تطلق عبارة «القاتل الصامت» على ارتفاع نسبة «الكوليسترول السيئ» LDL في الدم. لذا، يجدر البحث عن معدّلاته في الفحوص، لأن هذه المشكلة قد تحتاج إلى سنوات لتظهر عوارضها على الجسم، وتؤدي في مراحل متقدّمة إلى الإصابة بالذبحة القلبية والجلطة الدماغية والقصور الكلوي. وحين تتفاقم، يبلغ المصاب حالة الخَرَف Vascular Dementia المشابهة للـ «ألزهايمر».
وبصورة عامّة، إن النساء أقلّ عرضة لارتفاع نسبة «الكوليسترول السيئ» لأن الهرمونات النسائية تساعد على رفع معدّل «الكوليسترول الجيد» وتخفّض إلى حدّ ما «الكوليسترول السيئ».
«سيدتي» سألت الاختصاصية في طب العائلة ورئيسة «الجمعية اللبنانية لطب العائلة» الدكتورة نجلا اللقيس عن هذا الداء، الذي تعزّز الأنماط الحياتية الحديثة من تفاقمه، في الحوار الآتي نصّه:
- ما هي أبرز الأسباب المؤدية إلى ارتفاع نسبة «الكوليسترول السيئ» LDL في الدم؟
يحتلّ العامل الوراثي رأس اللائحة، تليه العوامل المتعلّقة بطريقة الحياة أي الخلل في التوازن بين الطعام والحركة. وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أن غالبية الأعمال تتطلّب من ممتهنها البقاء جالساً لمدّة 8 ساعات يومياً، كما أن الوجبات الغذائية بمجملها غنيّة بالدهون وشبه خالية من الخضر والفاكهة، حتى أن عادات الضيافة في المنزل قد تبدّلت، فبعد أن كانت تتشكّل من الفاكهة، تمّت الاستعاضة عنها بالحلوى والعصائر الجاهزة الغنيّة بالسكر.
- ما هو الفارق بين «الكوليسترول» والدهون الثلاثية Triglycerides؟
يعتبر كلّ من «الكوليسترول» والدهون الثلاثية أنواعاً من الدهون الهامّة لجسم الإنسان، إلا أن ارتفاع نسبتهما في الدم يؤدي إلى الإصابة بأمراض خطرة، أبرزها: تصلّب الشرايين، سواء شرايين القلب أو الشرايين الأساسية التي تغذّي الدماغ والشرايين الدقيقة في الدماغ أو الشرايين التي تغذي الكلى أو شرايين شبكة العين أو شرايين الأطراف، بالإضافة إلى مشكلات في الكبد.
ويمكن لارتفاع نسبة الدهون الثلاثية Triglycerides أن يؤدّي أيضاً إلى مشكلات في البنكرياس.
الارتفاع المزدوج
- هل يمكن أن ترتفع نسبتهما في آن واحد؟
يمكن أن تكون نسبة أحدهما مرتفعة أو نسبة الإثنين معاً، خصوصاً لدى من يعانون السمنة والعوامل الوراثية في هذا المجال. وبالطبع، يقود الارتفاع المزدوج إلى أخطار مزدوجة.
ويذكر، في هذا المجال، أنه من الممكن أن تصبح هذه المخاطر أعلى 3 مرّات عندما تكون نسبة الدهون الثلاثية و«الكوليسترول السيئ» LDL مرتفعة ونسبة «الكوليسترول الجيّد» HDL منخفضة.
- في أي سنّ تجدر مراقبة «الكوليسترول» لدى الأشخاص العاديين، وأولئك الذين لديهم تاريخ عائلي مع المرض أو مع السمنة؟
للذكور، تستهلّ المراقبة من سنّ 35 عاماً وما فوق بغضّ النظر عن وجود أي عامل خطر، أمّا للإناث فبعد انقطاع الطمث. ولكن، عند وجود عامل خطر واحد، تجدر مراجعة الطبيب مهما بلغت السنّ. وتتمثّل عوامل الخطر، في: التدخين والسكري وارتفاع ضغط الدم والوزن الزائد. أمّا بشأن التاريخ العائلي أي معاناة أحد الأقارب من ذبحة أو جلطة قبل سنّ الخمسين للأقارب الذكور وقبل الستين للأقارب الإناث، فتجدر مراجعة الطبيب بصورة مبكرة.
ومن الأفضل أن يجري هذا الفحص بعد صيام 8 ساعات عن الطعام، فإذا جاءت النتائج ضمن المعدّلات الطبيعية، يُكرّر هذا الفحص مرّة كل 5 سنوات، أمّا إذا جاءت نسبة «الكوليسترول» مرتفعة فمن الطبيعي أن يبدأ العلاج الذي يتمحور حول الحمية الغذائية وممارسة الرياضة، ويمكن أن يشمل تناول الدواء حسب مستوى «الكوليسترول» والدهون الثلاثية. ثم، يعاد الفحص بعد مدّة معيّنة يحدّدها الطبيب.
