الدورة الشهرية هي سيلان شهري منتظم للدم، تعود إلى تجدّد بطانة داخل الرحم نتيجة تغيّرات هرمونية في نهاية الفصل، ما يخفّض هرموني «الاستروجين» و«البروجستيرون». وهي تحصل بعد 14 يوماً من الإباضة، وقد تمتدّ إلى أقل أو أكثر من ذلك حسب التنوّع الطبيعي، وأحياناً قد تكون بسبب تغييرات ذات طبيعة مرضية. ولكن، تعاني النساء في بعض الأحيان من خلل جرّاء هذه الدورة أو بعض الآلام والمشكلات التي يحدّثنا عنها الدكتور الياس الحجل.
يختلف حجم الدورة الشهرية ومدّتها من امرأة إلى أخرى، ولكن بمعدّل 5 إلى 25 ملليلتراً ومن يومين إلى ستة أيام، وتمتدّ إلى فترة 28 نهاراً.
وخلال فترة الحمل، ينمو جسم أصفر على المبيض الذي خرجت منه البويضة فيفرز هرمونات بدرجة عالية، فيتلقّى غشاء الرحم نوعاً من التحفيز الهرموني يساعده على تكوين الجنين.
متى تحصل الدورة الشهرية للمرّة الأولى؟
تبدأ الدورة الشهرية مع المحطّة الأخيرة في مرحلة البلوغ أي ما بعد بداية ظهور الثدي وشعر العانة وتحت الإبطين، علماً أن المعدّل العام لظهورها يكون بعمر الثالثة عشرة سنة. وتظهر هذه الدورة في وقت لم يكتمل فيه النضج الفيزيولوجي والمراقبة الهورمونية، ولهذا السبب تكون دون بويضة. من هنا، يحصل نوع من الخلل في موعدها الشهري، ومن الممكن أن يحصل هذا الأمر لمدّة سنتين.
4 مراحل منفصلة
ما هي أهمية هذه الدورة؟
- إن الدم الذي تنزفه المرأة في الدورة الشهرية والناتج عن تجدّد بطانة الرحم بشكل دوري، ينتج في الأصل، عن تغييرات هرمونية. وتقسم هذه الدورة إلى مراحل أربع منفصلة، هي:
> المرحلة الأولى هي مرحلة التكييس، أي إنتاج الحويصلات والتحضير للإباضة. وخلالها، تزيد كمية هرمون «الأستروجين»، ما يزيد من سماكة بطانة الرحم وعدد الشرايين. وفي هذه الفترة، تتكوّن الحويصلات الحاملة للبويضات التي تنضج داخل الرحم.
> المرحلة الثانية هي مرحلة الإباضة التي تتطوّر وتنتقل من مكانها نحو الرحم، الذي يصبح جاهزاً لاستقبالها. هنا، يخفّ هرمون «الاستروجين» داخل رحم المرأة.
> المرحلة الثالثة: يتطوّر خلالها الجسم الأصفر الذي يفرز كميةً كبيرةً من هرمونات «البروجستيرون»، ويلعب دور تحضير الرحم لاستقبال البويضة وتمتين البطانة والتحضير لانغراس البويضة الملقّحة للحمل.
> المرحلة الرابعة هي مرحلة الحيض، فينخفض «الاستروجين» و«البروجستيرون» في الدم نتيجة غياب الحمل، ما يؤدّي إلى انسلاخ أو قحط للبطانة داخل الرحم وخروجها على شكل حيض.
في أية فترة من الزمن، نحدّد الدورة الشهرية بحسب جهوزية المبيض؟
يشكّل اليوم الأول من الفصل، اليوم الأول للدورة الشهرية، ومهما كانت الفترة الزمنية بين العادتين غالباً ما تحصل خلال اليوم الرابع عشر بعد الإباضة. والدورة الشهرية تتغيّر حسب كل امرأة وتتراوح عموماً بين 20 و40 يوماً. وبعدها، لا بدّ من المتابعة مع الطبيب لتجنّب المشكلات.
مشكلات...
