بات العنف ضد الأطفال يختبئ في بعض السلوكيات التي تصدر من الآباء دون وعي منهم في ما يشكله من جوانب سلبية تندرج تحت أساليب العنف على الأطفال، فلا يقتصر العنف ضد الأطفال على الإساءات الجسدية من ضرب وغيره، بل قد ينشأ بسبب إجبار الأطفال من قبل الآباء على الصوم في الأعمار الصغيرة قبل سن البلوغ، مما يترتب عليه سلبيات على نفسية الطفل.
في ما يلي يكشف الممارس المعتمد في العلاج الأسري وتأهيل ضحايا العنف والإيذاء الأخصائي الاجتماعي ومستشار الإرشاد العائلي أحمد أبوشامة عن كيفية تعويد الطفل على الصيام مع البعد عن ممارسة العنف عليه:
مفهوم الصيام عند الكبار لا يتناسب مع الأطفال
شهر رمضان له شأن عظيم ووقع كبير في نفوس المسلمين، ومن الأمور المهمة التي ينبغي أن نعتني بها في هذا الشهر الفضيل الصيام الذي يلزم المؤمن بالإمساك عن الأكل والشرب منذ طلوع الفجر حتى غروب الشمس، وإذا قسنا مفهوم الصيام لدى الكبار بالنسبة للأطفال، فإن هذا المفهوم لا يتناسب مع الطفل الصغير ابتداء من فترة الرضاعة وحتى سن العاشرة على أقل تقدير.
فالطفل في هذا العمر يحتاج إلى الغذاء بشكل رئيسي لنمو عقله وبقية أجزاء جسمه مع الأخذ بالاعتبار أن الصغير غير مكلف من الناحية الشرعية بالصيام، ولا يجب عليه الصوم، كذلك لا يمكن إلزامه به مادام في هذه السن، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثلاث"، وذكر منهم الصَّبِى حَتَّى يَبْلُغَ، ولهذا يمكن للوالدين تعويد أطفالهما على الصيام ابتداء من سن العاشرة وحتى مرحلة البلوغ على فترات متفاوتة لمعرفة مدى تحمل أجسادهم لذلك حتى لا تتدهور صحتهم، كما يجب مراعاة التدرج في تدريب الأطفال على الصيام.
إلزام الآباء للأطفال بالصوم تصرف مذموم
إذا كان تدريب الأطفال على الصيام أمر مستحب، فإن إلزام الوالدين لأطفالهما بالصوم أمر غير محمود نهائياً، فقد يؤدي بهم ذلك إلى الإضرار بأجسادهم وأبدانهم أو انحرافهم سلوكياً بشكل يدفعهم إلى تناول المفطرات سراً والتظاهر بالصيام، مما يعلمهم الكذب والخيانة والسلوكيات السيئة، واستمرار ذلك معهم طيلة الحياة، وعدم احترام هذا الفرض الديني أو كرهه، ولكن يمكن تشجيعهم على الصيام عندما يصبح الطفل قادراً عليه وفيه قوة ورغبة ولا يشكو من أي أمراض مزمنة أو اضطرابات فكرية ونفسية، وإلا فيمهل الطفل حتى يشتد عوده ويقوى جسده، ولا حرج في منعه من الصيام عندئذ.
أضرار إجبار الطفل على الصوم
تتمثل الأضرار في ما يلي:
• الحرمان من الطعام يؤدي إلى سوء التغذية، والذي تؤكد الدراسات أنه السبب الرئيسي في جعل الأطفال خاملين وغير قادرين على التركيز، ودرجة الفهم لديهم بطيئة جداً، وذاكرتهم ضعيفة، وفي ممارسة الألعاب تبدو عليهم أعراض النقص الشديد في التوافق الحركي والعضلي.
• الكذب، حيث يدفع إجبار الطفل على الصيام إلى تناول الطعام من دون علم الآباء، والكذب والخداع في إظهار صومه بالكامل.
نتائج إجبار الطفل على الالتزام بالعادات الدينية
حين يكبر الأطفال الذين يتعرضون للإيذاء القمعي أو غيره تحدث لهم آثار نفسية واجتماعية سلبية تجعلهم غير قادرين على التعايش المجتمعي السوي بسبب الإجبار على ممارسات التعاليم الدينية دون رفق أو لين.