نجاة فالو بلقاسم نموذج نجاح للنساء العربيات المهاجرات في فرنسا، فقد تم تعيينها في الحكومة الفرنسية الجديدة التي تشكلت أواخر شهر أغسطس2014 وزيرة للتربية والتعليم العالي والبحث، بعد أن تولت في الحكومة السابقة وزارة الشباب والرياضة مع القيام بمهام الناطقة الرسمية باسم الحكومة. وقد أثار تعيينها وزيرة للتعليم ضجة في مختلف الأوساط الفرنسية؛ إذ إنه لأول مرة يتم تعيين امرأة وزيرة للتعليم في فرنسا، والمؤكد أن الكثيرين من الساسة، وحتى من عامّة الفرنسيين استكثروا على نجاة هذا المنصب الحكومي الهام لأسباب عديدة ومختلفة، وانتقدوا اختيارها؛ لتشرف وتدير إحدى أهم الوزارات.
مغربية الأصل
إن نجاة بلقاسم التي تظهر دائماً وهي مبتسمة لم تتجاوز السادسة والثلاثين من العمر، وهي من أصل عربي، وتحمل الجنسيتين الفرنسية والمغربية، فقد ولدت في بلدة «بني شكير» بإقليم «الناظور» بشمال المغرب، وغادرت عام 1982 إلى فرنسا وهي طفلة في الخامسة مع أمها للالتحاق بأبيها الذي كان يشتغل عامل بناء في مدينة ليون وسط فرنسا، ونجاة وهي أمازيغية لها ستة أشقاء ذكوراً وإناثاً، وهي في الأصل من عائلة فقيرة، وكانت وهي في الخامسة من العمر ترعى الماعز مع جدها.
دراستها وزواجها
كانت طالبة مجتهدة، وكان الطموح يغذيها؛ لترتقي بتعليمها اجتماعياً وفكرياً، ولم تكن ترضى لنفسها بأن تصبح عاملة في مصنع أو ربة بيت مثل والدتها؛ لذلك تمسكت بدراستها، وتابعت تعليمها العالي في اختصاص «الحقوق» والعلوم السياسية، وبعد أن حصلت على الجنسية الفرنسية عندما بلغت الثامنة عشرة من عمرها بدأت تخطط لمستقبلها المهني، وبدأت تجربتها المهنية بالعمل في بلدية مدينة «ليون»، التي تعد إحدى أكبر وأهم المدن الفرنسية، ثم عام 2003 تم انتخابها عضوة بالمجلس البلدي للمدينة، بعد أن انضمت إلى الحزب الاشتراكي الفرنسي، وأصبحت تنشط في صفوفه.
وهي تقول إنها «مسلمة بالوراثة»، وقد تزوجت من فرنسي، هو بوريس فالو (38 عاماً)، ينتمي هو الآخر إلى الحزب الاشتراكي، ويعمل حالياً مدير مكتب أحد الوزراء، وأنجبت منه توأمين، هما لوي ونور، وقد تعارفا منذ عشرة أعوام في مكتبة الكلية التي كانا يدرسان بها معاً، وتزوجا عام 2005
الوجه الجديد لفرنسا
تعرفت نجاة بلقاسم إلى سيغولين روايال (زوجة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند السابقة) واقتربت منها، وعملت معها، وعندما خاضت روايال حملتها للانتخابات الرئاسية اختارتها ناطقة باسمها، وقد أظهرت نجاة حيوية في عملها وقدرة على جمع الأنصار وإقناعهم، وبرزت كوجه جديد في المشهد السياسي الفرنسي. وبعد أن خسرت سيغولين روايال الانتخابات أمام نيكولا ساركوزي واصلت نجاة النشاط السياسي في صفوف الحزب الاشتراكي، وعند ترشح فرانسوا هولاند للرئاسة منذ عامين ونصف العام انضمت إلى فريق حملته الانتخابية، وكانت ناطقة باسمه، وبعد فوزه عينها وزيرة، وكانت أصغر عضو في الحكومة الفرنسية سناً؛ حتى إن جريدة «الغارديان» البريطانية أطلقت عليها لقب «الوجه الجديد لفرنسا»، فهي تمثل فعلاً جيلاً جديداً من الشباب.
المرأة الأكثر جاذبية
ولأنها امرأة أنيقة وجميلة، فقد تم اختيارها من مجلة شهيرة «المرأة الأكثر جاذبية في فرنسا»، كما أن عمليات سبر الآراء أكدت أكثر من مرة شعبيتها، وتبين أنها من أكثر النساء العاملات في المجال السياسي في فرنسا شعبية، وقد تصدرت القائمة أكثر من مرّة، وإذا كان أحد المعلقين ذهب إلى القول بأن جمالها هو سر شعبيتها فإن هناك آخرين كثراً يقولون إن الفرنسيين يحبونها لذكائها وتلقائيتها وصدقها، فهي مدافعة شرسة عن حقوق المرأة وعن الفقراء والمهمشين والمحرومين ومساندة لهم.
حملة عنصرية
واليوم، وهي تتربع على عرش إحدى أهم الوزارات الفرنسية، لم تسلم من حملة ضدها قادها البعض ممن ينتمون إلى أحزاب اليمين واليمين المتطرف، والذين يعارضون تولي شخصيات سياسية من أصول عربية أو غيرها مناصب هامة في الحكومة، كما أن الكثيرين –حتى من عائلتها السياسية- استكثروا عليها هذا المنصب، والبعض منهم شكك في كفاءتها في إدارة وتسيير وزارة التربية والتعليم العالي والبحث.
وكانت رشيدة داتي التي عينها الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي وزيرة للعدل تعرضت هي أيضاً منذ سنوات لحملة شرسة مماثلة، وربما أكثر حدّة من بعض الأصوات طالت؛ حتى حياتها الشخصية، وذهب البعض إلى حد اتهامها بأنها امرأة انتهازية، وأنها كانت عشيقة ساركوزي.
المغربية نجاة بلقاسم كيف أصبحت وزيرة فرنسية؟
- قصص ملهمة
- سيدتي - الطيّب فراد
- 06 سبتمبر 2014