يهتم الأهل كثيراً بالعلامات التي يحرزها الطِّفل ويجعلونها المقياس الوحيد لمدى تفوُّقه وذكائه، في حين أنَّ من أهم أهداف التربية هو إنتاج أفراد مبادرين مبتكرين ومستكشفين ومبدعين، فكيف تنمِّي الإبداع لدى طفلكِ دون تأثير على مستواه الدراسيّ؟
أخصائيَّة الصحَّة النفسيَّة وتعزيز المهارات عائشة الهفيف توضِّح أنَّ الأهل يخطئون بالإصرار على وضع طفلهما في قالب محدد على أن يكون صورة مصغَّرة منهم، ويرسمون قواعد لحياته المستقبليَّة، متناسين ميوله وقدراته وأفاق إبداعه التي يمكن أن تصل إلى ما لم يصلوا هم إليه.
وأضافت: من سمات الطِّفل المبدع
لقد بيَّنت الدراسات التي شملت تاريخ المبدعين تمتّعهم بالأماكن المتقدِّمة أثناء الدراسة، وتمسُّكهم بالمراكز الأولى خلال حياتهم الدراسيَّة، لكن هذه القاعدة لها ما يخالفها، فقد وجدت بعض الدراسات أنَّ من مشاهير المبدعين من عانى تعثراً دراسياً أثناء طفولتهم أمثال المخترع أديسون الذي استدعي والده لتسلّمه من المدرسة لعدم كفاءته في الدراسة.
واستطاع العلماء من خلال جهودهم في مجال رصد وتنمية الإبداع تحديد عدد من الصِّفات التي تميِّز الطِّفل المبدع منها ما يلي:
• الطِّفل المبدع شديد الانتباه لما يجري حوله, وعندما تعترضه مشكلة ما دائماً تجد لديه حلولاً مبتكرة, وهو سريع البديهة وحسن التصرُّف، ويشارك في اتخاذ القرار وصنع الأحداث، وله بصمة فيما يشارك فيه من عمل، وله حضوره الاجتماعيّ.
• يتميِّز الطِّفل المبدع برغبته في الجديد، وعزوفه عن المطروق من الأفكار، فهو في بحث دائم عن كلّ ما هو جديد ليس بالنِّسبة للآخرين فحسب، بل بالنِّسبة له كذلك، ولا يجد أيّ صعوبة في هجر الأفكار القديمة، واستبدالها بأخرى جديدة إذا رأى ذلك مناسباً.
• يتسم بعدد غير محدود من الميول كالرسم والقراءة والتجارب العلميَّة، وهو لا يمل، وقد يقضي الساعات في البحث والتنقيب.
• وجد أنَّ الأطفال المبدعين يتمتَّعون في الغالب بقدر عالٍ من الذكاء عند إخضاعهم لمقاييس الذَّكاء أكثر من غيرهم من الأطفال الآخرين، كما وجد أنَّ الأطفال الذين لديهم قدرة إبداعيَّة عالية يميلون إلى أنشطة اللعب بصورة أكبر من غيرهم من الأطفال العاديين.
• تسيطر على الطِّفل المبدع رغبة شديدة في استكشاف الأشياء من حوله، ومحاولة التعرُّف عليها، وهو كثير الأسئلة, ولا يهدأ له بال حتى يتقصَّى عمَّا يشغله، ويميل لفك وتركيب الأشياء بهدف اكتشاف محتوياتها.
• الطِّفل المبدع يميل إلى الاستقلال، ويتمسك برأيه ويدافع عنه، ويرفض التبعيَّة، في حين لا يجد غضاضة في التحوُّل عن رأيه إذا رأى ذلك مناسباً.
