لم تخلق الحياة على وتيرة واحدة من الأحداث، بل شاء المولى أن تتعاقب تلك الأحداث على البشر كتعاقب الليل والنهار والفصول حتى أن القلوب نفسها والعقول بأفكارها تتحول وتتغير وتتبدل مع الوقت، ولعل في الأمر رحمة وحكمة، فلولا وجود عكس المعنى لما كان ولما أدركنا لأي كلمة معنى، وفي نهاية كل عام يقف كل منا مع ذاته متدبراً ومتأملاً في أحداث عامة وتأثيرات تلك الأحداث عليه لتكون العبرة والعظة.
في التحقيق التالي سألنا بعض السعوديين عن تجلي معنى الآية الكريمة " إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" في حياتهم العام الماضي، ونقلنا لكم بعض التجارب المليئة بالعبرة:
الموقف الأول: غصة النصب
يخبرنا الإعلامي السعودي مشعل العتر عن أبرز مواقف 2015 التي مر بها عندما قرر اقتحام مجال التجارة ودخول سوق العقارات قائلاً: "بداية كانت الأمور جيدة، ثم فجأة تعرضت لعمليات خيانة ونصب لم أكن أتوقعها، مما جعلني أتكبد خسائر مالية ومعنوية رهيبة جعلتني أمر بفترة عصيبة لا يمكن تصورها، فالشعور بمرارة النصب وغصة الخسارة ليس سهلاً، إلا أنني في ذلك الوقت استعنت بالله وقمت بترتيب أوراقي من جديد ومحاولة الخروج من المأزق تدريجياً حتى تحسنت الأمور كثيراً وانتعشت وبدأت أجني ثمار مجهودي وكلي أمل لمزيد من التقدم والازدهار خلال الأيام القادمة".
الموقف الثاني: وهم المرض ومخافة الموت
وتخبرنا الطبيبة السعودية والرياضية والغواصة مريم فردوس عن أبرز المواقف التي تعرضت لها في 2015، والتي جعلتها توقن أن مع العسر يسرا، حيث تقول: "مرضت إحدى صديقاتي، وعندما ذهبنا للأطباء شخصوا مرضها بأنه مرض التصلب اللويحي، والذي يعد من الأمراض الخطيرة التي تصيب الجهاز المناعي، ويصيب بدوره الجهاز العصبي للبالغين بعد سن العشرين في أغلب الأوقات، مما أصابها بحالة شديدة من الحزن والكآبة، وكان أكثر ما يحزنها هو عدم تأكد الأطباء من تشخيصها، ورغم ذلك كان عليها أن تبدأ في العلاج لمنع تأثر جهازها العصبي، وقد استمعت من الكثيرين حول المرض وعلاجاته وأكثرت من العلاجات الشعبية رغبة في الشفاء، إلا أنها قررت أن تبدأ في العلاج الطبي مع المداومة على شرب ماء زمزم بغية الشفاء، وبعد عدة أشهر تأكد الأطباء من خلال الفحوصات والتحاليل من عدم إصابتها بهذا المرض المناعي، بل وجود التهاب عارض في الجهاز العصبي أدى إلى أعراض مشابهة لهذا المرض، ولازلت أذكر وجهها عندما أبلغها الطبيب بذلك، لاسيما بعدما تأكدنا أنها ستعيش حياتها بشكل طبيعي وأنه لا خوف عليها من ذلك المرض بحول الله".
الموقف الثالث: مرارة الوشاية والحقد
أما الكاتب السعودي عماد اليماني فيقول: "كان لي تعاون ثقافي مع إحدى المؤسسات في إحدى الدول العربية خلال عام 2015، وقد حققت معها نجاحاً كبيراً ولله الحمد، ولكن لابد من دفع ضريبة النجاح، حيث تسبب ذلك بظهور بعض الحاسدين والحاقدين الذين عملوا على التشويش بيني وبين بعض الزملاء في الوسط وقللوا من قيمة هذا النجاح، مما أثر سلباً على مسيرتي، وبلا شك أصابني ببعض الضيق النفسي، ولكن بفضل الله تعاونت مع آخرين وبإصراري نجحت وحققت الانتشار، وأثبت أن النجاح لا يقف عند أحد بل نحن نصنعه".
الموقف الرابع: الخوف من الفقد
أما منال درويش الموظفة بالقطاع الخاص فقد تعرضت العام الماضي لصدمة تخبرنا عنها قائلة: "كانت لدي صديقة منذ أيام الطفولة كنا سوياً على الحلوة والمرة كما يقولون، ولكن فجأة بدأت تطرأ عليها تغيرات جسدية غير مفهومة، وصارت خاملة بلا حيوية، فسافرت إلى لندن لإجراء بعض الفحوصات، وعادت دون إخباري بشيء، وبدأت تغيب عني كثيراً حتى سمعت مرة عن طريق الصدفة من والدتها أنها مصابة بالسرطان، وأنها تخضع للعلاج الكيماوي دون نتيجة، وحينها انهرت تماماً خوفاً وحزناً عليها، وما زاد مرارتي اختفاؤها المفاجئ وعدم تمكني من الوصول إليها، لكنني لم أيأس وبحثت لها عن علاجات من الطب البديل حتى وجدت من يدعي أنه يستطيع علاج حالتها، فصرت أبحث عنها لأحاول إقناعها وزرع الأمل فيها من جديد، وفعلاً قمت بأخذها للمعالج بعد عناء، وكانت المفاجأة أن جسمها استجاب لتلك الأعشاب بشكل إيجابي، مما جعل معنوياتنا تتغير كثيراً للأفضل، وصار كلنا أمل للوصول إلى الشفاء التام".