قالت إحدى الدراسات: إن أكثر ما يقتل الإنسان من الداخل، هو الشعور بتأنيب الضمير عند ارتكاب خطأ يؤذي به الآخر؛ فربما يرتكب إنسان جريمة ولا تكتشف، ويمكن أن يبقى مرتكبها دون عقوبة، ولكن إذا كان يملك ضميراً حياً؛ فإن التأنيب الذي يشعر به يعتبر من أقسى العقوبات على الإطلاق، ولذلك يقول علماء النفس بأن الشعور بثقل الضمير بعد ارتكاب الأخطاء، يمكن أن يمزق الإنسان من الداخل، ويمكن أن ينعكس ذلك على الصحة العامة أيضاً؛ فتبدأ الأمراض بالظهور بشكل مفاجئ، دون معرفة الأسباب المباشرة، ولكن ينكشف فيما بعد أن تأنيب الضمير هو الذي يقف وراء كل ذلك.
يؤدي إلى الانتحار
تأنيب الضمير بشكل قوي جداً، ربما يكون دافعاً قوياً لارتكاب الانتحار، وبخاصة بين صفوف النساء؛ فمن المعروف، طبقاً للدراسة التي أشارت إلى أن الإحصائيات العالمية تؤكد أن نسبة 7% من النساء اللاتي يشعرن بتأنيب ضمير قوي، يرتكبن الانتحار؛ لعدم القدرة على التحمل، وبخاصة إذا كان الخطأ الذي ارتكبنه لا يمكن البوح به لأحد.
سلاح بيد الرجل
إن عدداً كبيراً من الأزواج يستخدمون تأنيب الضمير كسلاح ضد المرأة للوصول إلى غايات على المدى القصير أو الطويل، ولكن ذلك يعتبر خطيراً جداً، أي أن لجوء الزوج إلى جعل زوجته تشعر بتأنيب الضمير، يمكن أن يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها؛ فهو يستخدم سلاح تأنيب الضمير ضدها في أمور كثيرة، مثل توبيخها دائماً بسبب عدم معرفتها الطبخ، أو عدم معرفتها تزويق نفسها لتبدو جميلة له، أو توبيخها لأنها لا تجعله يتمتع بممارسة العلاقة الحميمية معها.
فالرجل يستخدم سلاح تأنيب الضمير من أجل الحصول على الممارسة الحميمية من المرأة؛ فإذا لم تكن مستعدة لهذه العلاقة؛ فإنه يلجأ لممارسة سلوكيات تجعلها تشعر بتأنيب الضمير، مثل: العبوس، ورفض تناول الطعام، ورفض الخروج معها، والتعبير عن الغضب، وإلى ما هنالك من أساليب كثيرة.
وبرأي الدراسة، أن هذا السلاح يراد منه أيضاً أن تسير العلاقة الزوجية بحسب رغبة الرجل الذي يستخدمه، ونصحت المرأة بالانتباه إلى هذه الناحية، ومحاولة معرفة إن كان الزوج يستخدم سلاح تأنيب الضمير ليكون المتحكم بجميع الأمور في العلاقة الزوجية؛ فالتأنيب المتواصل للمرأة يمكن أن يسلبها شخصيتها، أي تصبح عديمة الشخصية أمام زوجها وأمام الآخرين، ومن أسوأ الأمور على الإطلاق في هذا الموضوع، هو توبيخ الزوج لزوجته أمام الآخرين بسبب مظهرها غير اللائق، أو انتقاد الطعام الذي أعدته للضيوف.
يسيء للعلاقة الزوجية
هناك حدود للشعور بتأنيب الضمير يجب عدم تجاوزها؛ لأن التجاوز يعني عذاب النفس والروح، يمكن أن نشعر بتأنيب الضمير لأجل مؤقت عند ارتكاب الأخطاء الصغيرة التي لا تلحق الأذى بالآخرين، ولكن هناك نساء يشعرن به بشكل قوي تجاه أمر لا يستحق، وذلك يؤدي إلى إضعاف العلاقة الزوجية.