ما هي أبرز مشكلات الدورة الشهرية؟
تتمثّل المشكلة الأولى في غياب هذه الدورة لسبب طبيعي أو حالة مرضية. ولكن في الحالتين، يجدر بالمرأة أن تتوقّف عند هذه النقطة وتستشير الطبيب وتخضع للفحوص اللازمة. وإذا كانت ضمن علاقة زوجية وتستعدّ لفترة الحمل، يجب أن تنتبه إلى ذلك. أما إذا كان عمرها يتجاوز 45 أو 50 سنةً، فيكون غياب العادة الشهرية عنوان المرحلة الجديدة أي انقطاع الحيض. وأحياناً، ينتج هذا الإنقطاع عن بعض العلاجات التي تتناولها بعض السيدات، وهي عبارة عن حبوب أساسها «الأستروجين» تخفّف من سماكة الرحم، ويمكن أن ينتج من زرع لولب مانع للحمل، إذ تتعرّض امرأة بين كل ثلاثة نساء في هذه الحالة إلى هذه المشكلة.
ومن الأسباب المسؤولة عن انقطاع الحيض: علاجات الأمراض العصبية، العلاج الكيميائي، غياب الإباضة لأسباب عضوية ومن الممكن أن تكون آنية أو دائمة بسبب أورام في غدّة ما تحت المهاد البصري (ليبوفيز)، أو أمراض عضوية خطرة، «الأنوركسيا» والصدمات النفسية. ومن الممكن أيضاً أن تنتج هذه المشكلة عن عدم كفاية الغشاء الرحمي بسبب انفصال طبقة معيّنة من السماكة عن الرحم. وفي هذه الحالة، لا بدّ من الجراحة للتوصّل إلى العلاج. وثمة حالة ثانية تتمثّل في ضيق عصب العنق نتيجة خلل في عنق الرحم، ما يؤدّي إلى انقطاع في العادة الشهرية داخل الرحم، وبالتالي إلى آلام خلال الدورة الشهرية. وهنا أيضاً يمرّ العلاج عبر الجراحة.
ماذا عن الآلام التي تصيب النساء أثناء الدورة الشهرية؟
هذه الآلام هي كناية عن تقلّصات في الرحم، يتمثّل علاجها في مانع للحمل هرموني ودواء مضاد للتقلّصات ومضاد للإلتهابات. وتنتج هذه الحالة من مشكلات عضوية، لعلّ أبرزها التلييف (اندوميتريوز) أي وجود غشاء الرحم بطريقة غير طبيعية خارج المنطقة
المخصّصة له.
وتصيب هذه الآلام المرأة خلال الأيام الأولى من الدورة، نظراً إلى معاناتها من تقلّصات على مستوى أسفل الرحم، وهي آلام عضلات الرحم المتقلّصة لإفراز البويضة التي كانت غير صالحة. وتنصح المرأة في اعتماد مغاطس المياه الساخنة للعلاج.
ما هو الخلل الذي يحصل أثناء الدورة الشهرية؟
يحصل هذا الخلل على مستويين، هما: كمية النزيف ووقت الدورة.
كمية النزيف (اوليغومينوريه) أي الطمث القليل، وهي خصوصية ناتجة عن كمية قليلة من الدم الذي ينزف أثناء العادة الشهرية، و(سبانيومينوريه) وهي كناية عن الفترة الطويلة الفاصلة بين العادة والأخرى والتي تتخطّى 45 نهاراً، علماً أن المشكلة قد تنتج عن ارتباط هاتين المشكلتين وأسبابهما وإمكانية علاجهما.
أما في حالات النزف الشديد خلال فترة زمنية قصيرة، والذي غالباً ما يكون خارج الدورة الشهرية، فيعود السبب إلى جرح عضوي. وهنا، يكمن العلاج حسب وجود الجرح داخل الرحم، ومن الممكن أن يتمّ من خلال عملية جراحية كلاسيكية أو بواسطة المنظار أو أخرى أكبر، وقد تقتضي الحاجة إلى إزالة كل الرحم.