تـمرُ بـنـا مواقف شـتّـى خلال رمضان وأثناء الصيام، منهـا الإيجـابي، ومنـهـا السلبـي، بعضها يستـدعي منّـا الابتسامة، والبـعـض الآخــر يجـعـل تعابـير الـوجـه تنقلب رأساً على عقب، ويسـتدعي الغضب.
المستشارة النفسية إسلام الإيباري، ترشدنا في هذا الموضوع إلى كيفية كبح لجام الغضب، لاسيما في رمضان، وكيفية التعامل السليم في تلك المواقف العصيبة التي تمر بنا، ويبـلغ فيـها مـنّـا الغضب مبلغاً، لا يمكن معه إلاّ أن تستدعي سيارة الدفاع المدني «المطافئ» لتهدئة النفس، وتذكر وصية: «اللهم إني صائم» من خلال عدة مواقف وصور حياتية نتعرض لها جميعاً، فتابعوا معنا الموضوع التالي...
الصورة الأولى: وأنت تسير بسيارتك في الطريق بكل أمان واطمئنـان؛ وإذا بأحدهم يأتي أمامك بسيارته بكل جرأة، ويهمّ بالوقوف، وتبدأ أنت بالضغط على فرامل السيارة، وتبدأ علامات الغضب ترتسم على ملامحك، عندهـا ستبدأ بإطلاق العبارات من فمك، لكن لحظة... لا تخرج هذه العبارة، وسأعطيك عبارةً غيرها، فقط تابع معي الصورة التالية.
الصورة الثانية: تسير بالسوق بصحبة أهلك أو وحدك لإنجاز مهمة؛ وإذا بك تشاهد بعض الفتيات، وقد لبسن العباءات الضيقة، ووضعن العطور التي تصل رائحتها لبعض الكيلومترات، وفي الجانب الآخر هناك شباب يتسكعون في الأسواق ويعاكسون البنات، ويسعون لاصطياد الفتيات بكل وسيلة ممكنة، لاشك أن مثل هذا الموقف سيغضبك، وستبدأ بإطلاق العبارات من فمك، لكن لحظة... لا تخرج هذه العبارة وسأعطيك عبارةً غيرها، فقط تابع معي الصورة التالية.
الصورة الثالثة: تقف عند إحدى الإشارات، وتأتي سيارة بجانبك وبها مجموعة من الشباب وصوت الموسيقى خارج إلى أسوار المدينة ليس فقط من السيارة، وربما يتمايل الشباب يميناً ويساراً مع هذه الأنغام، عندها ستبدأ بإطلاق العبارات من فمك، لكن لحظة... لا تخرج هذه العبارة وسأعطيك عبارةً غيرها، فقط تابع معي الصورة التالية.
الصورة الرابعة: في صالات الانتظار سواءً كنت في مصرف، أو مطار، أو غيرهما من الصالات، ولن أقول صالة الأسهم، وقد يجلس بجانبك من يُدخن بشراهة، وينفث هذه السموم تجاهك، مما يضرك، عندها ستنزعج، وستبدأ بإطلاق العبارات من فمك، لكن لحظة... لا تخرج هذه العبارة وسأعطيك عبارةً غيرها، فقط تابع معي الصورة التالية.
الصورة الخامسة: في المسجد، وأنت في الصف الأول خلف الإمام، تستمع للآيات بكل خشوع لله تعالى؛ وإذا بصوت يُـعـكّـر صفو هذا الخشوع، ألا وهو صوت نغمات الجوّال الذي لم يغلقه صاحبه، وينطلق جوّال آخر وآخر، وكأنك عند إشارة أضاءت اللون الأخضر للسير، عندها ستنزعج، وتنتظر أن تنتهي من الصلاة؛ لتبدأ بإطلاق العبارات من فمك، لكن لحظة.. لا تخرج هذه العبارة وسأعطيك عبارةً غيرها.
تنصح الإيباري كل من يمر بهذه المواقف قائلة: «يا من ستُخرج كلمات السب والشتم والدعاء على كل من أغضبك، تعال معي واستبدل عبارة الغضب ودعاءك عليهم بعبارة أخرى لطالما أنها ستـخرج من فـمـك، فاجعلها دعوةً لهم بدلاً من أن تكون دعوةً عليهم، واسأل الله لهم الهدى والسداد؛ ناصحاً إياهم بالحسنى وبالحكمة والموعظة الحسنة»، مضيفة: «لماذا يتفنن البعض بالسباب والشتائم، ولا يتفنن بالدعاء بالخيّر والكلام؟ قد يكون هذا الأمر صعباً نوعاً ما على الكثير من الناس، ولكن يجب ألا ننسى قول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَإِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، مَنْ يَتَحَرَّى الْخَيْرَ يُعْطَهُ، وَمَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ»، حيث أخبر أن الحلم يأتي بالتحلم واعتياد النفس على ذلك، ومما يعين على ترك هذه الخصلة تعويد الإنسان نفسه على كظم غيظه، وعلى عدم الاستجابة لدافع الغضب، وليس من ضرر على الإنسان أن يغضب، بل الضرر أن يستجيب لدافع الغضب، حيث قال، صلى الله عليه وسلم: «الصُّرَعَةُ كُلُّ الصُّرَعَةِ، الصُّرَعَةُ كُلُّ الصُّرَعَةِ، الرَّجُلُ يَغْضَب فَيَشْتَدُّ غَضَبهُ، وَيَحْمَرُّ وَجْهُهُ، وَيَقْشَعِرُّ شَعَرُهُ، فَيَصْرَعُهُ غَضَبهُ».
كما أن هناك بعض النصائح التي يمكن للصائم اتباعها فور تعرضه لما يثيره، وهي: «أن يغمض عينيه لمدة دقيقة، يأخذ خلالها نفساً عميقاً، ثم يخرجه ببطء، وكأنه يخرج معه كل ما يستفزه ويغيظه، ويبدأ في الاستغفار وترديد وصية الرسول، صلوات الله وسلامه عليه: «اللهم إني صائم»، وحبذا لو غيّر وضعيته وصرف نفسه عن الموقف، بأن يستدعي في مخيلته صور الصابرين، وهم ينعمون في الجنة جزاء بما صبروا وغفروا ورحموا، ويفكر في عظم ثواب الصيام الذي قد يضيع هباء منثوراً؛ إذا ترك لنفسه العنان في الغضب، والسب، والقذف، والضرب».