نفّذت شرطة مكافحة الإرهاب الفرنسيّة عمليّة مداهمة – فجر يوم أمس الأربعاء في ضاحيّة "سان دوني" شمالي باريس- لبناية تحصّن بها بعض الإرهابيين المتورّطين في الاعتداءات الدموية التي وقعت الجمعة الماضي بباريس والتي ذهب ضحيتها 129 قتيلاً وأكثر من 352 جريحاً عدد كبير منهم في حالة حرجة.
وأسفرت العمليّة – وفق ما ذكرته وسائل الإعلام الفرنسيّة - عن مقتل شخصين أحدهما امرأة فجّرت نفسها، وهو أمر يحدث للمرّة الأوّلى في فرنسا، وتوقيف سبعة أشخاص بينهم ثلاثة كانوا داخل الشقّة، كما جرح خمسة من أفراد الشرطة جروحاً خفيفة.
وخلال العمليّة التّي كانت محفوفة بالكثير من المخاطر والتّي تواصلت سبع ساعات وعندما تقرّر الهجوم على الشقّة المتحصّن في داخلها الإرهابيّون أرسلت الفرقة المكلّفة باقتحام المكان كلبة مدرّبة على اكتشاف الألغام لتتقدّمهم نحو الهدف ولتنبّههم – من خلال الشمّ - لوجود متفجّرات.
ووفق التدريبات التّي تلقّتها نفّذت الكلبة الأوامر بانضباط، وحالما لمحها الإرهابيّون أطلقوا عليها وابلاً من الرّصاص وأردوها قتيلة في الحال.
وما إن انتشر خبر موت "ديازال" - وهذا اسمها - حتى اهتزّت فرنسا كلّها حزناً عليها وقد نعاها رجال الشرطة في نص يقطر لوعة وتعاملوا مع هلاكها وكأنّها أحد أفراد الفرقة وأشادوا بشجاعتها، وفي الحال نشأت عديد الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي في "الفيس بوك" و"هاشتاق" تحمل اسمها تعبيراً عن الأسى والحزن الشّديد لموتها، وهناك من أطلق عليها نعت "البطلة"، وأظهر ملايين الفرنسيّين تعاطفاً كبيراً مع هذه الكلبة التي وصفوها بـ "الجندي" وكتبت مواطنة فرنسيّة في نصّ رثاء أشادت فيه بـ "ديازال قائلة: "إنّ هذه الكلبة ماتت من أجل أن ننعم نحن بالأمن والأمان".
وقال مواطن آخر: "إنّ ديازال ماتت من أجل فرنسا". وطالب البعض في تدوينات وتعليقات بأن يتمّ مستقبلاً وضع حاميّات من الرّصاص على صدور كلاب الشرطة التّي تشارك في المواجهات. ومن أطرف التعليقات وأغربها ما كتبته مواطنة فرنسيّة قائلة: "نامي في سلام يا أختي!"، والكثير من التعليقات تقدّم فيها أصحابها بالتّعازي لفرقة مقاومة الإرهاب في موت "ديازال".
وأثارت هذه الموجة من التعاطف جدلاً في فرنسا فقد ارتفعت أصوات قليلة لتقول إنّ في هذا مبالغة خاصّة فيما يخص فتح حساب على "تويتر" تحت اسم: "أنا كلب" تعبيراً عن التعاطف والحزن لموت "ديازال"، ولكن الردود كانت كثيرة جداً وقد كتبت -على سبيل المثال - امرأة تقول: "إنّ من يسخرمن حزننا على موت "ديازال" لا يعرف إخلاص هذه الحيوانات في أدائها للمهمّات التّي تقدّمها في مساعدة رجال الحماية المدنية مثلاً لإنقاذ الأحياء القابعين تحت الرّكام أثناء حدوث الزّلازل"، ودوّن مواطن آخر ما يأتي: "هذه الكلبة أسهمت في مهمّات سابقة كثيرة وكان لها دور في إنقاذ أرواح بشرية فتحيّة احترام وتقدير لها".
والأكيد أنّه ستقام لـ "ديازال" مراسم دفن وستوضع على قبرها رخامة تخليداً لتضحيتها وستسند لها الدولة الفرنسيّة وساماً اعترافاً بالخدمة التّي قدّمتها علماً، وأنه سبق منح أوسمة لكلاب شرطة أحياء تقديراً لخدمات قدمتها.
و"ديازال" عمرها سبع سنوات، وقد كتب فرنسي في رثائها مدونة أشاد فيها ببطولتها وقال: "بعض الحيوانات تنجز في سبع سنوات من عمرها من الأعمال الجليلة ما لا ينجزه بعض الرّجال في سبعين عاماً!".