لم يعد السرطان رديفاً للموت كما كان الحال قبل سنوات، ولم يعد رعباً يتجنّب الناس النطق باسمه أو الخوض بسيرته! فقد توصّل العلماء إلى علاجات ناجعة تعطي المصاب فرصة الشفاء التام
أو العيش لسنوات غير قليلة، ولكن وفق شروط أهمّها الفحص الدوري والتشخيص المبكر والتنبّه لأي عارض غير طبيعي أو تغيير يحدث في الجسم.
«سيدتي» تستعرض أحدث 5 إنجازات علميّة في مجال علاج السرطان:
المفعول السحري للـ «أسبرين»
وجد باحثون في جامعة «نيوكاسل» البريطانية أن تناول عقار «الأسبرين» يومياً قد يقلّص نسبة الإصابة بسرطان القولون الى حوالي النصف بين من لديهم استعداد للإصابة. وتتبّع الباحثون ألف حالة لأشخاص مصابين بـ «متلازمة ليـنــتــش» Lynch syndrome، وهو مرض وراثي يجعل المصاب به أكثر عرضةً لأمراض سرطان القولون والمستقيم والمعدة والمخ والكبد والرحم، وجرى تقسيمهم الى مجموعتين: أعطيت المجموعة الأولى حبوباً تحتوي على نسبة من «الأسبرين»، فيما لم تعط المجموعة الثانية هذه المادة. وبعد أربعة أعوام من تناول «الأسبرين»، ظهرت ست حالات من الاصابة بسرطان القولون من المجموعة الأولى مقابل 16 حالة من المجموعة الثانية.وكانت دراسات سابقة قد أكدت على أن تناول «الأسبرين» يومياً يزيد من احتمال نجاة المصابين بسرطان القولون والذين تم علاجهم بالجراحة والعلاج الكيميائي بنسبة تصل الى حوالي 30%. ولكن الخبراء يحذّرون من تناول «الأسبرين» بدون استشارة الطبيب. وفي هذا الصدد، يؤكد هنري سنوكروفت من «جمعية أبحاث السرطان» في بريطانيا على الآثار الجانبيّة التي قد يتركها «الأسبرين» على جسم الإنسان، كتهيّج المعدة والأمعاء إذا لمّ يتم تناوله بإشراف الطبيب.
إستهداف الخلايا الجذعية
طوّر فريق طبّي من جامعة أكسفورد آليةً علميةً جديدةً لاستهداف الخلايا الجذعية للورم السرطاني من أجل التخلّص منه بشكل نهائي. ويعتقد عدد من العلماء أن خطورة السرطان تكمن في هذه الخلايا الجذعية التي قد تمتلك القدرة على مقاومة العلاج الكيميائي التقليدي، مما يجعلها بذوراً لأورام جديدة. وقد توصّل الفريق إلى إيجاد أسلوب جديد للمعالجة عن طريق فصل الخلايا الجذعية للسرطان وزرعها في المختبر ومراقبتها وفحصها ودراستها وايجاد العقاقير المناسبة للقضاء على السرطان من جذوره. وفي هذا الصدد، صرّح الدكتور تريفور يونغ الذي يقود فريق البحث «أن هذه الطريقة هي واحدة من المحاولات الحثيثة للتوصّل إلى طرق جديدة لعلاج السرطان، وأنّها أكثر فاعلية من الطريقة التقليدية التي يحاول الأطباء من خلالها البحث عن الخلايا الجذعية والتعرّف عليها وأخذ خزعة من المريض، وهي طريقة صعبة وغير مضمونة النتائج».
