا يثق بك ويتصرف بطريقة غيورة أو تملكية.
- يتحكم في الأموال أو يرفض مشاركة الأموال.
- يذلِّك بأي شكل من الأشكال.
- استخدام الترهيب أو التهديد للحصول على أمر ما فيخضعك وتطيعين أوامره.
- يشعرك أنك لا شيء من دونه.
- يعاملك بقسوة جسدية كأن يمسك بك، يدفعك أو يضربك.
- يقوم بإتلاف الممتلكات عندما يغضب "يرمي الأشياء، يضرب الجدران، يركل الأبواب، إلخ".
- يراقب المكان الذي تذهبين إليه، ومَن تتصلين به، ومن تقضين وقتك معه.
- لا يثق بك ويظل يتصل بك للتأكد من أنك موجودة في المكان الذي قلت إنك ستكونين فيه.
- يلومك طوال الوقت حتى قد يصل الأمر للومك على ما يشعر به من ضيق أو على تصرفاته الخطأ.
- يضغط عليك من أجل أشياء لست مستعدة لها ويجعلك تشعرين أنه "لا يوجد مخرج" من العلاقة.
- يمنعك من القيام بالأشياء التي تريدين القيام بها مثل ممارسة هواية أو رياضة.
وإذا كانت هذه طرق إساءة معاملة الزوج لزوجته؛ فتعرفي إلى طرق التعامل مع الزوجة التي لا تحترم زوجها
كيف تتعاملين مع زوجك المسيء؟
تقول ثناء: بدايةً وقبل أي شيء لا بُدَّ أن تحددي إلى أي مدى يمكن أن تقبلي إساءة معاملة الزوج ومتى ترفضينها، وبالطبع نحن ضد كل أنواع الإساءة، ولكن في بعض الأحيان قد يكون الزوج واقعاً تحت تأثير العديد من ضغوط الحياة فيفقد أعصابه ويعلو صوته مثلاً أو يحدثك بطريقة لا تقبلينها، وفي هذا الوقت أنت تحتاجين للهدوء ومعرفة كيف تتعاملين معه، وهل الأمر توقف عند شجار عادي أو تجاوز الحد. وفق هذا السياق يمكنك:
- لا تحملي نفسك اللوم وتنساقي له وتعتقدي أنك السبب في خلل ميزان الحياة، هوني على نفسك.
- ضعي حدودك الخاصة وانتبهي لها، وحدديها بوضوح، وأبلغيه أنك لا تقبلين هذا النوع من المعاملة.
- انتظري ردة فعله، فهل سيتوقف وينتبه لما يؤذيك ولا يكرره؟ أم أنه لن يستمع ويكرر تصرفاته المسيئة؟
- تحدثي معه بصراحة عن مشاعرك وانعدام شعورك بالأمان معه في ظل علاقة يشوبها العنف والإساءة.
- كوني صادقة، واسأليه عما إذا كانت هناك أشياء معينة تدور في ذهنه وتثير موجات غضبه وعنفه، ولكن افعلي ذلك بحساسية قدر الإمكان.
- تناقشي مع شريكك من هم الأقارب، أو المعارف الذين يقلق من التعامل معهم أو لا يحبهم، وأخبريه رأيك وتفهمي سبب ضيقه وأخبريه عن ضيقك من طريقته بالكلام أو التصرف معه بالمستقبل أمام الآخرين.
- أخبريه أنك لا تقبلين العنف في التعامل ولا السخرية منك، وأن الحياة بينكما مشتركة، وأنكما شخص واحد نجاحه ينسب للعائلة، والمصاعب التي يواجهها يمكنكما معاً بمزيد من الصبر مواجهتها وتخطيها، ولكن بالمزيد من الهدوء والصبر وطول البال.
كلمة أخيرة
بالنهاية تقول ثناء: "تذكري دائماً أنه لا أحد يستحق أن يتعرض للإساءة؛ فالإساءة ليست خطأك، ولا ينبغي التجاوز في حقك وإيثار الآخرين على كرامتك واحترامك لذاتك، ولا تقلقي بشأن التهديدات التي قد تتعرضين لها؛ فيمكنك دائماً لو شعرت بالخطر اللجوء لكثير من المؤسسات التي ستساعدك".
نحو المزيد، يمكنك من السياق التالي التعرف إلى: طرق وقف الأذى النفسي الناتج عن التعرض للمضايقة أو الإهانة!