في أيامنا هذه يلجأ البعض للحج السريع، وقوف بعرفة، تعجل في الجمرات، طواف وعودة للبلاد، لكن هل تعلمين أن رحلة الحج كانت تستغرق- من الإمارات والعودة- عاماً كاملاً؟ وأن العائد من الحج كأنه وُلِدَ من جديد أو رجع من ساحة حرب؟
عبد الله المطيري- المستشار في التراث بهيئة الثقافة والتراث في دبي- يقول عن الحج «زمن أول»: كان عدد الحجاج قليل جداً ليس لقلة المؤونة، بل لمشقة السفر، وتظل الأسرة ممتنعة عن الاحتفال بالعيد حتى يرجع الحاج، ويطول الانتظار وبمجرد عودته تقام الولائم وتشيع البهجة، ليس فقط في الأسرة، بل في الحي كله، وترفع راية خضراء على بيته، ليعلم الناس أن فلاناً رجع سالماً من الحج، ولاحقاً كان يرفع علم الإمارة التي يتبعها، حتى انقرض هذا التقليد».
السر في ذلك- يضيف المطيري- أن الأهل لا يتوقعون عودة الحاج سالماً، يتخوفون من إصابته بمكروه أو حتى وفاته خلال الرحلة، وكثيرون ماتوا، بعضهم مات في الحج ولم يرجع، وبعضهم مات عقب عودته، وكان الحاج يتمتع بمكانة اجتماعية رفيعة هيبة ووقاراً.
كان الحجيج يركبون البحر من الإمارات للبحرين أو للدمام، ثم يركبون لوريات للحجاز، أو يركبون الهجن، وكانوا عرضة للسرقة أو للإيذاء من قطاع الطرق.
أحد الحجاج وصف الرحلة قبل وفاته- حسب رواية المطيري- قائلاً: «ركبنا في مركب تجاري من دبي إلى جوادر-(جزيرة في البحر تتبع باكستان)، ومنها إلى كراتشي، ثم بومباي، فمسقط، ، ثم عدن، فالحديدة، وأخيراً جدة فالحرم، واستغرقت رحلة الذهاب فقط 6 أشهر».
ولا يختلف السفر بالبر كثيراً، فلو استغرقت الرحلة براً أو بحراً عاماً كاملاً- ذهاباً وإياباً كان الحاج محظوظاً.
أما الهدايا التي كان يحضرها الحاج الإماراتي فلا تختلف كثيراً عن هدايا غيره من حجيج بقية الدول، مسواك ومسباح وجحفية، ومناظر للحرمين والمشاعر تدار في صندوق بلاستيكي صغير، وقليل من ماء زمزم.