في عصر التكنولوجيا الحديثة، لم تعد مواقع التواصل الاجتماعي مجرد منصات للتسلية أو التواصل، بل أصبحت امتداداً لهويتنا وشخصياتنا. كل منشور، تعليق، أو صورة ننشرها تعكس جزءاً من ذواتنا وتؤثر بشكل كبير على صحتنا النفسية. لذا، تحسين الصورة الذهنية على هذه المنصات ليس فقط مسألة اجتماعية، بل هو عنصر أساسي للحفاظ على التوازن النفسي والعاطفي. وتحظى مواقع التواصل الاجتماعي بأهمية خاصة لجيل الشباب لأنها الوسيلة الأبرز ليقدم الشاب أو الفتاة نفسها للعالم المحيط.
الصورة الذهنية والصحة النفسية: علاقة وثيقة
تقول كوتش هدى زين ماستر كوتش وإرشادي أسري ونفسي، في حوار مع "سيدتي": إن الصورة الذهنية التي نصنعها لأنفسنا على مواقع التواصل لا تؤثر فقط على كيف يرانا الآخرون، بل تؤثر أيضاً على الطريقة التي نرى بها أنفسنا. عندما تكون هذه الصورة مشوهةً أو سلبيةً، قد نشعر بالضغط النفسي، القلق، وحتى فقدان الثقة بالنفس.
وتضيف "في المقابل، تحسين هذه الصورة يعزز من شعورنا بالرضا عن الذات ويساهم في بناء علاقة صحية مع العالم الرقمي المحيط بنا".
هل تؤدي الصورة السلبية إلى مشكلات نفسية؟
وتُشير زين إلى أن ثمة آثار سلبية قد تتسبب فيها الصورة السلبية للشخص على مواقع التواصل الاجتماعي مثل:
تأثير المقارنة الاجتماعية
كثيراً ما نُقارن أنفسنا بالآخرين على مواقع التواصل، مما قد يؤدي إلى شعور بالدونية أو الإحباط.
التفاعل السلبي
التعرّض للتعليقات السلبية أو التنمر الإلكتروني يسبب أذى نفسياً عميقاً، مثل انخفاض التقدير الذاتي أو الشعور بالنبذ.
السعي المفرط للمثالية
محاولة الظهور بصورة مثالية بشكل دائم قد تؤدي إلى ضغوط نفسية مزمنة وشعور بعدم الرضا حتى عن الإنجازات الشخصية.
خطوات عملية لتحسين الصورة الذهنية وتأثيرها النفسي
من جانبها حددت الماستر كوتش هدى زين، مجموعة من الخطوات التي تساعد الشباب في تحسين صورتهم الذهنية على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل:
تعزيز الوعي الذاتي
تنصح زين الشباب قائلة "ابدأ بمراجعة علاقتك بمواقع التواصل. اسأل نفسك:
- لماذا أستخدم هذه المنصة؟
- كيف أشعر بعد استخدامي لها؟
- هل المحتوى الذي أشاركه يعكس حقيقتي؟
الإجابة على هذه الأسئلة تساعدك على تحديد النقاط التي تحتاج إلى تحسين".
تبني الصدق والواقعية
كن صادقاً مع نفسك ومع الآخرين، لأن الصورة الخاطئة التي لا تعكس حقيقة الشخص لن تدوم بل وربما تأتي بنتائج عكسية.
تجنب التظاهر بحياة مثالية غير واقعية
شارك تجاربك وإنجازاتك بصدق، بما في ذلك اللحظات الصعبة، مما يعزز من شعورك بالارتياح والتوازن.
بناء صورة ذهنية إيجابية لدعم صحتك النفسية
ركز على القيم والمبادئ التي تؤمن بها، فهذا وحده يجعلك تبدو جذاباً للآخرين من دون الحاجة لادعاء شيء غير حقيقي.اجعل محتواك يعكس جانبك الإيجابي والإنساني، مثل التعاطف، الطموح، والشجاعة. وتجنب نشر محتوى قد يثير الجدل أو يجلب لك ردود فعل سلبية.
إدارة الوقت على مواقع التواصل
قضاء وقت طويل على مواقع التواصل يؤثر سلباً على حالتك النفسية. لتجنب ذلك:
- حدد أوقاتاً لتصفح المنصات.
- استخدم أدوات تقليل وقت الشاشة إذا لزم الأمر. هذا يساعدك على الحفاظ على توازن صحي بين حياتك الرقمية والحقيقية.
التعامل مع التعليقات السلبية
تذكر أن التعليقات السلبية لا تعكس حقيقتك، بل غالباً ما تكون انعكاساً لمشكلات المتحدث نفسه. لذلك استجب بلطف أو تجاهل التعليقات التي تفتقر إلى البناء. إذا كانت التعليقات مؤذية للغاية، لا تتردد في حظر الشخص أو الإبلاغ عن إساءته.
تحسين الصحة النفسية من خلال محتوى إيجابي
شارك محتوى يلهمك ويلهم الآخرين. يمكن أن يكون ذلك عن طريق:
- نشر أفكار إيجابية أو نصائح تحفز التغيير الإيجابي.
- مشاركة قصص نجاح شخصية أو دروس مستفادة من تحديات الحياة.
- المحتوى الإيجابي لا يحسن صورتك الذهنية فقط، بل يخلق أيضاً تأثيراً إيجابياً على من حولك.
كيف يؤثر تحسين الصورة الذهنية على صحتك النفسية؟
تقول الكوتش هدى زين إن تحسين الصورة الذهنية على مواقع التواصل الاجتماعي ينعكس على الصحة النفسية من خلال التالي:
تعزيز الثقة بالنفس
عندما تنجح في بناء صورة متزنة وإيجابية، تشعر بمزيد من الثقة في نفسك وفي تفاعلاتك مع الآخرين.
تقليل القلق الاجتماعي
تحسين صورتك الذهنية يخفف من مخاوفك بشأن كيفية رؤية الآخرين لك، مما يُقلل من القلق.
الشعور بالرضا الداخلي
عندما يكون محتواك متناسقاً مع قيمك وشخصيتك الحقيقية، تشعر بالمزيد من السلام النفسي والرضا.
وتنهي زين حديثها لـ"سيدتي" قائلة: "حسن الصورة الذهنية على مواقع التواصل الاجتماعي ليس مجرد خطوة لتحسين العلاقات الاجتماعية، بل هو ضرورة نفسية وصحية".
قد يعجبكِ أيضاً كيفية اكتشاف مهاراتك الشخصية ومواهبك