أمراض نقص المناعة، سواء المكتسبة أو تلك التي تولد مع الإنسان، هي عبارة عن خلل في جهاز المناعة يؤدّي إلى التهابات متكرّرة أو غير عادية، منها جراثيم تسبّب عادةً التهابات عند الاشخاص الأصحاء أو التهابات تحتاج من المصاب تناول كميّة كبيرة من المضادات الحيوية أو فترة علاج مطوّلة لشفائها، وغالباً ما يتمّ الخلط بين هذه الأمراض والحساسية.
وأمراض نقص المناعة متعدّدة، منها البسيط نسبياً والذي يمكن للمرء أن يتعايش معه إذا عولج بطريقة صحيحة، ومنها الخطر للغاية الذي قد يكون مميتاً. وتشير الإحصائيات إلى أن هناك شخصاً من بين ألفي شخص أو بين عشرة آلاف (حسب العيّنة) يصاب بفقدان المناعة.
للتوسّع أكثر في موضوع نقص المناعة والحساسية، «سيدتي» حاورت الإختصاصية في أمراض الحساسية ونقص المناعة في جامعة هارفارد والبروفسور المساعدة في قسم طب الأطفال في كلية الطب في جامعة هارفارد الدكتورة ريما رشيد.
ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بمشكلات المناعة؟ وما هي أبرز الأعراض التي تستدعي اللجوء إلى الإختصاصي؟
تتمّ الإصابة بفقدان المناعة عند حصول خلل ما يولد مع الطفل، وفي بعض الأحيان لا يظهر بعد الولادة مباشرة بل يمكن أن يتمّ ذلك في عمر لاحق، وقد يعاني من المرض أفراد عدّة ضمن العائلة الواحدة.
وتتمثّل أبرز الأعراض التي تستدعي اللجوء إلى الإختصاصي، في: تكرّر الإلتهابات الجرثومية في الجيوب الأنفية، على سبيل المثال، لأكثر من مرّتين في السنة أو التهابات الأذن لأكثر من 8 مرّات في السنة أو التهابات الرئتين لأكثر من مرّتين سنوياً أو التهابات الجهاز الهضمي أو عند الإصابة بنوع من الإلتهابات الجرثومية غير العادية التي لا تصيب الأشخاص عموماً، أو حصول التهابات تحتاج الى فترة علاج طويلة بالمضادات الحيوية.
وتجدر الإشارة إلى أنّه أحياناً يعاني بعض المرضى من مشكلات تحوّل المناعة ضد الذات، بما معناه أن جهاز المناعة يهاجم أعضاء الجسم كالغدد الدرقية والكرويات الحمراء وصفائح الدم وغيرها. في بعض الحالات، يكون لدى مريض فقدان المناعة استعداد لأن يعاني من الأمراض السرطانية.
هل من خصوصيّة للمرض لدى الأولاد؟
في غالبية أمراض المناعة، تبدأ بعض الأعراض السابق ذكرها قبل بلوغ سن الرشد، ولعلّ أكثر ما يجب الإنتباه إليه هو إصابة الطفل الذي يظهر هذه الأعراض خلال الأشهر الأولى من عمره، لأنه قد يعاني لاحقاً من أمراض نقص المناعة الحادة، وهي حالة طارئة تستدعي استشارة فورية من الطبيب المتخصّص. ويشكّل عدم علاج هذه الحالة خطراً على حياة الطفل، علماً أن العلاج يتمثّل في زرع النخاع الشوكي أو زرع خلايا المنشأ، إلا أن هذه الأمراض لا تعدو كونها نادرة.
ومن الممكن أن يعاني الأولاد المصابون بالإلتهابات المتكررة من مشكلات في النمو الجسدي. ولدى 25% من الحالات، تزول هذه الحالة مع الوقت لأنّها قد تكون نتيجة عدم نضوج مؤقت في جهاز المناعة.
المضادات الحيوية
ما هي الوسائل العلاجية التي يجب اتباعها؟
من بين الوسائل الوقائية، محاولة تفادي التعرض للجراثيم، والابتعاد المؤقت عن الاشخاص الذين يعانون منها. أمّا من ناحية العلاج فيتم استعمال المضادات الحيوية عند حصول التهابات. وقد يختار الطبيب، عند الحاجة، إعطاء المريض جرعة واحدة من المضادات الحيوية يومياً لفترة طويلة. وفي بعض حالات أمراض المناعة، يعالج المريض بالمضادات الحيوية والمصل المكثّف من المضادات الحيوية ذاتية الصنع في الجسم التي يتمّ تناولها بمعدل مرّة كلّ ثلاثة أسابيع.
