العالم العربي أحمد زويل، صاحب جائزة نوبل في الكيمياء، يرحل عن عمر ناهز سبعين عاما تاركاً ميراثاً علمياً كبيراً.
قلائل هم الذين يستطيعون في زمننا هذا ملء المدرجات بالشباب. جاؤوا من كل حدب وصوب للاستماع إلى رؤية ثاني المصريين الحائزين على جائزة نوبل.
أحبوا بساطته وتواضعه، وثراء حكايته وغزارة معلوماته، التي تسيل كالماء المتدفق دون توقف، ليأتي بالأمس الخبر الحزين: «توفي العالم المصري أحمد زويل».
غادر أحمد زويل عالمنا في الولايات المتحدة الأمريكية عن عمر يناهز السبعين عاماً، بعد صراع دام ثلاث سنوات مع سرطان النخاع الشوكي، إلا أن ما أسعد محبي زويل قليلاً هو وفائه وحبه غير المحدود لوطنه مصر، حيث كشفت زوجته د. ديما عن وصيته التي قال فيها: «ادفنوني في مصر».
كسب زويل محبة الشعب المصري كاسراً عادة ابتعاد العامة عن العلماء والمثقفين، لقد استطاع ذلك الرجل بابتسامته التي لم تفارق وجهه أبداً أن ينزل إلى كل شرائح المجتمع المصري والعربي، فأحبه الأمي قبل المتعلم والفقير قبل الغني، وهذا ما دفع الجميع إلى نعيه على صفحات التواصل الاجتماعي وفي مقدمتهم النجوم مثل أنغام وفيفي عبده ونشوى مصطفى وهند صبري.
ولد أحمد زويل في مدينة دمنهور الواقعة شمال مصر، درس الكيمياء في جامعة الإسكندرية ثم سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لاستكمال دراساته العليا حيث حصل على شهادة الدكتوراه في علم الليزر، التي أهلته للعمل أستاذاً في جامعة بنسلفانيا.
قدم د. أحمد زويل أبحاثاً مهمة في الكيمياء والفيزياء، ما أهله للعمل باحثاً في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا حتى أصبح مدير معمل العلوم الذرية، وأستاذ رئيسي لعلم الكيمياء الفيزيائية، وأستاذاً للفيزياء في هذا المعهد، وهو أعلى منصب علمي جامعي في الولايات المتحدة الأمريكية، هذا بالإضافة إلى عمله كأستاذ زائر في أكثر من عشر جامعات حول العالم.
لم يكتف زويل بذلك، بل ابتكر نظام تصوير يعمل باستخدام الليزر الذي له القدرة على رصد حركة الجزيئات عند نشوئها وعند التحامها بعضها ببعض، والوحدة الزمنية التي تلتقط فيها الصورة هي «فيمتو ثانية» التي تعتبر جزءاً من مليون مليار جزء من الثانية، ما ساعد الأطباء لاحقاً في الكشف عن العديد من الأمراض بسرعة. وبسبب هذا الكشف العلمي الكبير حصل أحمد زويل في عام 1999 على جائزة نوبل في الكيمياء.
حصل أحمد زويل على قلادة النيل العظمى التي تعتبر أعلى وسام مصري، كما أطلق اسمه على بعض الشوارع والميادين في مصر، وأصدرت هيئة البريد طابعين بريديين باسمه وصورته، وأطلق اسمه على صالون الأوبرا المصرية. ليس ذلك فقط بل ورد اسمه في قائمة الشرف بالولايات المتحدة الأمريكية التي تضم أهم الشخصيات التي ساهمت في النهضة الأميركية.
وفي عام 2009 عينه الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مجلس مستشاري الرئيس الأمريكي للعلوم والتكنولوجيا إلى جانب عشرين عالماً آخرين، كما تم تعيينه أول مبعوث علمي للولايات المتحدة الأمريكية إلى دول الشرق الأوسط.
لم تكن حياته الشخصية عائقاً في مسيرته العلمية، بل ساندته زوجته طبيبة الصحة العامة ديما وأولادهما الأربعة، حتى رحل أحمد زويل عن عالمنا، تاركاً إرثاً علمياً كبيراً، ومحبة لا يتوقف نبضها مع مرور الوقت؛ لإيمانه بأن العرب قادرون على فعل المستحيل.