الشعور بالثقة بالنفس وسط تحديات الحياة الافتراضية بات صعباً، لا سيما مع مقارنات مواقع التواصل الاجتماعي، لكن الثقة بالنفس هي الأساس ليعيش الشخص حياة متوازنة ومليئة بالإنجازات دون النظر لغيره.
وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال غاية في الأهمية، هل الثقة بالنفس فطرة أم صفة يمكن اكتسابها؟.
الإجابة الأقرب للواقع أن الثقة بالنفس لا تُولد مع الإنسان فقط، بل تزرع وتنمو بالتجربة وتتغذى بالمواقف وتصقل بالوعي.
كيف يمكن بناء الثقة بالنفس؟
تشير الكاتبة وخبيرة الصحة النفسية آمي مورين، في مقال لها بموقع Psychology Today، إلى أن بناء الثقة بالنفس لا يعني أن تشعر المرأة دائماً بالقوة أو الإيجابية، بل أن تمتلك القدرة على التصرف بثقة حتى في لحظات التردد أو القلق.
تقول مورين: “إذا انتظرتِ الشعور بالثقة قبل اتخاذ الخطوة، فقد تفقدين الكثير من الفرص، السر هو أن تتصرفي بثقة، وستلحق المشاعر فيما بعد"، وهذا المفهوم يجيب عن السؤال السابق، كما يعيد تعريف الثقة بالنفس ليس كفطرة، لكن كممارسة يومية وسلوك مكتسب، كما أنها ليست بالضرورة نتاج ظروف مثالية عاشها الشخص.

كيف تنمي الثقة بالنفس؟
وفقاً لخبراء تحدثوا إلى موقع Very Well Mind، فإن ثمة عادات يمكن ممارستها لتعزيز الثقة بالنفس على نحو تدريجي، وهي:
التوقف عن مقارنة نفسك بالآخرين
من أكثر العوائق التي تدمر الثقة بالنفس، هي المقارنة الدائمة بالآخرين، سواء كانت هذه المقارنة مع صديقاتك، زميلات العمل، أو حتى المؤثرات على مواقع التواصل، فإنها غالباً ما تؤدي إلى تقليل الشعور بالكفاءة الذاتية، تشير الباحثة كيري تايلور إلى أن المقارنات تؤدي إلى الشعور بالقلق وتثبيت الشعور بعدم الكفاءة، وتقترح بدلاً من مقارنة الشخص بالآخرين، أن يركز الشخص على نفسه ويراقب تقدمه الذاتي، وتقول "قارن نفسك بنسختك السابقة، لا بنسخة مُصنعة لشخص آخر على الإنترنت".
أحِط نفسك بالأشخاص الذين يرفعونك
من الصعب أن تُنمي ثقتك بنفسك إن كنت محاطاً بأشخاص يشككون في قدراتك، أو يسخرون من طموحاتك، أو يقللون من إنجازاتك، بينما وجود شبكة دعم إيجابية من الأصدقاء أو العائلة، تلعب دوراً مهماً في تعزيز احترام الذات. من هنا ينصح الخبراء الشباب باختيار من يكون بجانبهم بعناية، والابتعاد عن أي شخص يشعرك بالدونية.
استخدام قوة الحديث الذاتي الإيجابي
كثيراً ما نتحدث إلى أنفسنا بطرق لا نسمح لغيرنا أن يحدثنا بها، جمل مثل "أنا فاشل"، أو "لن أستطيع فعل ذلك"، قد تبدو عابرة، لكنها في الحقيقة تخترق اللاوعي وتغذي الشكوك الذاتية، بينما عند استبدال النقد الذاتي بكلمات الدعم، فإنك تبنين عقلية مرنة، وهذا هو جوهر الثقة.
الاعتناء بالذات
عندما يولي الشخص أهمية لروحه وجسده فإن هذا ينعكس على الثقة بالنفس، ويمكن تحقيق ذلك من خلال روتين بسيط مثل النوم الجيد، التغذية السليمة، الحركة البدنية، والاهتمام بالمظهر، فكل هذا لا يعد رفاهيات، لكن هي طريقة أثبتت جدارتها في تعزيز النظرة الذاتية الإيجابية.
مثلاً، أكدت دراسة سابقة أن الأشخاص الذين يمارسون الرياضة يشعرون بثقة أكبر، بغض النظر عن الوزن أو الشكل، ويعود ذلك إلى الشعور بالسيطرة على الجسد، والتقدير الذاتي الناتج عن الالتزام بالذات.
وضع أهداف صغيرة قابلة للتنفيذ
أحياناً نفقد الثقة بأنفسنا لأننا نضع أهدافاً ضخمة، ونشعر بالإحباط حين لا نتمكن من تحقيقها بسرعة، لكن بناء الثقة يشبه بناء العضلات، لا يحدث دفعة واحدة، من الأفضل وضع أهداف صغيرة، قابلة للقياس، والاحتفال بتحقيق كل منها، حتى أبسط الإنجازات، مثل إنهاء قراءة كتاب، أو تنظيم المهام الأسبوعية، فهذا يخلق شعوراً بالإنجاز.

عدم الخوف من الفشل
الحياة فرصة للنجاح والفشل معاً، بل الفشل قد يكون فرصة لتصحيح الأخطاء، ومن ثم النجاح لاحقاً، تشير الأبحاث إلى أن التعامل مع الفشل بوصفه تجربة تعليمية وليس دليلاً على الضعف هو أحد مفاتيح بناء الثقة بالنفس، اسمح لنفسك بالفشل بل وتعلم كيف تتفادى الأخطاء لتغير النتائج المرة القادمة.
الثقة بالنفس لا تعني الغرور
الثقة بالنفس لا تعني الغرور، ولا تتطلب الكمال، بل تتطلب فقط أن تتصالح المرأة مع نفسها، أن تتحدث إليها بلطف، وأن تسمح لنفسها بالنمو خطوة بخطوة.
في النهاية يمكن القول إن تعزيز الثقة بالنفس هي رحلة مع الذات، وهي صفة يمكن اكتسابها من خلال الوعي والتقدير وبعض الممارسات التي تنعكس على الشخصية مع الوقت.
اقرأوا أيضاً كيف تختار الهواية المناسبة التي تناسب شخصيتك؟