سلسلة من المعاناة عاشها سعيد صالح؛ الفنان الذي أضحكنا، ومات باكياً. وقد كانت معاناته على كافة المستويات الشخصيّة والصحيّة والفنيّة والعائلية. تحمّل سعيد صالح أوجاعاً انتهت برحيله إلى مثواه الأخير، وهي ممّا قد لا يتحمّله الكثيرون، خصوصاً أولئك الذين تذوّقوا طعم النجومية وطعم التفاف الناس حولهم. فهو كان في عنفوان نجوميّته، التي ذبلت مع الزمن، مثلما ذبل معها جسده، الذي بات نحيلاً وغير قادر على الاستمرار في العناد والمقاومة.
بدأ سعيد صالح تواجده في الساحة الفنية خطوة خطوة، إلى أن وصل إلى النجومية. وقد بدأ بأدوار ثانويّة في عدد من الأفلام والعروض المسرحية، ليلتحق بمدرسة النجوميّة في عرضه المسرحيّ "مدرسة المشاغبين"، حيث لفت الأنظار بخفّة ظلّه. ثمّ تواجد في مسرحية "العيال كبرت" مع أحمد ذكي ويونس شلبي. وسينمائياً، حقق صالح نجاحاً كبيراً مع عادل إمام في فيلم "سلام يا صاحبي"، وهو أشهر أعماله، وفي فيلم "على باب الوزير" وغيرهما من أعمال.
مرّ سعيد صالح بتجربة السجن مرتين، أولاهما في عام 1983 بسبب خروجه على النصّ في عرضه المسرحي الشهير"كعبلون"، بقصد إسقاط سياسي، فقال:" أمي أتجوزت 3 مرات... الأوّل وكلنا المش، والتاني علمنا الغش، والتالت لا بيهش ولا بينش"، قاصداً بذلك رؤساء الجمهورية الثلاثة الذين تناوبوا على حكم مصر، فحكم عليه بالسجن ستة أشهر؛ وثانيتهما في منتصف التسعينات، حين قُبض عليه بسبب تعاطيه مخدّر الحشيش. وقد تغيّر سعيد صالح أثناء تواجده في السجن، فأصبح شخصاً مختلفاً. وقال في تصريح سابق له إنّه كان مستهتراً، لا يُصلّي ولا يحفظ أيّاً من آيات القرآن. لكن وجوده في السجن جعله يحفظ عدداً كبيراً للغاية من السور القرآنية، وأصبح يُصلّي فروض الصلاة في مواعيدها.
المعاناة الأشدّ مرارة كانت لدى سعيد صالح أسريّة، حيث كان الفنان المصري قد تزوّج من والدة ابنته الوحيدة هند، وانفصل عنها في أواخر التسعينات، بعد اختلافات عديدة نشبت بينهما. ولكنّ سعيد ظلّ بعد الانفصال وحيداً لما يقرب من عشر سنين، حتى أعلن زواجه من مطربة غير معروفة، اسمها شيماء فرغلي، وهي في أوائل الثلاثينيات من عمرها، فكانت تصغره بما يزيد عن الأربعين عاماً.
ولم يكن هناك أيّ اتفاق بين هند وزوجة أبيها، ولطالما اتهمتها هند بأنها تمنعها من زيارة والدها. وكانت اتهامات برغم قسوتها ضعيفة، لم يلتفت إليها الوسط الفني كثيراً، كما أنّ سعيداً نفسه، في بعض لقاءاته، كان ينفيها، برغم يقيننا بأنّها كانت صحيحة، وإن كان لا يُريد أن يقتحم أيّ شخص خصوصيّة بيته. وقد ظهرت هذه الخلافات مجدّداً بعد حادث حريق شقّة الفنان الراحل، منذ أشهر قليلة، حيث تصارعت زوجته وابنته على القنوات الفضائية، إذ قالت زوجته إنّ زوجها يبحث عن العلاج على نفقة الدولة وإن نقابة الممثلين لا تلتفت إلى زوجها، فيما قالت ابنته هند إنّ والدها يُعاني من مرضي الألزهايمر والقلب، وإنّ زوجته تتسوّل عليه وتستغلّه أسوأ استغلال، وتعامل أباها معاملة سيّئة للدرجة التي كانت ترفض فيها أن يخضع للفحوصات الطبية.
بدوره، حاول سعيد كثيراً حلّ الخلافات، ولكنه كان متهالكاً، ولا يتحمّل خلافات امرأتين. لكنّه كان يُردّد دائماً أنّه يحبّ زوجته بشكل كبير، وأنها هي التي تحملته في مرضه وساندته.
آخر أنواع المعاناة التي عاشها سعيد هي تجاهل الوسط الفني له، إذ لم يكن أحدٌ يزوره ويحنو عليه، إلا نادية لطفي، التي آزرته وأعطت له سريرها لينام عليه، بعد حادث الحريق. وقد غاب صديق عمره عادل إمام عن مؤازرته، وهو الذي يمتلك من القصور والأموال الكثير. وقد زاد الأمر سوءاً حينما أعطى الزعيم زميلَ مدرسة المشاغبين دوراً هامشياً في فيلم "زهايمر" ليُجسّد شخصيّة رجل في مستشفى الأمراض العقلية؛ وكان مشهد تبوّله اللاإرادي قاسياً على جمهور سعيد صالح، إذ كيف يرضى الزعيم بدور كهذا لصديق عمره.
ولم يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ، إذ لم يحضر الزعيم جنازة سعيد صالح، مثله مثل بقية الفنانين، إلا ثلاثة منهم هم: منير مكرم وعهدي صادق وسامح الصريطي.
ومنذ أيّام، دخل سعيد في غيبوبة، ولم يستفق منها إلا لدقائق، قبل أن يعود إليها، ثمّ ليرحل تاركاً معاناته وأفلامه ومسرحياته...وداعاً سعيد صالح.
ابعوا أيضاً:
أخبار المشاهير على مواقع التواصل الإجتماعي عبر صفحة مشاهير أونلاين
ولمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا أنستغرام سيدتي
ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر تويتر "سيدتي فن"