كثيرون أبدوا تخوفهم من القادم، ومن قدرتهم على مواكبة الغلاء الذي أفاق بعد 5 سنوات من الهدوء، وقالوا إن الارتفاع في القيمة الإيجارية مخيف جداً، خاصة على فئة ذوي الدخل المحدود، والأصعب أن يكون هذا الارتفاع بلا مبررات منطقية، فيما يشبه الفوضى في سوق العقارات، الذي رغم نموها السريع إلا أنها تفتقر للقوانين، خاصة تلك التي تنصف المستأجر.
عمر وسهى، زوجان، وموظفان، اضطرتهما الظروف للانتقال إلى الإمارات لأجل العمل، لكن الزوج عمر يعمل في أبوظبي، فيما بقيت هي وطفلاها في إمارة الشارقة، وتم ذلك بعد محاولات جادة للبحث عن مسكن مناسب لإمكانياته المادية، لكنه لم يجده، فاضطره الحال إلى الذهاب يومياً من الشارقة إلى أبوظبي في رحلة، قال إنها بعد 10 أشهر أنهكته جسدياً، وبات يدخل المنزل بعد العاشرة منهكاً، لا حول له ولا قوة، فيما تقول زوجته باكية: «بحث عن مسكن، لكن لم يجد، فالمعروض جنوني؛ 100 ألف للغرفة والصالة، حتى أن راتبه لا يسد قيمة الإيجار». صممت سهى ألا يستمر الوضع هكذا، إذ يفكر زوجها بعد انتهاء العام الدراسي أن يعيد أبناءه وزوجته إلى وطنه، ويبقى هو وحيداً.
جزارة!
قصة عماد علي، شاب وسكرتير في مدرسة، ويتقاضى راتباً مقداره 6 آلاف،، بدأت عندما تزوج وأحضر زوجته إلى شقته، وهي غرفة وصالة، وقيمتها الإيجارية في الشارقة 24 ألف درهم، حتى جاء موعد تجديد العقد ليفاجأ بزيادة مقدارها 13 ألف درهم، فكان القرار أن يختار لنفسه السكن مع أصدقائه الذين كان معهم قبل الزواج، ويعيد زوجته وهي لاتزال عروساً إلى بلده.
تزايد أجيج الشكاوى خلال ستة الأشهر الحالية من العام الجاري، فقد وجد المستأجرون أنفسهم مطالبين عند تجديد عقود الإيجار الخاصة بدفع زيادة وصلت إلى نحو 45% في دبي، وإلى نحو 35% في الشارقة وعجمان، أما أبوظبي فقد تجاوزت الـ50% ما انسحب بدوره على الإمارات المجاورة.. كأم القيوين والفجيرة..
فعندما استأجرت ختام سليم، مترجمة، بيتها في منطقة القاسمية منذ أكثر من 10 سنوات كانت قيمته الإيجارية 38 ألف درهم مع موقف سيارة، وبحسب القانون فإن أول ثلاث سنوات يكون فيها المستأجر محمياً من أي زيادة، لكن بعدها يترك نهباً لأطماع المالك، الذي يسلم المستأجر للمكاتب العقارية، تتابع قائلة: «المكاتب حدث ولا حرج، تحايل وابتزاز لحاجة قاطن العقار، وقد تسلمت منذ أسبوعين ورقة تفيد برفع قيمة الإيجار إلى 46، ما أوشك أن يصيبني بنوبة قلبية، فقررت البحث عن مسكن بديل، وفوجئت بأن أسعار الشقق في الشارقة «2 غرفة وصالة» تتجاوز حتى في الأبراج القديمة الـ50 ألف درهم»..
أسعار نار!
يعيش خالد محمد، وهو تاجر في سوق السيارات المستعملة، في الشارقة بإمارة عجمان في فيلا طابقين، قال إنه استأجرها قبل الأزمة المالية عام 2008 بقيمة 75 ألفاً سنوياً، وقام المالك بخفض إيجارها بعد الأزمة لتصبح 55 ألف، لكنه اليوم سيرفع الإيجار عليه بقيمة 10 آلاف، ليصبح 65 ألف درهم، وذكر أنه لا يستطيع أن يرفض؛ لأن المالك سيكون سعيداً.. فبخروجه لن يأجرها بأقل من 90 ألف درهم.
كانت الصالة الرياضية التي تحتل سطح البناية مجانية، في البرج الذي يسكنه سالم عبدالله بعجمان.. لكنها أصبحت باشتراك سنوي أو شهري يضاف لقيمة الإيجار.. وهنا يتساءل سالم: «من يراقب هذا الابتزاز.. وهل هو قانوني؟».
الرأي القانوني.. مطالبة بالتدخل
هناك تزايد في شكاوى المستأجرين من ارتفاع الإيجارات بشكل مبالغ فيه خلال الفترة القليلة الماضية.. أمر يشهده المحامون، مثل محمد ياسين منصور، المستشار القانوني لغرفة تجارة وصناعة أبوظبي، يتابع: «القادم أسوأ، وهذه الظاهرة ستتزايد خلال الشهور المقبلة، خاصة مع انتهاء عقود إيجار غالبية موظفي الجهات الحكومية، ولدي حالات لارتفاع كبير في إيجارات سكنية وتجارية بنسب كبيرة، منها رفع إيجار وحدة سكنية من 85 ألف درهم إلى 160 ألف درهم، وحالة بزيادة إيجار تجاري بنسبة 32%».
ملاك ومؤجرون.. نعوض خسارتنا
وجهة نظر الطرف الآخر من الملاك والمؤجرين اختلفت، وبدا لنا من لهجة بعضهم ذاك التحدي واللامبالاة بحال الآخرين، حتى أن إبراهيم علي، مالك لعقارات بعجمان، عاد بذاكرته إلى الأزمة المالية التي وقعت في عام 2008، وكبدتهم خسائر كبيرة، وتابع: «حان اليوم، موعد تعويض هذه الخسائر.. أما بالنسبة للمستأجرين فالسوق مليء، وكل شخص يبحث عما يناسبه، ونحن نفكر بمنطق تجاري بحت».
كثير من مديري العقارات يرون أن إيجاد مؤشر يقدم متوسطات إرشادية لإيجار المثل يوفر الكثير من الجهد والوقت بين المالك والمستأجر، ويقلل من النزاع بين الطرفين.
970 دعوى
بلغ عدد الدعاوى الإيجارية التي وصلت إلى لجنة فض المنازعات في دبي خلال الأشهر الثلاثة الماضية 970 دعوى، وأبرزها تمحور في مطالبة المستأجرين بضرورة إلزام الملاك بتجديد العقود دون رفع قيمة الإيجار، ثم دعاوى مطالبة الملاك بإيجار المثل أو الإخلاء.
.