ابنتي ووسواس النظافة!
ابنتي في التاسعة من عمرها، هادئة، ومتفوقة علميًّا، لكني لاحظت عليها نظافتها الزائدة، وخوفها من أي شيء يقع على يديها، حتى إنها ترفض أن أمسك بيدها، ولو وضعت كفي بكفها عند عبورنا الطريق تسحب يدها بسرعة، حاولت جاهدة أنا ووالدها أن نجعلها تترك تلك العادة، حتى بدأت تتلاشى مع الوقت، كما أنها موسوسة في عدد الركعات التي تصليها، فأصبحت تصلي مثلاً لصلاة الظهر ما يقارب ساعة كاملة، بحجة أنّ الشيطان خرب عليها صلاتها، كما أصبحت تتوضأ أكثر من مرة، ولا تنام ليلاً قبل أن تسألني ووالدها: هل أنتما راضيان عني؟ فأشفق عليها وأبكي على حالها، أرجو إفادتي فأنا خائفة عليها.
(أم فاتن)
أختي السائلة الحمد لله أنك متفهمة لحالتها وتطلبين النصيحة، فلا تقلقي، فما تعانيه ابنتك واضح ولا شك فيه، إنه وسواس قهري، يصيب الأطفال كما يصيب الكبار، ولعل ما أقلقكِ هو ظنكِ أنّ بعض الاضطرابات لا تحدث للصغار، ومن خلال عرضكِ لوسواسها، يتضح لنا مدى شدة درجته، والمدة الزمنية للأعراض تدل على تفاقمه، إضافة إلى القلق والخوف اللذين يشغلانها عليكما أثناء خروجكما، وعلى استغراقها في الصلاة وإعادتها، وغير ذلك من آثار ربما تكون لها سلبياتها في تحصيلها الدراسي، وعلاقاتها مع زميلاتها وأقربائها، علمًا بأنه ليس من المفيد مناقشتها في أفكارها أو طقوس وساوسها، بل قد يؤدي هذا التصرف إلى إصابة نفسية طفلتكِ بالقلق، فلا تستطيع التخلص منه أو التحكم فيه.
تفهمكِ لما تعانيه وحجزها عند الطبيب، هو الخطوة الصحيحة لتحسين حالتها، ولا تخجلي من سؤال الطبيب عن أي أمر يشغلكِ، وبالنسبة للدواء فأطمئنكِ بأنه آمن ولا يُحدث إدمانًا، وتأكدي أنّ الدواء سيخفف الكثير من توترها، واحرصي على أن تُحال إلى اختصاصية تتابع معها جلسات نفسية، وحين تجدين أنّ طفلتكِ غير مرتاحة مع الإخصائية، أو لم تلحظي تغييرًا، فلا تترددي في طلب غيرها.
إرهاق بلا سبب!
أشعر بأني مرهقة، على الرغم من أنني أنام في وقت مبكر، وعند الاستيقاظ من النوم أشعر بزيادة في نبضات قلبي، كما أتعب من أي مجهود أبذله، ودائمًا أشعر بالنعاس، فهل هناك سبب نفسي لمشكلتي؟
(زهرة البنفسج)
أختي السائلة لن تخسري شيئًا حين يُجرى لك تحليل بسيط للدم، فربما يكون لديك فقر في الدم، لأنّ نقص الهيموغلوبين يحدث إرهاقًا وإجهادًا وأعراضًا أخرى، والكشف الصحي العام على صحتكِ أول خطوة، كي يستبعد الطبيب أي دور لعامل عضوي، ولتطمئني إلى حالة ضربات قلبكِ، ربما كان إجهادك عائدًا إلى نوعية غذائكِ، وحاجتكِ لممارسة الرياضة.
بعد كل هذه الإجراءات، سيكون من السهل تفسير إرهاقكِ وإجهادكِ بالرجوع إلى حالتكِ النفسية، في إطار الظروف التي تعيشينها، والبعض يُسمي ما ذكرتِ بالإرهاق النفسي، نتيجة لما يتعرض له الشخص من ضغوط أو مواقف محبطة، وأعباء تتراكم، أو نتيجة للمرور بأزمة أو ظرف طارئ، يؤثر في نفسيتنا وعطائنا، فينعكس على صحتنا في شكل أعراض جسدية، نشعر بها من دون سبب ظاهر وواضح، ولو بينت كل هذه الفحوص الطبية والنفسية سلامتكِ، حينها يكون إرهاقكِ عائدًا إلى عقلكِ، وما يحمله من أفكار تجاه حياتكِ، وليس عائدًا لعضلات جسدكِ التي تشعرين بأنها متعبة.
هل الغثيان..
حالة نفسية؟
سيدتي أنا متزوجة وعمري 23 سنة، منذ طفولتي وأنا أعاني من خوف مرضي من أي شيء يتعلق بالغثيان والقيء، حتى مجرد سماعي أو قراءتي عن حالة مماثلة يشعرني بالتوتر، ناهيك عن رؤية شخص يتقيأ، يدفعني إلى الهروب من المكان، أما أعراض الغثيان لديّ فلا تقتصر على الخوف والتوتر، بل إن جسمي يرتجف وتزداد ضربات قلبي، فأبكي وأرتعد، وربما أبالغ لو قلت إنني أتمنى الموت لحظة أن أتقيأ.
المشكلة الأكبر أنني أرفض الحمل، وأشعر بعدم الثقة، مع أني جميلة وجامعية ولا ينقصني شيء، ذهبت إلى إخصائية في العلاج السلوكي، وتحسنت حالتي نوعًا ما، لكنها نصحتني باستخدام أدوية، بحجة أنّ العلاج السلوكي وحده لن ينفعني، وبالفعل وصفت لي بعض الأدوية، ولم أستخدمها لأنّ من أعراضها الجانبية الغثيان والقيء.. فما الحل برأيكم؟
وردة البراري
أختي السائلة استبصاركِ بخوفكِ من التقيؤ، ورهابكِ الاجتماعي ومراجعتكِ للعيادة، نصف الطريق إلى الشفاء -إن شاء الله– لكن مفاهيمكِ وأفكاركِ غير الصحيحة عن الدواء والعلاج النفسي تجعلكِ في حيرة، وتمنعك عن البدء في العلاج، وتتحمل الطبيبة والطبيب مسؤولية عدم تبديد مخاوفكِ وترددكِ في أخذ الدواء، وتحفيزك على الاستمرار في برنامج العلاج المعرفي السلوكي، إنّ خوفكِ من التقيؤ يندرج تحت «رهاب المرض»، وكلا الخوفين؛ الخوف من التقيؤ والرهاب الاجتماعي، هما في الأصل لا يخيفان معظم الناس، لكنهما نوع من القلق أزيح من موضوعه، وارتبط بموضوع خارجي بعمليات لا شعورية تحويلية، فراجعي عيادة أخرى، ولدى طبيب ومختصة نفسية، فأنتِ تحتاجين إلى تزامن الدواء والجلسات النفسية، والدواء لا يحدث الإدمان، وبعض أعراضه وإن كانت تحدث التقيؤ، فليست بالتصور الذي قرأتِ عنه، كما أن الآثار الجانبية لأي دواء تختفي بعد أيام، أما لو ظلت المخاوف موجودة لديكِ، فإنّ تأجيل العلاج سيعيق حياتكِ ويؤجل إنجابكِ للأطفال، والخلاصة أنك تحتاجين فعلاً للمساعدة داخل العيادة.