وتتضمن وسائل العلاج: الزرع في النخاع الشوكي والعلاج بخلايا المنشأ وعلاج أمراض المناعة والسرطان.
هل الاكتشاف المبكر لمشكلات المناعة وعلاجها يحميان من السرطان؟
ليس ثمة إثباتات علمية على ذلك، إلا أن أمراض السرطان تصيب بعض الفئات المعينة من المصابين بأمراض نقص المناعة.
أعراض متشابهة
هل من أمراض تتشابه في أعراضها مع نقص المناعة؟
أحياناً، يحضر المريض الى العيادة بسبب أعراض (افرازات الأنف الكثيفة والمتكررة والسعال...) قد يعتقد انها متعلقة بنقص المناعة والتهابات جرثومية متكرّرة، إلا أن الواقع يكون غير ذلك ويوحي بإصابته بالحساسيّة وليس الالتهابات الجرثومية.
ماذا عن الربو عند الأطفال؟ وما هي أبرز علاجاته الحديثة؟
يعاني من 5% إلى 10% من الأطفال من الربو. ونظراً إلى أنّه من الممكن أن تقتصر الأعراض على السعال، يتأخر تشخيص المرض، علماً أن من أعراضه الأخرى الصفير والضيق في التنفس. وأسباب الربو متعدّدة، منها الحساسية على الغبار أو القطط أو الكلاب أو رحيق الأشجار وبعض انواع الفطريات... ولعلّ أبرز ما يؤدي الى إصابة الأطفال بالربو هو بعض الالتهابات الجرثومية. وأحياناً، قد تفسّر الأعراض، عن طريق الخطأ، على أنها التهاب في الشعب الصدرية (نومونيا).
وقد يكون السعال ليلاً أو الذي يزداد أثناء النوم مؤشّراً على الإصابة بالربو، كما أنّه من الممكن أن تسبّب الرياضة الربو للأطفال.
وتكثر العلاجات الحديثة، بعضها يستخدم لدى حدوث العارض وهو عبارة عن علاج فوري كبخّاخات «البيتيرول». وفي هذا الاطار، من الضروري استعمال قسطرة خاصّة توضع بين البخاخ والفم، وذلك ليتنشق المريض الدواء بالطريقة الأفضل له. أمّا عند ضرورة علاج الربو بشكل دائم ويومي بسبب تكرار الأعراض، فإن هناك علاجات متمثّلة في مشتقات «الكورتيزون» التي تستعمل على شكل بخّاخات أو حبوب مضادة لـ «لوكوترايين» وهي تخفف من الالتهابات التي تسبّب الربو. ومن المفيد، في بعض الاحيان وبناءً على استشارة الطبيب، تناول بخّاخات الكورتيزون والحبوب سوياً. وتجدر الإشارة إلى أن البخّاخات المشتقة من الكورتيزون (الستيرويد) تحتوي على كمية من «الستيرويد» قليلة نسبياً بالمقارنة مع حبوب «الكورتيزون» الفموية التي يتناولها المصاب خلال أزمة الربو. ولذا، ان استعمال هذه البخاخات قد يساعد المريض بشكل جدّي على التخفيف من الأعراض أو القضاء عليها نهائياً في بعض الاحيان، وبالتالي التخفيف من ضرورة استعمال حبوب «الكورتيزون».
هل من فحوص متطورة لاكتشاف الإصابة بالحساسية؟
يعتمد في الأساس على التجربة الذاتية لكل مريض، فضلاً عن بعض الفحوص، من بينها فحص الجلد حيث نضع أحد مستخرجات المواد التي تؤدي الى التحسّس والتي ذكرناها سابقاً على الجلد لفترة 15 دقيقة وننتظر تفاعله مع هذه المواد. وفي حال ملاحظة احمرار وتورّم الجلد البسيط فهذا دليل على التحسّس على مادة ما، إلا أن هذه الأعراض لا تدوم سوى لبضع ساعات. وأحياناً، نجري للمريض فحصاً للدم، إذا لم نتمكّن من اجراء فحص الجلد لأسباب عدّة، منها: سنّ الطفل (لا يتجاوز ستة أشهر أو سنة) أو لدى تناول المريض لبعض أنواع الأدوية المضادة للحساسية أو في حال عدم توافر الفحص عند الطبيب.