تأنيب مبرر
هناك حالات يمكن أن يكون الشعور بتأنيب الضمير حيالها أمراً مبرراً، ومبرراً جداً؛ فالخيانة الزوجية للمرأة تجعلها تشعر بأن تأنيب ضميرها يقتلها، وفي هذه الحالة يمكن أن تطلب الطلاق، أو الاعتراف بذلك لزوجها لرؤية النتائج، ولكن حتى الاعتراف والطلاق لا يستطيعان، بحسب قول الدراسة، إزالة شعورها بتأنيب ضمير قوي، ربما يستمر معها إلى الأبد، حتى وإن تزوجت من رجل آخر ومر كل ذلك من دون أن ينكشف.
يدمر الثقة
إن الشعور بتأنيب الضمير يمكن أن يدمر الثقة المتبادلة بين الزوجين، أي أن الرجل قد يلجأ إلى خيانة زوجته لمعرفته بأنها لن تصدق ذلك، ولكن من ناحية أخرى، بحسب قول الدراسة؛ فإن المرأة قد تفقد الثقة بزوجها عندما تشعر بأنه ينتقد كل شيء؛ لكي يجعلها تشعر بتأنيب الضمير.
فالتأنيب يهاجم الجانب النفسي للآخر بشكل مباشر ويؤذيه، وهو الأمر الذي يؤدي إلى الشعور بالدونية أيضاً؛ فالانتقادات المستمرة تولد مزيداً من تأنيب الضمير عند المرأة، وهو الأمر الذي يجعلها تفقد الثقة بنفسها وبالآخرين حتى يصل الأمر إلى فقدان الثقة بزوجها؛ فهي قد تصل إلى حد تفكر فيه بأنه إذا كان زوجها يحبها بالفعل؛ فلماذا يلجأ إلى انتقادها طوال الوقت؟ إنه سؤال مشروع للمرأة؛ لأن الحب يعني التسامح.
عنف ضدها
تأنيب الضمير هو شعور إنساني؛ فمن يشعر به، يحاول أن يفعل المستحيل من أجل تفادي ارتكاب الأخطاء الكبيرة، ولكن استخدامه كسلاح لتعذيب الآخر، لا يعتبر دليل حب على الإطلاق، وهو يمثل نوعاً من العنف ضد المرأة، والعنف لا يعني فقط الإيذاء الجسدي؛ لأن إيذاء النفس يعتبر عنفاً أيضاً.
وأكدت الدراسة على أن استخدام تأنيب الضمير كسلاح، يتضمن حتماً النية لإيذاء الآخر وجرح مشاعره؛ بل وكسر قلبه، كما أن اللجوء إلى استخدام هذا السلاح، يعني النية في تعذيب الآخر.
من يستخدم تأنيب الضمير كسلاح؟
وجدت الدراسة أن من يستخدم تأنيب الضمير كسلاح، هم الرجال الذين يشعرون بأنهم مهددون؛ فقد يشعر الرجل بأنه مهدد لأن زوجته لا تعتني به كثيراً؛ علماً بأن الأمر ربما يكون عكس ذلك، كما أن الذين يستخدمون تأنيب الضمير ضد المرأة هم الذين لا يشعرون بأنهم محبوبون من قبل الآخرين، وكذلك الذين لا يتمتعون بقوة الشخصية؛ لأن الرجل الذي يتمتع بقوة في الشخصية، لا يضيع وقته بالتفاهات والقيل والقال لجعل زوجته تشعر بتأنيب الضمير.
كما أن بعض الرجال الذين يعانون من عقد نفسية في الصغر، ربما يلجأون إلى استخدام تأنيب الضمير كسلاح؛ لأنهم هم تعرضوا لمثل هذا الضغط النفسي عندما كانوا أطفالاً.