علاج جديد لسرطان الثدي
لم يعد سرطان الثدي مرضاً مميتاً بالضرورة، بعد أن نجح العلماء في السيطرة عليه، خصوصاً عند اكتشافه في مراحله الأولى لأن الإهمال وعدم التنبّه إلى أي تغيير يحدث في الثدي يمكن أن يعطي لهذا المرض الفرصة كي يتحوّل إلى ورم كبير يصعب استئصاله قبل الخضوع للعلاج الكيميائي.ولعلّ أبرز المستجدّات في علاج سرطان الثدي نوعاً جديداً من العقار يدعى «تراستوزوماب» Trastuzumab توصّل إليه مؤخراً فريق من الباحثين في المعهد الوطني للسرطان في روما يمكن تعاطيه بالتزامن مع العلاج الكيميائي.وقد تمّت تجربته على مجموعة من المتطوّعات وأثبت نجاحه في 71% من الحالات، إذ ساعدهن في البقاء على قيد الحياة بدون أن يعود الورم الى أجسامهن مرّة أخرى. وقد نجحت الاكتشافات الجديدة التي توصّل إليها العلماء في معالجة سرطان الثدي في تقليل نسبة الوفيّات بين المصابات حتى وصلت الى 17% تقريباً.
حذار من الاكتئاب
جاء في الدراسة الأخيرة التي قام بها فريق من الباحثين في جامعة «يال» Yale University أن الإجـهـــــاد النفسي في درجاته العالية يمكن أن يكون سبباً في الإصابة بمرض السرطان لأنّه قد يرسل اشارات الى الجسم تحفّز الخلايا على تكوين الأورام السرطانية. ويبحث الفريق في الحالات المختلفة التي يمكن أن يمرّ بها الإنسان وتكون سبباً للإجهاد النفسي، من بينها: الإجهاد الجسماني والإجهاد العاطفي والالتهابات وبعض أنواع الأمراض. ويأمل الفريق أن يساعد هذا البحث في ايجاد علاجات ناجعة للسرطان في المستقبل القريب.
ومن جهة أخرى، توصّل فريق بحث من جامعة «برتش كولومبيا» British Columbia الى حقائق علمية تؤكد على أن الاكتئاب قد يزيد من احتمال وفاة المصابين بالسرطان. وأوصى فريق البحث بضرورة مراقبة الحالة النفسية لمرضى السرطان ومحاولة تجنيبهم الوصول الى مرحلة الاكتئاب. وقد جاء في البحث الذي أُجري على عيّنة مؤلّفة من 9417 مصاباً بالسرطان أن نسبة الوفاة ارتفعت بين من يعانون من الاكتئاب بنسبة تتراوح ما بين 25% الى 39% حسب شدّة الحالة التي يعانون منها قياساً بالمرضى الذين لا يعانون من الاكتئاب.
الكشف المبكر لسرطان الرئة
يؤكد الأطباء دائماً على أن الاكتشاف المبكر لسرطان الرئة يمكن أن يضاعف نسبة الشفاء التام لدى المريض. ومن هنا، تأتي أهميّة ما توصّل إليه العلماء مؤخّراً من تطوير آلية جديدة لتشخيص الاصابة بالمرض عن طريق فحص الزفير الذي يطلقه المريض والتقاط بعض الجزيئات ممّا يعرف بالمركبات العضوية المتطايرة (في أو سي) والتي ترتفع نسبتها لدى مرضى السرطان. وبذا، يمكن اكتشاف الاصابة بالمرض مبكراً، في حين لا يمكن اكتشاف المرض من خلال أشعة «أكس» سوى في مرحلة متأخرة. ويأمل الباحثون في تطوير الجهاز بحيث يكون أقل تكلفة وأصغر حجماً ويسهل استعماله في عيادات الأطباء من أجل تشخيص هذا المرض الذي تكثر الاصابة به لدى المدخنين والذي لا يتم اكتشافه عادة الا في مراحل متأخّرة حيث لا تزيد نسبة الاكتشاف المبكر عن 15%، فيما يساعد هذا الجهاز في زيادة هذه النسبة الى 86%. ومن المؤمل تطويره كي يساعد في الكشف عن أنواع أخرى من السرطان.