- ما هي المعدّلات المثالية لكل شريحة عمرية؟
يجب ألا يتجاوز مستوى «الكوليسترول» العام 200mg/dl لدى جميع الفئات العمرية من الذكور والإناث، أمّا مستوى «الكوليسترول السيئ» LDL فمن الأفضل أن ينخفض عن 130mg/dl، علماً أن ثمة دراسة حديثة تشير إلى أنّه من الأفضل أن ينخفض عن 100mg/dl. وبالمقابل، يجب ألا يتجاوز مستوى «الكوليسترول السيئ» لدى مرضى السكري وتصلّب الشرايين 70mg/dl.
وفي الموازاة، يجب أن يتجاوز معدّل «الكوليسترول الجيّد» HDL 45mg/dl لدى الرجال و55mg/dl لدى النساء.
- إلى أي مدى يساهم ارتفاع «الكوليسترول الجيد» في الدم في خفض نسبة «الكوليسترول السيئ» وحماية الجسم من الأخطار الصحيّة؟
لا يمكن التعميم في هذا المجال لأن كلّ مصاب يشكّل حالةً مرضيةً خاصّةً، فالتدخين على سبيل المثال يساهم في تحويل «الكوليسترول الجيد» إلى سيئ من خلال الكبد، بالإضافة إلى عوامل كثيرة أخرى تتمثّل، في: نسبة الحركة ونوعية الطعام وحركة الأيض في كل جسم. لكن، بصورة عامّة، يساهم ارتفاع نسبة «الكوليسترول الجيّد» في حماية الجسم من بعض الأخطار الصحية. لكن، يجب ألا يُفهم من ذلك أن هذا الارتفاع يحمي الجسم في حال وجود ارتفاع آخر في نسبة «الكوليسترول السيئ».
غسيل «الكوليسترول»
- ما هو «غسيل الكوليسترول»؟ ومن يستفيد من هذه العمليّة؟
يتمّ غسيل «الكوليسترول» في المستشفى، وهو مخصّص لحالات «الكوليسترول» المرتفعة للغاية أي تلك التي تتجاوز نسبتها 500mg/dl ولا تستجيب للعلاجات العادية، وهي بالطبع حالات نادرة للغاية ووراثية في غالبية الأحيان. ويجب إعادة هذا الغسيل كلّ فترة، إلا أن عدد الجلسات يرتبط بكل حالة على حدة.
- ما هي طرق الوقاية الأساسية؟
تكمن الوقاية، في: التوقف عن التدخين بأشكاله كافة والقيام بنشاط جسدي يومي، مع التركيز على تحريك الجزء السفلي من الجسم (القدمين)، علماً أن كل شخص بغضّ النظر عن إصابته بارتفاع معدّل «الكوليسترول السيئ» يحتاج إلى ساعتين ونصف الساعة من الرياضة الأسبوعية على الأقل.
أمّا بالنسبة للغذاء فمن المهم مراقبة كمية السعرات الحرارية التي تدخل الجسم يومياً، والوزن وحجم الخصر خصوصاً، وهذا الأخير يجب ألا يتجاوز 88 سنتيمتراً لدى النساء و102 سنتيمتراً لدى الرجال لأن محيط الخصر أو الدهون التي تتراكم في البطن هي الأكثر خطورة على الجسم. وفي هذا الإطار، يجب الانتباه إلى نوعية الطعام من خلال الإكثار من تناول الخضر والفاكهة والتخفيف من المأكولات الدسمة على أنواعها وخصوصاً الحلويات، علماً أن الوقاية حتى في ظل وجود العامل الوراثي تعتبر جزءاً من العلاج ويمكن أن تشكّل العلاج بحدّ ذاته.
وتجدر الإشارة إلى أن الأفراط في تناول الدهون غير المشبعة (زيت الزيتون أو المكسّرات النيئة) يؤدي إلى زيادة الوزن نظراً إلى غناها بالسعرات الحرارية، إلا أن تناولها بكميات قليلة يعتبر مفيداً للغاية.
- ما هي أبرز العلاجات الحديثة؟
تعتبر عائلة أدوية «ستاتين» Statins الأكثر فعالية لعلاج نسبة «الكوليسترول» المرتفعة، لأنها تعمل على تخفيف نسبة «الكوليسترول السيئ» LDL وحماية جدران الشرايين من التصلّب. كما توجد أدوية أخرى ك «نياسين» Niacin التي تخفض «الكوليسترول السيئ» وترفع «الكوليسترول الجيد» وعائلة Ezetimibe، ويتمّ اللجوء إلى هذين العلاجين مع «ستاتين» بصورة عامّة، وبمفردهما في حال وجود موانع طبية للاستعمال الأول، وهي نادرة إجمالاً.
أمّا بالنسبة للدهون الثلاثية فتعتبر عائلة Fibrates الخيار الأوّل للعلاج، وقد تستعمل عائلة Resins.
وتجدر الإشارة إلى أن العلاجات المستعملة للدهون عامّة، مهما كان نوعها، قد تؤثّر على خفض مستوى الدهون الأخرى.