تنمية الإبداع
يعتقد البعض أنَّ الذكاء موروث بنسبة 80%، بينما يرى آخرون أنَّه مكتسب، وتؤكِّد الأخصائيَّة على أنَّ الذكاء تختلف نسبته من شخص لآخر بحسب اهتمام الأمَّهات بأطفالهنَّ، حيث تساعد الرعاية على رفع درجة ذكائهم، وزيادة مهارة القراءة والذاكرة لديهم, لافتةً إلى أنَّ إرضاع الأطفال من قِبَل أمهات حنونات يزيد حجم منطقة "الهايبوكامباس" في دماغ الأطفال، وهي منطقة مسؤولة عن الذاكرة والتعلُّم.
وبالطَّبع دور الأم لا ينتهي عند هذا الحد في ما يخص الذكاء، فالأم اللاعب الرئيسيّ في تنمية الإبداع لدى طفلها بحيث أنَّ هناك أنشطة تنمِّي الذكاء يجب على الطِّفل أن يمارسها بتشجيع من الأم بشكل خاص، وهي:
• إتاحة الفرصة للطِّفل أن يتحدَّث عن نفسه وعن أفكاره، ويقوم بذكر أكبر عدد من الأشياء التي تستحوذ على اهتمامه وتفكيره, فأوَّل طريق الإبداع هو الثِّقة بالنَّفس، والقدرة على التعبير, ومناقشة الأفكار.
• اللعب معه بعض الألعاب القائمة على التخيل، مثل: تخيُّل أنكِ ودميته في نزهة أو في رحلة، أو أن ترفعي سماعة الهاتف الحقيقيّ وتتظاهري بأنَّك تتحدَّثين إليه أثناء رفعه هاتف اللعبة، أو تقليد أصوات الحيوانات وربطها بصورتها، ثم الطَّلب من الطِّفل أن يصدر صوت الحيوان الموجود بالصُّورة.
• القصص لها تأثير ساحر على تنمية قدرات التخيُّل، فهي تستثير ذهن الطِّفل وتستحوذ على اهتمامه وانتباهه، ولابدَّ من أن تكون القصص هادفة بحيث تدعو الطِّفل للتفاعل مع أحداثها وأبطالها.
• الاهتمام بالرسم وتوفير الخامات والأدوات الخاصَّة به، حيث يعدُّ الرسم أحد الوسائل الفعَّالة للتعبير عن ما لا يستطيع الطِّفل أن يعبِّر عنه شفهياً، كما أنَّه وسيلة للتعافي النفسيّ بتفريغ المكبوتات والتخلُّص من ما يحزنه عن طريق الرسم.
• تعدُّ الألعاب التي تتميَّز بالفك والتركيب كالمكعبات مثلاً من الأشياء الهامَّة جداً لتنمية قدرة الطِّفل على الابتكار وتنمية التفكير الإبداعيّ لديه, فهو من خلال نفس القطع يستطيع بإعادة تشكيلها خلق أشياء جديدة لم تكن موجودة من قبل، فتتولَّد الأفكار، وتكون تلك الألعاب محفِّزة له على الابتكار والإبداع.
• النكت والأحاجي لهما دور أساسيّ في توسيع خيال الطِّفل وتصوراته, وهي تشكِّل مثيرات لدى الطِّفل للتخيُّل والقدرة على التعبير الشفهيّ، مما يؤدِّي إلى تنمية قدراته على الفهم والاستيعاب والطَّلاقة اللغوية والتعبير بتقاسيم الوجه، كما تؤدِّي إلى تنمية قدرته على توليد أفكار وابتكارها والربط بين الأحداث.
• الحرص على إشراك الطِّفل في الأنشطة المدرسيَّة، مثل: المسرح المدرسيّ، أو المنافسات الرياضيَّة، أو مسابقات الفنون، للتعرُّف بشكل أفضل على ميوله والمجالات التي يمكن أن يبدع فيها.
كيف تربين طفلاً مبدعاً؟
- أطفال ومراهقون
- سيدتي - فاطمة عمر
- 09 سبتمبر 2016